التنمية الاقتصادية مرهونة بتوفر الائتمان للمتعامل الاقتصادي أكد وزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز أمس، بالجزائر العاصمة، أن التنمية الاقتصادية ذات علاقة وطيدة بمدى تنفيذ الأحكام القضائية ولا يمكن تحقيقها إلا بتوفير الائتمان للمتعامل الاقتصادي. وأوضح السيد بلعيز خلال الندوة الدولية الثانية الخاصة بتفعيل الأحكام القضائية من أجل حماية الاستثمار، أن لا تنمية اقتصادية ولا استثمار أو تبادل تجاري دون استكمال الشروط الاساسية التي توفر الائتمان للمتعامل الاقتصادي وتضمن حقوقه. وبعد ان اعتبر لقاء اليوم فرصة لمعاينة تجربة الجزائر في مجال ترقية مهنة المحضر القضائي، قال الوزير أن المنظومة التشريعية للبلاد "باتت توفر للمتعاملين الاقتصاديين والمستثمرين كافة الوطنيين منهم والأجانب على حد سواء جميع الضمانات والامتيازات". وجدد التذكير في نفس المجال أن الجزائر قامت بملاءمة إطارها التشريعي الوطني مع المعطيات الجديدة الناجمة عن التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي عرفته البلاد ولكن ايضا مع المعايير والالتزامات الدولية. وأشار في هذا الصدد إلى صدور 95 نصا تشريعيا وتنظيميا منذ بداية اصلاح قطاع العدالة من بينها 33 قانونا متعلقا بمختلف المواضيع أهمها القانون المدني والتجاري وقانون الاسرة والجنسية والعقوبات والاجراءات الجزائية . وعدد أيضا قوانين خاصة متعلقة بمحاربة الاشكال الجديدة للإجرام وأخرى لضبط الحياة العامة التي من أهمها قانون الاجراءات المدنية والادارية الجديد الذي سيدخل حيز التنفيذ أفريل 2009. ويعكس هذا القانون الأخير حسب السيد بلعيز "بصورة واضحة وجلية مدى الضمانات المتوفرة بمقتضاه"، مضيفا أن نفس القانون "يكرّس تكريسا واضحا وأكثر شفافية الصلاحيات الموكلة للمحضر القضائي في القانون المنظم للمهنة". وأكد أيضا أنه بالقانون الجديد للإجراءات المدنية والادارية وما تضمنه من "صلاحيات واسعة" للمحضر القضائي تكون مهنة هذا الأخير في الجزائر "قد استكملت أسسها ومقوماتها بما يلبي مصالح المتقاضين". ومن جهة أخرى أشار الوزير إلى أن تنفيذ الأحكام القضائية في الجزائر بلغ خلال السنة المنصرمة عبر كامل الوطن ما يقارب 87 بالمئة، مشيرا أنه "ليس من العدل إطلاقا اصدار أحكام تنفيذية لا تعرف طريقها إلى التنفيذ". ونوهّ السيد بلعيز في الاخير بالإتحاد الدولي للمحضرين القضائيين والضباط العموميين الذي يسعى إلى "مد جسور التواصل والتكامل بين الأمم والشعوب من خلال تكثيف التعاون وعولمة التبادل البناء للخبرات والتجارب". وتهدف الندوة التي تنظم تحت شعار: "الفعالية في تنفيذ الاحكام القضائية من أجل حماية الاستثمار وضمان التبادل التجاري"، حسب رئيس الغرفة الوطنية للمحضرين السيد محمد شريف، الى التعريف بالمهنة دوليا وتبادل الخبرات بين الدول وإبراز الجزائر كنموذج. ويشارك في الندوة التي تدوم يومين ممثلين عن حوالي 30 دولة وخبراء من الاتحاد الدولي للمحضرين القضائيين ومحضرين مستقلين وممثلين عن منظمات جهوية ودولية وباحثين جامعيين الى جانب حوالي 1300 محضر قضائي جزائري. ويناقش المشاركون مواضيع ذات صلة بالمهنة التقنية منها والمنهجية والمستجدات التي افرزتها المعطيات الجديدة للمجتمعات وكيفية جعل طرق التنفيذ أكثر ملاءمة وفعالية مع المستجدات الوطنية والدولية . ومن جهته صرح رئيس الاتحاد الدولي للمحضرين القضائيين السيد جاك اينار، ان القانون الاساسي للمحضر القضائي في الجزائر "من أكثر القوانين الاساسية الجديرة بالاهتمام" في المفهوم العام لهذه المهنة . وأكد السيد اينار عند افتتاح الملتقى أن "هياكل مهنة المحضر القضائي في بعض البلدان متطورة نوعا ما". وأضاف " لاشك أن القانون الاساسي للمحضر القضائي في الجزائر هو من أكثر القوانين الاسياسية الجديرة بالاهتمام في المفهوم العام لمهنة ذات طابع حر ومستقل". وقال أيضا أن "الدول ذات النتائج العالية هي الدول التي يرتكز نظامها التنفيذي على وجود محضر قضائي كفرنسا وبلجيكا وهولندا والجزائر وتونس ودول افريقيا الوسطى والغربية". واضاف في نفس السياق أن "القطاعات ذات النتائج الضعيفة هي الدول التي توكل فيها مهمة التنفيذ لأعوان تنفيذ موظفين". وبعد إبرازه أهمية هذا الملتقى، أعرب السيد اينار عن اعجاب مكتب الاتحاد الدولي للمحضرين القضائيين بتنظيم ملتقى دولي بهذه الاهمية على المستوى الافريقي بالتعاون مع الاتحاد الدولي للمحضرين القضائيين. كما أعرب عن أمل منظمته في أن "يكون هذا الملتقى أول ملتقى يفتح المجال لملتقيات أخرى مماثلة يكون ملتقى الجزائر مرجعا لها". وأكد أن "المحضرين القضائيين الجزائريين يتمتعون من الآن فصاعدا بقانون أساسي أكثر مرجعية للمهنة كما انهم حققوا تقدما ملحوظا مع تطوير حضوة كبيرة على المستوى الدولي". وفيما يخص اهمية موضوع الملتقى اشار السيد اينار الى أن "الأمن القانوني يوجد في صلب الاتفاقيات لكن استقلالية القضاء تقتضي ان تكون الاطراف الفاعلة نفسها مستقلة". واضاف في نفس السياق ان "الدولة التي تنفذ فيها قرارات العدالة بالسرعة والنجاعة المطلوبتين تعرض نفسها لكوارث اقتصادية"، مؤكدا أن "النجاعة في تنفيذ قرارات العدالة وهي اذن رهان اساسي بالنسبة لصحة اقتصاد المؤسسات ونفسية عالم الاعمال".