يعتبر العنف في الوسط المدرسي من الظواهر الدخيلة على الوسط التربوي الجزائري، وأمام تفاقمه في الآونة الأخيرة، بادرت وزارة التربية الوطنية مؤخرا بتنظيم ملتقى دراسي يعكس رغبتها الجادة في معالجة الظاهرة والوقوف على أسبابها. حصلت ”المساء” على وثائق مقدمة من وزارة التربية الوطنية، تناولت عرض الطريقة التي تعتمدها لمعالجة ظاهرة العنف المدرسي، حيث جاء فيها أن الوزارة بادرت بتشكيل فريق عمل متكامل تم تنصيبه في 16 ديسمبر 2013، قام بجملة من الأنشطة، والعديد من الجلسات العلمية لوضع مخطط عملي يهدف إلى تأطير فرق العمل الولائية لضبط منهجية العمل قصد معالجة مختلف الجوانب المرتبطة بظاهرة العنف في الوسط المدرسي، وتقديم رؤية حول ظاهرة العنف من حيث حجمها، أنواعها، أسبابها، الآثار المترتبة عنها والعلاجات المقترحة لمواجهة الظاهرة، وفي 10 جانفي من السنة الجارية، تم وضع الرزنامة التي تحوي التقارير الوطنية التي تم القيام بها لمعالجة الظاهرة، حيث تمت مناقشتها في ندوة سرية أقيمت مؤخرا. حملت معالم الحصيلة الأولية لتقارير مديريات التربية بالولايات ثلاثة محاور خاصة بمعالجة العنف في الوسط المدرسي، حيث تضمن المحور الأول تحديد المدلول الحقيقي لمفهوم العنف في الوسط المدرسي، واستقر على أن ”كل تصرف عدواني يؤدي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، أو بالذات”، ومنه تم اعتباره ظاهرة تستمد طابعها الاجتماعي من كونه يرمز إلى احتكاك الأفراد فيما بينهم، بينما خصص المحور الثاني لرصد حجم ظاهرة العنف، حيث جاء فيه أن المعطيات الإحصائية تؤكد عدم تفشي الظاهرة بالطريقة التي يروج لها، ومع ذلك فإن الوصاية أخذت على عاتقها فتح ملف العنف المدرسي كونه يعتبر من صميم اهتمامات المنظومة التربوية، بينما خصص المحور الثالث للحديث عن أنواع العنف الذي قد يكون ماديا، كما يمكن له أن يكون معنويا، ويمكن أن يمارس بصورة فردية أو جماعية، وكنتيجة قد يلحق ضررا بالفرد أو بالجماعة... تناول المحور الرابع الأسباب المؤدية إلى العنف في عنصرين؛ الأول يتمثل في الأسباب الخارجية التي لها صلة بالفرد ككائن اجتماعي في أبعاده المختلفة البيولوجية، النفسية، العاطفية، الانفعالية، التربوية والفكرية، خاصة بالنظر إلى الظروف العصيبة التي مرت بها الجزائر في العشرية السوداء، وكذا التحولات الجذرية التي عرفها المجتمع، حيث غيرت سلم القيم، أضف إلى ذلك، تأثير الوسائل السمعية البصرية وتحديدا ألعاب العنف الأجنبية، بينما تتمثل الأسباب الداخلية في الفضاء التعليمي سواء في جانبه التربوي كقلة الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق الهدف التربوي، أو عوامل بشرية كتكوين المشرفين على التدريس... ولأن لكل ظاهرة آثار تنعكس على الفرد والمجتمع، أفرد المحور الخامس التفصيل في الآثار المترتبة عن ظاهرة العنف، حيث ميز بين الآثار التي تعود على التلميذ من الجانب النفسي، التحصيلي والسلوكي، أما فيما يخص آثاره على المجتمع، فيتعلق الأمر بالمساس بالجانب الأمني له والجانب الاقتصادي. وحملت الحصيلة الأولية لتقارير مديريات التربية في المحور السادس جملة من الحلول العلاجية لمحاربة ظاهرة العنف في الوسط المدرسي، ويتعلق الأمر بالتركيز على العمل التحسيسي لنشر ثقافة الحوار والسلم، مع العمل على تجنيد مختلف الهيئات في إطار العمل ضمن شبكات، ناهيك عن تكثيف التكفل النفسي بالتلاميذ في مختلف الأطوار باعتبار أن لكل طور احتياجاته ومتطلباته، مع العمل على توسيع الفضاءات والنشاطات التي تمكن التلميذ من تفريغ شحناته، إلى جانب تفجير طاقاته وصقل مواهبه كالنوادي الثقافية والرياضية.