تسارعت الأحداث بخصوص الأزمة السورية، وسط تحركات إقليمية ودولية متواترة، على خلفية الاستعداد لندوة جنيف الثانية، التي تأكد أمس أنها ستعقد يومي 23 و24 نوفمبر القادم. فبينما واصل الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي جولته إلى عواصم المنطقة العربية، تحركت دول ما يعرف ب«أصدقاء سوريا" المؤيدة للمعارضة السورية من جهتها، لتنسيق مواقفها تحسبا لموعد جنيف من خلال عقد اجتماع لها يوم غد بالعاصمة البريطانية لندن. وفي انتظار ذلك، شدد الأخضر الإبراهيمي بالعاصمة المصرية، أنه لا يتصور عقد ندوة سلام لإنهاء المأساة السورية "دون حضور معارضة ذات وزن ومصداقية، وتتمتع بتمثيل واسع في أوساط الشعب السوري". وينتظر أن تعقد أطياف المعارضة السورية بمدينة اسطنبول التركية بداية الأسبوع القادم اجتماعا مصيريا، لتحديد موقفها النهائي من المفاوضات، تباينت مواقف تياراتها بشأن المشاركة في ندوة جنيف والمعارضين لها. ويبدو أن تشتت مواقف هذه المعارضة هو الذي حتم على أحد عشرة دولة عربية وأوروبية أو ما يعرف بأصدقاء سوريا، على عقد لقاء يوم غد الثلاثاء بالعاصمة لندن مع ممثلي هذه المعارضة لإقناعها بضرورة قبول المشاركة في مؤتمر جنيف. وقال وليام هيغ، وزير الخارجية البريطاني، أن لقاء لندن يهدف إلى الإعداد لندوة جنيف وبحث الدعم الواجب تقديمه للائتلاف الوطني السوري المعارض، بينما أكد نظيره الأمريكي جون كيري أمس"أننا نعمل من أجل حلحلة مسار سياسي وإنهاء أزمة مستفحلة". ويوجد كيري بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث سيلتقي اليوم بوزراء خارجية الجامعة العربية قبل لقاء مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس، يتناول أيضا تطورات الملف السوري. وكان أحمد جربا، رئيس الائتلاف الوطني السوري وضع شروطه قبل المشاركة في ندوة جنيف منذ سبتمبر الماضي، عندما ألحّ على ضرورة أن يكون هدفها واضحا وإطارها الزمني محدد مع ضمانات دولية لتنفيذ قراراتها على أرض الواقع. يذكر، أن المجلس الوطني السوري أحد أكبر تيارات المعارضة السورية، سبق وأن أحدث شرخا في صفوف ائتلاف هذه القوى، عندما قرر مقاطعة ندوة السلام، بحجة عدم تحرك المجموعة الدولية لإنقاذ السوريين من جحيم عمليات القتل التي تنفذها قوات الجيش النظامي ضدهم. واعترف نبيل عمرو، الأمين العام لجامعة الدول العربية قبل هذا اللقاء، أن "مشاكل جمّة تعترض مسار تسوية الأزمة السورية يتعين حلها بهدف إنجاحها". ويبدو أن هذه المشاكل لا تخص المعارضة فقط، ولكن أيضا السلطات السورية التي أبانت عن رفضها للموفد الأممي، وأكدت أن الإبراهيمي مرحب به في دمشق ما لم تكن له مواقف منحازة إلى جانب المعارضة. وعكست افتتاحية صحيفة "الوطن" الحكومية موقف دمشق من جولة الإبراهيمي، وقالت إن سوريا وفي انتظار وصوله إلى دمشق بداية الأسبوع قادما إليها من بيروت اللبنانية، فتحت يديها لاستقباله، شريطة أن يتعهد بان يكون محايدا، وأن يتحلى بالمهنية والموضوعية اللازمة كوسيط في الأزمة السورية، وأن لا يعمل كطرف في نزاع دولي. وكان الإبراهيمي تعرض لانتقادات لاذعة في آخر زيارة له إلى دمشق نهاية العام الماضي، عندما وصفته وسائل الإعلام السورية الرسمية ب«السائح الهرم"، بمجرد انتقاده لمسار تسوية الأزمة السورية الذي اقترحه الرئيس بشار الأسد، ولاقى معارضة صريحة من المعارضين له. يذكر، أن الإبراهيمي شرع بداية من أول أمس السبت في جولة جديدة إلى المنطقة العربية، بدأها بالعاصمة المصرية قبل التوجه إلى قطر ثم تركيا وإيران ثم سوريا، قبل التوجه إلى جنيف، حيث سيلتقي بممثلي روسيا والولايات المتحدة اللتين بادرتا بالدعوة إلى عقد هذا المؤتمر، على أمل إيجاد مخرج لأزمة انسدت كل سبل تسويتها طيلة 31 شهرا من اقتتال أراق دماء أكثر من 100 ألف سوري.