بينما تخيم أجواء التوترعلى دولة جنوب السودان، أين تتواصل الاشتباكات بين القوات الحكومية والعناصر التابعة للمعارض رياك مشار النائب السابق للرئيس الجنوبي، تتصاعد الأصوات المحذرة من دخول البلاد مرحلة حالكة بعد أن أصبحت على شفير هاوية الحرب الأهلية. وكان المعارض مشار جدد دعوته لإسقاط الرئيس سلفاكير ميارديت، وشدد على أنه لن يقبل بمناقشة أي موضوع "باستثناء شروط رحيله عن الحكم". واتهم رئيس جنوب السودان بمحاولة إشعال فتيل حرب عرقية في البلاد، وقال "إذا كان سلفاكير يريد مناقشة شروط رحيله فنحن مستعدون، وفي جميع الأحوال لا بد أن يرحل". ورد جيمس واني إيقا نائب سلفاكير مؤكدا استعداد حكومته للتفاوض مع من أسماهم المتمردين، وذلك خلال ندوة صحفية كشف فيها عن سقوط مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي بيد أنصار مشار، موضحا أن المعارك ما زالت مستمرة لاستردادها. وتعتبر منطقة بور إحدى رموز التنافس الطويل بين سلفاكير ومشار منذ أيام الحرب ضد الخرطوم، وقد اتهمت المليشيات المسلحة - المنحدرة من قبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار - بارتكاب مجزرة عام 1991 في حق مدنيين من قبائل الدينكا (كبرى قبائل جنوب السودان) التي ينتمي إليها سلفاكير، وراح ضحيتها نحو ألفي شخص. دعوة مشار إلى إسقاط سلفا كير ورحيله عن الحكم، قبل الخوض في أي حوار تغير وجه المعادلة وتكشف عن صراع كبير بين الطرفين، قد يهدد البلاد برمته، خاصة مع توسع رقعة المواجهات المسلحة التي لم تعد محصورة في العاصمة جوبا كما بدأت. ووسط هذه التطورات التي خلفت مئات القتلى وأرغمت الالاف على ترك منازلهم وبلداتهم، بدأت تلوح في الأفق ملامح وساطة افريقية، إذ وصل فريق وسطاء يضم ممثلين عن كل من كينيا وأوغندا وإثيوبيا وجيبوتي أرسله الاتحاد الافريقي إلى جوبا لاجراء محادثات. ومع اتساع نطاق الاشتباكات، تنتشر مخاوف من تأثر الشركات والمنشآت النفطية من تلك الأحداث، حيث توقع مسؤول في الأممالمتحدة أن تقوم شركات نفط بإجلاء نحو 200 من عمالها، خاصة إثر مقتل ثلاثة جنود هنود من بعثة الأممالمتحدة في جونقلي. أوباما يرسل قوة عسكرية إلى جوبا ويطلب وقف القتال هذا وأعلن الرئيس الأمريكي إرسال 45 جنديا إلى جنوب السودان، لتأمين أمن رعاياه ومصالح بلاده. وقال أوباما في بيان إن "المعارك الأخيرة تهدد وتغرق جنوب السودان مجددا في الأيام الحالكة التي عاشها بالماضي"، داعيا إلى إنهاء "المعارك الهادفة إلى تصفية حسابات سياسية وزعزعة البلاد". وسبق للسفارة الأميركية في جوبا أن أوقفت أشغالها وأمرت موظفيها غير الأساسيين بالرحيل عن البلاد، وتم أمس الأول نقل نحو 130 شخص.. في هذه الأثناء التي تثير مخاوف كثيرة، حذرت مفوضة الأممالمتحدة العليا لحقوق الإنسان نافي بيلاي من اندلاع نزاع عرقي في جنوب السودان. وبدورها، سجلت منظمة هيومن رايتس ووتش نقلا عن بعض الشهود حالات إعدام لأشخاص بسبب انتمائهم العرقي، وحذرت من "هجمات انتقامية".