تحوّل اللباس التقليدي بعنابة، خلال فصل الشتاء إلى قبلة حقيقية للشباب الباحث عن الأصالة والإنفراد بتقاليد الأهل والأجداد، حيث تعرف محلات بيع القشابية والبرنوس إقبالا واسعا باعتبارها مكسبا قويا يدخل في مكونات التراث القديم، خاصة أنها ترمز للأنفة، العزة والافتخار بأمجاد الماضي، فرغم أن القشابية كانت خاصة بالمسنين والشيوخ، تحولت اليوم إلى قطعة هامة في طلة الشباب، وذلك بعد أن أدخل عليها أصحاب المحلات والحياكة بعض التفصيلات، الموديلات والأشكال التي تميزها لتكون متماشية مع العصر الحالي. محلات مدينة عنابة تتنوع في عرض آخر الموديلات الخاصة بالبرنوس والقشابية، هذه الأخيرة التي فرضت ذاتها بقوة في شوارع بونة المتراصة والضيقة والتي تكاد تروي قصة أبطال الثورة الذين كانوا يعتمدون على القشابية كلباس يحميهم من لسع البرد وحر الصيف. إلا أن للقشابية في أيامنا عدة مزايا، فهناك من يرتديها في الحفلات والأعراس التي تقام في الشتاء، وحتى في السهرات العائلية. ورغم غلاء سعرها لنقص المواد الأولية التي تصنع منها، إلا أن ذلك لم يحرم العائلات الفقيرة والبسيطة من إقتناء القشابية أو البرنوس. فحسب عمي أحمد، صاحب محل لبيع هذا النوع من اللباس التقليدي فإن شباب اليوم لهم رغبة كبيرة في إرتداء القشابية ذات الأشكال والموديلات الفاخرة التي تزيد لباسهم العصري جمالا وبهاءا. ليضيف أن القشابية الوبرية بلغ سعرها 8 ملايين سنتيم، ويعتبر البرنوس الوبري من أغلى الأنواع حيث توجد منه القشابية البيضاء، الحمراء والدرعاء التي تصنع من صوف الأغنام السوداء، وهذا النوع حسب عمي أحمد يستعمله عامة الناس، خاصة منهم الشباب البسيط وأهل البادية، فثمنه لا يتجاوز في أغلب الأحيان 7 آلاف دينار جزائري، وفيما يخص الخياطة قال ذات المتحدث: “هناك الخياطة الرفيعة باستعمال اليد، والثانية عن طريق الماكنة، وهذه الأخيرة تجدها حاضرتًا بقوة في الأسواق الشعبية، نظرا لقوة الطلب عليها، بحكم أنها في متناول الفقير أيضا”. وعلى صعيد آخر، أكد بعض أصحاب المحلات التي تروج للقشابية والبرنوس، أنه بمدينة عنابة تم فتح 12محلا خاصا بحياكة وخياطة هذا النوع من اللباس بواسطة الماكنة، وعليه لم تعٌد خياطاته متوقفة فقط على مدينة مسعد بالجلفة، وهذا دليل على أن الألبسة التقليدية وجدت مكانا لها في المجتمع العنابي، حيث تبقى الأصالة والتراث الجزائري حاضرين بقوة مع تطور العصر والأجيال.