التضحيات أنواع وتبقى أقواها وأكثرها تأثيرا، التضحية بالروح، وهو ما قدّمه أحمد عسلة مؤسّس المدرسة العليا للفنون الجميلة، ومما زاد الأمر جرحا تعرض ابنه رابح سليم لنفس المصير، وبعدها بست سنوات، رحلت زوجته أنيسة، رئيسة ”مؤسسة أحمد ورابح عسلة” في حادث، وبمناسبة مرور عشرين سنة على رحيل أحمد ورابح، اجتمع محبو عائلة عسلة والفن التشكيلي الجزائري أوّل أمس بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، ليتذكّروا مناقب هذه العائلة الفنية الراقية. 650 شخص لبوا نداء أصدقاء عسلة للمشاركة في جدارية حول أحمد ورابح عسلة، من خلال إرسال -عبر الأنترنت- صورة أو رسمة أو نص يلتقي في نقطة ”الإبداع”، بمناسبة مرور عشرين سنة على اغتيال أحمد ورابح، لتظهر نتيجة هذه المبادرة جلية في التظاهرة التي نظّمت أوّل أمس بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، حيث بلغ طول الجدارية 39 مترا ب 980 عمل. وفي هذا السياق، كشف أحد منظمي التظاهرة، كريم سرقيوة ل”المساء”، عن قبول جميع المشاركات التي طُلب أن تكون بطول وعرض عشرين سنتمترا، وأضاف أنّ من نظّم هذه المناسبة، مدرسة الفنون الجميلة ومؤسسة ”أنيسة كلتور اكسيون” المنبثقة من مؤسّسة أحمد ورابح عسلة، وأكّد سرقيوة أنّ رئيس ”مؤسسة أحمد ورابح عسلة” ليست له أية علاقة بهذا التكريم، بالمقابل طلب من الحضور بهذه المناسبة -التي نظّمت في قاعة صغيرة- التصفيق لمدة دقيقة بدلا من الصمت، عرفانا بنضال أحمد عسلة من أجل الفن. أما عن المشاركين في النشاطات المبرمجة، فقال كريم بأنّه كان من الصعب جدا انتقاء المشاركين لأنّ العديد من الفنانين أرادوا أن يعبّروا عن امتنانهم لنضال أحمد عسلة من أجل ترقية الفن وتجديده، ليعطي الكلمة للسيدة رجاء علولة (أرملة الفنان الراحل عبد القادر علولة) التي قالت بأن قدميها لم تطآ المدرسة العليا للفنون الجميلة منذ وفاة أنيسة زوجة أحمد عسلة، وأضافت بأنّها سعيدة بهذا الحضور القوي للشباب، لتدعو الجميع إلى المشاركة في التظاهرة المخصّصة لعبد القادر علولة، حيث سينظّم هذا الأسبوع ملتقى ولقاءات حول هذه الشخصية المرموقة في عالم الفن الرابع بوهران. وانطلقت نشاطات تكريم أحمد ورابح عسلة بأداء الفنانة كوثر مزيتي لأربع أغان، من بينها واحدة بالقبائلية تتغنى فيها بالشهداء، أمّا الفنان رضا دوماز فقدّم بدوره وصلات في الفن الشعبي، من بينها أغنية ”مال وطني”، فقال ”مال وطني غارق في بحور الجراح، مال وطني يا ربي؟ مال وطني يتألم من أوجاع القراح، مال وطني يا ربي؟”، بينما قدّمت الشاعرة سميرة نقروش قراءات شعرية وهي تسير في القاعة، حيث قدمت مقاطع من نصوص جون روش، جون سيناك، طاهر جاوت، يوسف سبتي وجمال عمراني ونصها ”في ظلّ غرناطة” الذي كتبته سنة 2003. من جهته، قرأ الشاعر عبد الرحمن جلفاوي قصيدتين؛ واحدة بعنوان ”أضواء”، أمّا الثانية فعن محمد جاليد الصديق المقرّب لعبد القادر علولة الذي قال بأنّه من طينة الرجال الذين ناضلوا من أجل الفن مثله مثل عسلة، وهو الفنان العصامي الذي كتب عن الفن الرابع الجزائري من عام 1945 إلى 2000 من خلال كتاب بألفي صفحة، كما كتب الشعر ورسم أيضا ليموت ببراثن السرطان. وتواصل التكريم بتقديم فرقة ”حكيم وصحابو” لوصلات موسيقية على آلة الإيقاع، ومنه قدّم الطلبة القدامى والحاليون من المدرسة العليا للفنون الجميلة وصلات غنائية وهم مهدي قري، نبيل قارة، خالد عباس وفرقة ”حكيكو قروز”.