تعيش سفارات الدول الغربية في مختلف الدول الإسلامية حالة استنفار أمني غير مسبوقة، مما استدعى غلقها احترازيا بدعوى وجود تهديدات إرهابية محدقة يكون تنظيم القاعدة العالمي قد وجهها لها بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل. وفي محاولة لتأكيد وجود مثل هذه التهديدات أصدرت عواصم هذه الدول بيانات ”طوارئ” دعت من خلالها رعاياها المتواجدين في هذه الدول بالتقليل من تنقلاتهم إلا للضرورة القصوى بينما حثت الراغبين في التوجه إلى هذه البلدان بعدم السفر إليها حفاظا على حياتهم. وكعادتها فقد كانت الولاياتالمتحدة السباقة إلى اتخاذ هذه الإجراءات الاحترازية قبل أن تحذو الدول الغربية الأخرى حذوها بدعوى أن المصالح الغربية مهددة في أكثر من بلد عربي ومسلم. وعادة ما تلجأ الإدارة الأمريكية إلى اتخاذ هذه الإجراءات ”الوقائية” بناء على تقارير مخابراتية تؤكد في كل مرة بوجود أخطار محدقة بالمصالح الأمريكية والغربية في الدول التي تضطر في كثير من الأحيان إلى غلق سفاراتها فيها لفترات زمنية محدودة. والمفارقة أن حالات الاستنفار التي عادة ما تتخذها الخارجية الأمريكية بناء على تقارير وكالة المخابرات المركزية تنتهي ب«لا حدث” ويتأكد أنها مجرد تحذيرات تضر بصورة الدول التي تشملها قائمة التحذير الأمريكي وبمصالحها مع دول العالم الأخرى. وهو ما يؤكد أن حالة الاستنفار التي تعلنها الولاياتالمتحدة أصبحت روتينية وتدفع إلى التأكيد أنها لا تستند إلى معلومات ذات مصداقية وهو ما عبر عنه رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي، الجنرال مارتن دومبسي، الذي أكد أمس أن المصالح المراد ضربها غير محددة ولكن النية واضحة باستهداف المصالح الغربية وليس الأمريكية فقط. ويكون ذلك هو الذي جعل الخارجية الأمريكية تؤكد أنها تتوقع تنفيذ عمليات إرهابية ضد مصالحها في الدول العربية طيلة شهر أوت الجاري. ولأن الدول الغربية ورغم نشاط أجهزة مخابراتها في الدول الإسلامية إلا أنها عادة ما تنتظر التقارير الأمريكية لاتخاذ قرارات مماثلة وهو ما حصل أمس عندما قررت بريطانيا وألمانيا غلق سفاراتيهما في عدد من البلدان العربية. ويجهل إلى حد الآن متى ستقرر الولاياتالمتحدة ومن بعدها الدول الغربية التي حذت حذوها إعادة فتح سفاراتها بعد أن أكدت الحكومة الأمريكية أنها ستتخذ القرار المناسب بعد دراسة الوضع العام. وجاء القرار الأمريكي مباشرة بعد الدعوة التي وجهها الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى مختلف أجهزة بلاده الأمنية من أجل حماية المواطنين الأمريكيين.