سرب نادر من شعراء بلادي تألّق وصدح للوطن، شعراء تفتّحت أعينهم على نور الاستقلال فزيّنوا حدائق الحرية بأجمل ما ترنم به هذا الوطن من شعر وهو يحتفل بالذكرى الواحدة والخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية، زبير دردوخ، لخضر فلوس، حليمة قطاي، رابح ظريف، إبراهيم صديقي، سليمان جوادي وعز الدين ميهوبي وضمّ هؤلاء البلابل المتحف الوطني للمجاهد في أمسية شعرية تحت شعار “وطن يزهر الكلمات” نظّمها المجلس الأعلى للغة العربية مساء أول أمس، أعلن خلالها رئيسه عز الدين ميهوبي أنه سينقل نشاطاته الثقافية شهر رمضان إلى المتحف الوطني للمجاهد . استهل الأمسية الشاعر الفحل الذي طالما صدح على المنابر الشعرية داخل الوطن وخارجه، الشاعر المتألق زبير دردوخ ليكون أول بلبل يغني على دوح متحف المجاهد، وكان شعره ينزف أسى ويقطر دما ودموعا لما حصل ويحصل في عالمنا العربي، فقرأ من ديوانه الذي ما يزال في طور التكوين ولم يدخل بعد ردهة المطابع الديوان الموسوم ب«تقول زوجتي” ومما قالته له في هذه الأمسية كما أخبرنا قوله : «تقول زوجتي بأنّني من الإخوان لأنّني ضيّعت سلطتي على اللصوص والفلول والفنان وأنّني اعتزلت ساحة النضال وانخرطت في تزيين البيت والجدران ...تقول زوجتي كما الأسد لأنّني زعمت أنّني أحد تضيف زوجتي بأنّني معقد وخائن أب وجد “ ولم تقتصر مساءلة زوجة دردوخ على هموم الأمة العربية وما يحدث لها، بل راحت تستنطقه بعنفوان الثورة وتحثه على الإبحار بسفائنه إلى مبدأ الشمس، حيث يتوضأ بالضياء ويتطهر فقال: “عيد الكرامة تدنيه بشائره وتستعيد ماضيه حواضره يا قامة المجد مرسوما على لغتي زخما على المجد ترميني ذخائره ما زال لي وطن في الحلم أنشده حتى..طيور المجد حناجره صهيل جرحك في القلب ألملمه لكن لا تفيق الذكرى تخامره” من جانبه، الشاعر المتميز الذي حوّل القفار حقولا والظمأ أنهرا وسيولا، والسباخ المالحات جداول، الشاعر لخضر فلوس الذي أبحر بنا في رحلة سندبادية فقال : “خرجت من الزبد المطهّر أطهرا ورنت إلى الصدف الجميل فأبحرا ومضت إلى الشط الجميل يحفها سرب الملائك بالجناح مطهرا “ وبعد هذه الرحلة الجميلة، صدح الشاعر لخضر فلوس بقصيدته “أشعلت وجدك للصباح صباحا”. أما الشاعرة الأوراسية التي سكنتها الأصالة ونخوة الفارس الجزائري وصهيل خيله، حليمة قطاي فغنت : “أنت غيب يتعجّل.. وأنا قدماه أنت زهد بارع في العربدة ..وأنا زبدة كأسك..” أما الشاعر المتألّق المتأنّق رابح ظريف، فقد خاض هو الآخر بسفائنه لجج السياسة فقال : “من صرخة الميلاد للأكفان لي عفّة الكرسي في السلطان لي حكم المجرى يسير في البحر دون قيادته للربّان من حاجة لله حتى رغبتي في الصمت أركض حافي الأوطان لك جنتان ولابن آدم جنة لولاك ما طلب المتوبة جاني” ويبقى الملح والبحر والنهر مكان الإبحار والإرساء، ليأخذنا الشاعر رابح ظريف على قرار جميل أصدره في لحظة شاعرية حين يقول: “أعلن الآن إبحاري أنهرا وسباخ الملح عندي سكرا”. ومن الشعراء المميّزين الذي يعرف كيف يرتل الشعر ترتيلا فيزيده على سحره سحرا، وعلى طلاوته حلاوة متنبي الجزائر، الشاعر إبراهيم صديقي الذي صدح على دوح الشعراء قائلا : “أنا وأنت أغراب العين في الوسن يا أيها الوطن المحروم من وطن” وقوله: “أتيت يشبهك الشيطان الملك ... كأني عندك الملوك والملك” ويخاطب الشاعر وطنه بالقول: “لنفترض أنني طفل وأنت أب.. أترضى أنني أشقى وأكتئب” وينهي متنبي الجزائر صدحاته بقصيدته الرائعة “شرب المكان” التي يقول فيها: “شرب المكان دنا إلي وتمتم سرا وسرّه جل ألا يكتما شق الزمان ودسّ في أيامه عيني واخترق الرواق المظلما وبد له ظلمات وجهي جمة ومضى يبعثر في جبيني الأنجما ومضى يعلمني القراءة وحيه ففهمت كيف الداء يغدو بلسما” أما شاعر الأوتار والعيدان، الشاعر سليمان جوادي فقد اختار من قصائده التي يضمها ديوانه “قال سليمان” قصيدته التي يقول فيها: “لو أنصفوني لمارست الهوى علنا وصنعت منك قصيدا ظل مختزنا لو أنصفوني لكان الحب باخرتي في بحر تطوي الهول والمحنا” واختتم الأمسية الشاعر الرئيس عز الدين ميهوبي بقصيد يقول فيه : “ كالطير أغني.. جريحا أغني .. أغني لأني لأني أفتش عن وطن ضاع مني ...” الأمسية الشعرية التي جاءت في ظل الاحتفال بعيد الاستقلال، جمعت في صداح شعرائها المبنى والمعنى وكلّ الوطن.