ليس هناك رغبة لدى الأجانب في مغادرة البلاد بعد حادث تيڤنتورين فند وزير الطاقة والمناجم، السيد يوسف يوسفي، أمس، بالجزائر العاصمة، بشكل قاطع، وجود إرادة لدى بعض المؤسسات الأجنبية في مغادرة الجزائر، بعد الاعتداد الإرهابي على المنشاة الغازية تيڤنتورين في جانفي الفارط، والذي أثار تخوفات بشأن تأمين المواقع النفطية في الجزائر. وإذ أبدى تفهمه للتخوف الذي عبرت عنه هذه الشركات بعد هذا الحادث المأساوي، فقد كذب السيد يوسفي في ندوة صحفية عقدها، أول أمس، لعرض آفاق تطوير القطاع، ما أوردته بعض وسائل الإعلام بخصوص اعتزام هذا الشركات مغادرة البلاد بالقول، إنه من الطبيعي والمشروع أن تبدي هذه الشركات قلقها وتطلب تعزيز الظروف الأمنية، و«مع ذلك لم تعبر أبدا عن رغبتها في المغادرة". وذهب الوزير أبعد من ذلك، عندما أشار إلى أن هناك مجمّعات نفطية أخرى ذات سمعة عالمية تتفاوض حول إمكانيات الشراكة مع سوناطراك". مضيفا في هذا الصدد، أن "القلقين هم ربما المناولون الذين يعملون مع مجمعي بريتش بتروليوم وستاتويل". وفي رده على سؤال حول تأجيل مشروعين غازيين من طرف بريتش بتروليوم، بعد أن طالبت سوناطراك بضمان ظروف أمنية قصوى بعد الاعتداء، أوضح الوزير، أن الجزائر راجعت كلية الترتيبات الأمنية لمواقعها النفطية بعد هذا الحادث المأسوي، الذي راح ضحيته 37 رهينة أجنبية وجزائري. وفضل السيد يوسفي، بعث رسالة تطمينية للشركاء بالقول إن "هناك تصورا جديدا في مجال الأمن، وغالبا ما يتوجه الشركاء إلى الميدان ليقفوا بأنفسهم على طبيعة هذه الترتيبات". وكان مصدر مقرب من الملف، قد أعلن يوم الخميس الماضي، أن سوناطراك لم تخطر رسميا بقرار بريتش بتروليوم تأجيل مشاريع إن صالح وإن أمناس، حيث طلب بريتش بتروليوم من شريكه الجزائري، توفير ظروف أمنية ناجعة لمواصلة استثماراته في الآجال المحددة. من جهة أخرى، أكد وزير الطاقة والمناجم، أن الجزائر تتوفر على الإمكانيات لإعادة تشكيل احتياطها من المحروقات، بالرغم من تراجع بعض الحقول المستغلة منذ 50 سنة، مما أدى إلى انخفاض في إنتاج النفط. وأوضح، أن هذا التراجع "عادي" بالنسبة لحقول ظلت مستغلة على مدار عشريات من الزمن، لكن ما يبعث الكثير من الأمل حول المستقبل الطاقوي للبلد، هي الاكتشافات التي تمت خلال السنوات الأخيرة والتي سمحت باستغلال حقول جديدة وإعادة تشكيل احتياطي الجزائر. وبلغة الأرقام، ذكر الوزير بحفر 66 بئرا سنة 2012، حيث سمح ذلك بتحقيق 13 اكتشافا، مضيفا أن هذه الجهود ستتواصل سنة 2013 من أجل حفر 130 بئرا. مشيرا في هذا السياق، أن شركة سوناطراك تحصلت مؤخرا على مؤشرات بخصوص حقول نفطية هامة تقع بحاسي الرمل، وإن تأكدت هذه المؤشرات، ستحقق الجزائر أهم اكتشاف للمحروقات منذ 50 سنة. ومن أجل رفع احتياطها، تعمل شركة سوناطراك كذلك على تحسين نسبة الاسترجاع لحقل حاسي مسعود، الذي يعد أكبر حقل نفطي للجزائر بقدرة إنتاج تقدر ب400.000 برميل يوميا. وبعد أن أشار إلى أهداف القطاع في مجال البتروكيمياء، أوضح السيد يوسفي، أن مخطط التنمية الذي تم إعداده لهذا الصدد، يعد "ثورة حقيقية" بالنسبة لهذا الفرع، من خلال تجديد مركب سكيكدة، حيث سينجز المشروع بالشراكة مع مؤسسة أجنبية تم تحديدها من أجل إنتاج البلاستيك والبوليتيلان والبوليفينيل كلورور (بي-في-سي) ومواد كيميائية أخرى ضرورية للصناعة، ويقدر هذا الاستثمار ب15 مليار دولار. وفي مجال تكرير النفط، ستقوم محطات التكرير التي عينت في مخطط عمل الحكومة بمضاعفة قدراتها في التكرير، مما سيغطي احتياطات الجزائر من الوقود في آفاق 2040. وذكر السيد يوسفي، أن عملية إنجاز هذه المصانع ستنطلق هذه السنة، على أن يتم إتمامها في آفاق2018. وبخصوص الغاز الطبيعي المميع، ستقوم سوناطراك انطلاقا من هذه السنة، بتشغيل وحدتين بأرزيو وسكيكدة بطاقة إنتاجية تقدر ب4,5 مليون طن سنويا لكل منهما، ومع دخول هاتين الوحدتين حيز العمل، ستصل قدرة الجزائر في مجال تمييع الغاز إلى 35 مليار متر مكعب سنويا. وفي سياق حديثه عن طاقة لا تقل أهمية عن البترول ألا وهي الطاقة النووية، أكد السيد يوسفي، أن الجزائر تعتزم إنشاء أول محطة نووية لها سنة 2025، من أجل مواجهة الطلب المتنامي على الكهرباء. مشيرا إلى أن "معهد الهندسة النووية الذي تم إنشاؤه مؤخرا، سيشرف على تكوين المهندسين والتقنيين الذين سيكلفون بتشغيل هذه المحطة". وكانت الجزائر قد أعلنت في نوفمبر 2008، عن نيتها في إنشاء أول محطة نووية لها سنة 2020، وتوقعت بأنها ستقوم ابتداء من ذلك التاريخ بإنجاز محطة نووية جديدة كل خمس سنوات. وكان السيد يوسفي، قد صرح في مارس 2011، أنه على الجزائر أولا أن تحل ثلاثة مشاكل موضوعية لإنجازها، والتي ترتبط بأمن المنشأة في مكان إنجازها وتوفر موارد هامة من المياه، مؤكدا أن الجزائر تتوفر على احتياطات كافية لتشغيل محطة نووية. وقد عرف الطلب على الكهرباء زيادة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، حيث تراوحت بين 15 و20 بالمائة، حسب الأرقام التي قدمها الوزير، في عرضه حول قطاع الطاقة الذي سبق الندوة الصحفية. وسيقوم القطاع سنة 2013، بتشغيل قدرات إنتاج إضافية بطاقة 2500 ميغاواط، لاسيما بعد تشغيل محطة كدية الدراوش التي سترفع العرض الوطني من الكهرباء إلى 12500 ميغاواط.