كشف وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أمس، أن هوة الخلافات تقلصت بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأنهما أصبحا على مقربة من استئناف مفاوضات السلام بينهما.وأعطى كيري الاعتقاد خلال ندوة صحفية عقدها بالعاصمة الأردنية، أن جهوده المكثفة مكنته من تقليص هوة الخلافات بشكل جدي، مما جعله لا يخفي أمله في أن يتمكن من إقناع الجانبين بالجلوس إلى طاولة مفاوضات واحدة. فهل تنجح مساعي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري هذه المرة في تفعيل عملية السلام، التي دفعته إلى القيام بست جولات كاملة إلى منطقة منذ استلامه مهامه شهر فيفري الماضي، ولقاءات مكوكية بين مختلف الأطراف المعنية بعملية السلام ؟ سؤال يطرح بقوة في ظل الإصرار الذي أبداه كيري لدى تواجده أمس بالعاصمة الأردنية، على إنهاء زيارته إلى المنطقة غدا الجمعة بإعلان عن تفعيل مفاوضات السلام المتعثرة منذ سنوات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. والتقى كيري أمس، بالعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ووزراء خارجية 11 دولة عربية يمثلون لجنة متابعة مبادرة السلام العربية، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ضمن مساعيه الحثيثة الرامية لدفع استئناف عملية السلام. وقال مصدر فلسطيني رفض الكشف عن هويته، إن "وزير الخارجية الأمريكي مصر على إعلان استئناف مفاوضات السلام قبل مغادرته المنطقة"، التي عاد إليها أول أمس في سادس زيارة له إلى الشرق الأوسط منذ توليه مهامه شهر فيفري الماضي، ضمن مسعى لتفعيل العملية السلمية المعطلة منذ سنوات. وأشار المصدر الفلسطيني، إلى إحراز تقدم خلال اللقاء الذي جمع مساء أول أمس الرئيس محمود عباس برئيس الدبلوماسية الأمريكي بالعاصمة الأردنية عمان ودام قرابة خمس ساعات. وبحسب نفس المصدر، فإن كيري قدم لعباس خطة من ثلاثة جوانب سياسية وأمنية واقتصادية متزامنة لاستئناف مفاوضات السلام ستركز في مرحلتها الأولى على ملفي الحدود والأمن، إضافة إلى تضمنها تأكيدا أمريكيا، على أن مرجعية المفاوضات تتم على أساس حدود الأراضي المحتلة عام 1967، من دون أن ترفق ذلك بالتزام إسرائيلي معلن بهذا الشأن، فيما توافق إسرائيل على تجميد غير معلن للبناء الاستيطاني. كما تتضمن الخطة الأمريكية حوافز للفلسطينيين، أبرزها مشاريع اقتصادية ضخمة بقيمة أربع ملايير دولار في الضفة الغربية، بما يشمل المناطق (أ) الخاضعة لسيطرة إدارية وأمنية فلسطينية كاملة و(ب) الخاضعة لسيطرة إدارية فلسطينية وأمنية إسرائيلية وتوسيع نفوذ السلطة الفلسطينية في مناطق (ج)الخاضعة لسيطرة إدارية وأمنية إسرائيلية، إلى جانب إطلاق دفعات من الأسرى القدامى لدى إسرائيل. ويبدو من خلال القراءة الأولية لمضمون الخطة الأمريكية، أنها تتماشى نوعا ما مع مطالب الجانب الفلسطيني الذي يصر على اعتماد مرجعية للمفاوضات على أساس حدود 67 وإطلاق سراح الأسرى وخاصة القدامى منهم. ولكنها منحت هامش مناورة أكبر لإسرائيل، عندما تغض الطرف على عدم إعلان هذه الأخيرة لالتزامها بهذه المرجعية، وهو ما قد تستغله إدارة الاحتلال التي اعتادت على التنصل من التزاماتها حتى تلك الموثقة والمعروفة لدى المجتمع الدولي، فكيف عندما يتعلق بالأمور السرية؟. ثم أن الخطة الأمريكية لم تقدم تسوية نهائية لقضية الاستيطان، بعدما اكتفت بمطالبة حكومة الاحتلال بتجميد غير معلن للاستيطان، وكان الأجدر حمل إسرائيل على وقفه نهائيا باعتباره عقبة رئيسية أمام تفعيل مفاوضات السلام. ويكون هذا الغموض أو بالأحرى النقائص التي تضمنتها الخطة الأمريكية، هي التي جعلت كيري يلتقي مجددا بالرئيس الفلسطيني أمس، في ثان لقاء له قبل لقائه المسؤولين الإسرائيليين. وسيعرض الرئيس الفلسطيني اليوم نتائج مباحثاته مع رئيس الدبلوماسية الأمريكية على القيادة الفلسطينية، للخروج بموقف بشأن خطة كيري المقترحة.