عادت بوادر أزمة دبلوماسية تلوح في أفق العلاقات بين مصر وإثيوبيا، على خلفية الصراع المندلع بينهما حول كيفية استغلال مياه نهر النيل بين دول المنبع ودول المصب. وكشفت مصادر مصرية أن القاهرة وجهت تحذيرات شديدة اللهجة للسلطات الإثيوبية بشأن الأزمة التي تسبب فيها إصرار أديس أبابا على إقامة سد النهضة الذي اعتبرته القاهرة بأنه يهدد حصتها من مياه النهر الخالد ويتعارض مع الاتفاقيات الموقعة بين الدول التي يعبرها. بل إن السلطات المصرية رأت فيه بأنه يشكل تهديدا لأمنها القومي إذا سلمنا أن تراجع منسوب مياه نهر النيل سيهدد الحياة الاقتصادية لملايين المصريين الذين يقتاتون منه في مجال الصيد والفلاحة وحتى السياحة. وأضافت هذه المصادر أن وزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، لوح من العاصمة الايطالية، حيث شارك في اجتماع روما لدعم ليبيا، برد حاسم على أديس أبابا في حال أصرت على بناء هذا السد الضخم عند منبع النيل. ورغم أن المصادر لم توضح طبيعة الرد الذي توعد به وزير الخارجية المصري إلا أن هذا الموقف يبقى الأقوى الذي تنتهجه القاهرة تجاه إثيوبيا منذ بدء الأزمة على اعتبار أن السلطات المصرية التي كانت منشغلة بأوضاعها الداخلية انتهجت لغة دبلوماسية في محاولة منها لاحتواء الأزمة في مهدها. وأضافت أن فهمي تحدث مع وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، ونظيره الروسي، سيرغى لافروف، بشأن أزمة هذا السد وأكد لهما أنه “يتوجب على أديس أبابا احترام القانون الدولي الذي يكفل حق الشعب المصري في الدفاع عن أمنه القومي في حالة تهديده من أي خطر يحدق به”. كما أكد فهمي أن بلاده “ماضية في طريق المفاوضات التي إن لم تصل إلى حل عادل يضمن أمن مصر في مصادر المياه فعلى إثيوبيا أن تتحمل تبعات هذه الأزمة والرد سيكون حاسما وفى الوقت الذي يحدده شعب مصر”. وقال فهمي إن بلاده “لن تقبل بمواصلة المفاوضات دون جدوى على غرار القضية الفلسطينية وليست لدينا رفاهية الاستخفاف بموضوع المياه”. ويأتي رفع اللهجة المصرية تجاه إثيوبيا في الوقت الذي تعالت فيه الأصوات داخل مصر خلال الأيام الماضية مطالبة بضرورة تحرك الرئاسة ووزارة الخارجية على المستويين الدولي والإقليمي لشرح الموقف المصري بشأن سد النهضة بعد فشل المفاوضات الفنية بين مصر وإثيوبيا حول الجوانب التقنية المتعلقة بحجم وسعة السد للمحافظة على حصة مصر من مياه النيل. وكذا مطالب الجانب المصري بضرورة توسيع الدراسات الفنية لآثار السد البيئية على دولتي المصب السودان ومصر. وطالب خبراء مصريون بضرورة نقل ملف التفاوض إلى مستوى رئيس الوزراء أو المستوى الرئاسي لسرعة حسمه تجنبا للمماطلات الإثيوبية واستنزاف الوقت الذي تنتهجه إثيوبيا منذ صدور توصيات اللجنة الفنية الثلاثية التي تضم خبراء من مصر وإثيوبيا والسودان.