يعتبر من المطربين الذين يعرفون جيدا كيف يكسبون الجمهور ويجذبون انتباهه، فإلى جانب جمال صوته، يبرز لديه حسن اختياره للمواضيع الاجتماعية الحساسة التي يعالجها فناننا بطريقة سوسيولوجية، فنية واحترافية تدخل القلوب، تشنف الآذان وتوصل الرسالة كما هي، ظواهر كثيرة نبذها من خلال إنتاجه المنتقى بدقة منها: العنف في الملاعب، التناحر، البغض وغيرها، داعيا إلى التسامح، التآخي والتعاون. كما كان أول من كرم المعلم خاصا إياه برائعة “شكرا أستاذي” اعترافا وتقديرا لمجهوداته المبذولة، وأنتج أغاني خاصة بالأطفال تروي مآسي المجاعة في إفريقيا ضمن ألبومه الذي يشيد فيه بالحب والسلام ويطالب بحقوق الطفل باللغة الفرنسية لتكون سفيره إلى العالمية ويكسب بذلك جمهورا آخر، حوارنا اليوم مع من لقّب بأب الأغنية الرياضية، صاحب أنجح وأشهر أغنية حماسية أهداها للفريق الوطني في مونديال 1982 “جيبوها يا لولاد”، ضيفنا هو المطرب الصادق جمعاوي الذي جمعتنا به هذه الدردشة الخفيفة التي أفضى لنا ضمنها بمساراته وأوجاعه، مشاريعه وآماله ... ما صدى مشروعك الأخير الصادر بالفرنسية؟ الصدى طيب والأغاني لاقت تجاوبا كبيرا واستحسانا كونها حاملة لرسائل إنسانية للمجتمعات العالمية، لكن نبقى دائما في حاجة إلى دعم معنوي ومادي ملموسين لتسير الأمور جيدا، المعروف عني أنني لست من الفنانين الذين يسعون إلى إنتاج ألبومات لغرض مادي، فأنا صاحب رسالة ومشاريعي كلّها تهدف إلى الخير، لست تاجرا والأعمال الخيرية لابد لها من دعم ليعم الخير ويساهم الكل فيه ولو بجزء بسيط...
ما جديد “الصادق جمعاوي”، هل من مشاريع؟ هناك دوما الجديد ومن المشاريع الهامة؛ أغنية وطنية تتغنى بحب الجزائر، ركّزت على العلم الجزائري الذي ضحىّ من أجل أن يرفرف عاليا خفاقا أزيد من مليون ونصف مليون شهيد، الأغنية من كلماتي وألحاني، وهو المشروع الذي ربّما سيجمعني بندى الريحان، مطلع الأغنية يقول: “يا جزائر يا أرض أجدادي مازلني ثاير على الأعادي”... وهناك أيضا ضمن وطنيات: “قضية شعب قضية أمة قضية شرف ثورة عظيمة أرض اجدادي بابا أويما”.
ماذا في جعبتك أيضا يا فنان؟ هناك الحمد والشكر، إذ لدي أغنية فيها موعظة تحمل عنوان “حامد ربي على حالي في كل حال”، أذكّر من خلالها الناقم على حاله بالحمد والشكر في كل الأحوال، وبمساهمة لجنة الحفلات لبلدية عين طاية ودعم من أبناء الشهداء، نحن بصدد التحضير لأوبرات مصغّرة، ستعرض بثانوية طارق ابن زياد في 18 فبراير، بمناسبة يوم الشهيد، تخليدا لمن وهبوا النفس والنفيس من أجل أن تحيا الجزائر، مطلعها يقول: “يا شهيد كيفاش ننساك وصورتك ساكنة فالأذهان أنت غايب واحنا نراك، حاس بروحك في كل مكان”، وبالمناسبة أحيّي لجنة الحفلات لبلدية عين طاية على دفعها ودعمها للحركة الثقافية والفنية في المنطقة...
بما أنّك الملقب بأب الأغنية الرياضية، هل من جديد في هذا المجال؟ أجل هناك الجديد، فأنا أحضر ل«جيبوها يا لولاد رقم 2”، هي 80 بالمائة تركيز على الثوابت الوطنية و20 بالمائة رياضية، يشارك فيها أكثر من 65 شخصا بين موسيقيين ومطربين، المشروع جاهز وفي انتظار التمويل، أرسلنا طلب الدعم إلى عدة ممولين لكن للأسف لا حياة لمن تنادي، فأصحاب الأموال يساهمون حاليا في نشر الرداءة والأغاني الهابطة، لكن حين يعود الأمر إلى ما فيه صالح البلاد والعباد لا تجد يدا ممتدة!؟
هل ترك انشغالك بالأغاني الوطنية والرياضية حيّزا للأغنية العاطفية؟ بالطبع مادامت العاطفة موجودة والإحساس حي يبقى الحيز الأكبر للأغنية العاطفية، فحتى تلك التي تتغنى بالأرض وحب الوطن عاطفية في نظري، فلولاها لما كان الشعر ولما خرجت الكلمة الصادقة من الأعماق، أنا أعشق التغني بالمرأة إجمالا لكونها الأم والجدة والزوجة والأخت والخالة والعمة، وأسعى دائما إلى إنتاج الجديد الجميل لأجلها ..
أعلم أنّك تحب التجوال كثيرا وتعشق البحر، فهل هو ملهمك؟ أكيد، البحر يجعلني دائما في تفاعل مع الأشياء الجميلة في الواقع بحلوه ومره، لكن تبقى الجزائر ملهمتي في كلّ أشعاري، هي أمي وحياتي، إذ ليس لنا، مهما ابتعدنا عنها، حضنا دافئا غير حضنها الحنون المتسامح...
أمنية غالية لم تتحقق بعد؟ أمنية طال انتظار تحقيقها تتمثل في رؤية الفنان في أحسن حال، متكفّل به معنويا وماديا، أي إعادة الاعتبار للفنان الحقيقي المهمّش للأسف منذ أمد، كما أتمنى الخير والإزهار والسلام للجزائر، وأشكر في الختام كل جمهوري الذي ما انفك يشجّعني وأشكر على وجه الخصوص، جريدة “المساء” المطّلعة على أخباري في كل حين، فشكرا وألف شكر للجميع..