أكد الخبير في القانون الدستوري وعضو مجلس الأمة الأستاذ بوجمعة صويلح، أنّ عملية تعديل الدستور المرتقبة تندرج في إطار المواصلة التدريجية لمسار الإصلاحات السياسية الشاملة التي أقرها رئيس الجمهورية تماشيا مع التقاليد التشريعية المعمول بها. مجددا دعوته لضرورة توسيع مجال الرقابة البرلمانية لجعلها تتماشى والخارطة الدستورية الجديدة. وأوضح الأستاذ بوجمعة صويلح في ندوة صحفية نشطها أمس بمنتدى جريدة "الوسط" بالعاصمة، بحضور أساتذة ومحامين وطلبة، أن التحضيرات التي تقوم بها لجنة الخبراء المكلفة بإعداد مشروع تعديل دستور، تصبّ في مجموع الرؤى السياسية التي ساهمت في الاستشارات القانونية السابقة لأعضاء في البرلمان، إلى جانب تشكيلات سياسية وشخصيات وهيئات المجتمع المدني. واعتبر السيد صويلح في هذا السياق، أن هذه اللجنة ستراعي الحفاظ على التوازن الواضح والدقيق مع انسجام مبسط، لاسيما فيما يخص الفصل الجامد بين السلطات وتحديد المسؤوليات لضمان الاستمرارية الدستورية وصون دعائمها حماية للمكتسبات الديمقراطية للبلد. مشيرا إلى احتمال التوجه أكثر نحو تفعيل البعد التقني والقانوني في مراجعة الدستور بما يضمن العمل بروح الدستور الحالي. ومن جهة أخرى، طالب المتحدث بضرورة منح مجلس الأمة المزيد من الصلاحيات في إطار تعديل الدستور واقتراح القوانين والتشريعات، مع الالتزام بتطبيق مبدأ الجزاء على نتائج الرقابة البرلمانية على أعمال السلطة التنفيذية، بشكل يفضي في الأخير إلى إمكانية اللجوء الى حل البرلمان إذا استدعى الأمر ذلك- على حد تعبيره- معتبرا أن المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة على حد سواء، لا يتمتعان بالصلاحيات والحرية اللازمتين لممارسة مهمام الرقابة البرلمانية واقتراح النصوص القانونية في هذا المجال. وشدّد المحاضر على أهمية احترام الجميع مهما كانت مسؤولياتهم لأحكام الدستور ومواده، مطالبا بتطبيق أقصى العقوبات على كل من يمتنع عن تطبيق نصوصه. وفي سياق متصل، اعتبر الخبير في القانون الدستوري، أنّ استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية بمهمام محددة أمر حتمي، باعتباره إجراء يتم اللجوء إليه في حالات الاستخلاف على وجه العموم، مشيرا إلى ضرورة تمتع شاغل منصب الوزير الأول بالأغلبية البرلمانية، وبحكومة تعمل على تنفيذ برنامج عمل مصادق عليه من قبل البرلمان بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة). وفي الأخير، عبّر المحامي عن أمله في أن تتوج عملية مراجعة الدستور الحالي بقراءة متأنية جديدة للواقع الدستوري في الجزائر بتحليل أعمق، لضمان التماسك الدستوري والتوازن المؤسساتي بين الهيئات السياسية التابعة للدولة. ودعا إلى إشراك جميع الفاعلين المعنيين بعملية تعديل الدستور لإثراء المقترحات السياسية والنقاشات، وبلورة رؤية موحدة عن هذا المشروع السياسي الهام في تاريخ الجزائر السياسي، موضحا أن توسيع دائرة النقاش والمشاورة بين مختلف الأطراف، من شأنه الخروج بأفكار وآراء متقاربة تهدف لتثمين هذا المسعى الديمقراطي. وللإشارة، فقد شغل الأستاذ صويلح بوجمعة (عضو مجلس الأمة) منصب رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة، حيث يعد خبيرا في القانون الدستوري، إلى جانب مزاولته لمهنة المحاماة. كما يشتغل أستاذا محاضرا في القانون بكلية الحقوق ببن عكنون (الجزائر العاصمة).