لم تهضم حكومة الاحتلال اتفاق حركتي المقاومة الإسلامية “حماس” ومنظمة التحرير “فتح”، على الاجتماع في قطاع غزة، لتفعيل مساعي المصالحة الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام التي لم تخدم سوى مصلحة إسرائيل. وتأكد ذلك من خلال تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، الذي قلل من أهمية تهديدات السلطة الفلسطينية بحل نفسها في حال فشل عملية السلام. وقال نتانياهو “نشاهد السلطة الفلسطينية التي تحدثت، أمس، عن حلها، تتحدث اليوم عن الوحدة مع حماس... وعندما تريد السلطة السلام فعليها أن تخبرنا”. وكان الوفد الفلسطيني المفاوض حذر الوسيط الأمريكي في مفاوضات السلام، مارتين انديك، أن الفلسطينيين لن يتوانوا في حل السلطة التي يقودها الرئيس محمود عباس وتحميل حكومة الاحتلال مسؤولية تسيير شؤون الأراضي المحتلة باعتبارها القوة المحتلة. وهو الأمر الذي رفضته الإدارة الأمريكية راعية مفاوضات السلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بقناعة أن ذلك سيدفع بالولاياتالمتحدة إلى وقف كل المساعدات المالية التي تمنحها للسلطة الفلسطينية التي أنشئت في سياق اتفاقيات أوسلو عام 1993. وقال جون بساكي، المتحدث باسم كتابة الخارجية الأمريكية، إن “المجموعة الدولية وأيضا الفلسطينيين بذلوا جهودا حثيثة من أجل بناء مؤسسات السلطة ولن يكون في صالح الفلسطينيين التراجع عنها”. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يلوح فيها الطرف الفلسطيني بورقة حل السلطة منذ انطلاق مفاوضات السلام برعاية الولاياتالمتحدة، شهر جويلية الماضي، والتي تنتهي مهلتها نهاية الشهر الجاري دون مؤشرات على إمكانية إحداث أي اختراق فيها. بل إن الأمور ازدادت تأزما بعد تنصل إسرائيل من التزاماتها في رفض الإفراج عن آخر دفعة من قدماء الأسرى ورد الطرف الفلسطيني بمبادرة الانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية. وتكون هذه المواقف الأخيرة التي تبنتها السلطة الفلسطينية قد أخلطت حسابات حكومة احتلال اعتادت على رؤية طرف فلسطيني يرغم في كل مرة على تنفيذ إملاءاتها دون القدرة على فرض منطقه. ولكن حكومة الاحتلال اصطدمت هذه المرة بمواقف فلسطينية أكثر جرأة أربكتها وزادها ارتباكا التوافق الحاصل بين حركتي فتح وحماس اللتين اقتنعتا بضرورة طي صفحة الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني بعد سبع سنوات من الفرقة والتناحر السياسي. وهو التوافق الذي ترجمه اللقاء الذي يعقد بقطاع غزة بين قياديين عن الحركتين في محاولة تبدو جادة هذه المرة لوضع الترتيبات الكفيلة بجعل اتفاق المصالحة حقيقة ملموسة على أرض الواقع. وفي هذا السياق، أكد زياد ابو عين عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيتوجه إلى غزة في حال نجاح لقاء المصالحة. وفي حال زار عباس غزة فإن ذلك سيكون بمثابة ضربة قوية لحكومة الاحتلال التي سعت إلى تكريس الانقسام الفلسطيني وتعميق الفرقة بين أبناء الشعب الواحد.