عرفت تقاليد الزواج الجزائري في الكثير من ولايات الوطن تغيرا ملحوظا خلال هذه المرحلة، حيث فرضت الظروف المادية الصعبة سياسة التضحية بحفل العرس لدى بعض العائلات على ان تكون هناك وليمة واحدة تجمع كل شيء لتقليص التكاليف الزائدة، التي كانت ولاتزال أغلالا تقيد سواعد اصحاب الدخل المتوسط، وتدخل العريس في متاهات الدين حيث لا يهنأ بأيام شهر العسل لتفكيره المتواصل في كيفية تسديد ديونه. وتوصلت بعض العائلات الى الحل الوسط والمتمثل في تقليص التكاليف من خلال دعوة الأهل والأصدقاء للوليمة الممثلة في »الخطوبة« بعد عقد القران والفاتحة، حيث تكتفي عائلة الفتاة بإحياء مراسيم الخطوبة بقاعة الحفلات او صالة البيت اذا كان كبيرا وتستوعب الضيوف مع تقديم علب الحلويات التقليدية للضيوف مصحوبة بالقهوة، ثم تقسيم كعكة الخطوبة على الحضور وتقول سميرة 29 سنة »لقد احتفلت مؤخرا بخطوبتي وعقد قراني وقراءة الفاتحة في أجواء أسرية حميمية وسط عائلتي وصديقاتي، وقد حاولت أن أقلص التكاليف حتى لا أثقل كاهل والدي، فملابس التصديرة المختلفة بين الفساتين العصرية والتقليدية تتعدى 100 ألف دج، ووالدي محدود الدخل ولا أخفيكم أني شعرت بأزمة خانقة رغم أني موظفة وساهمت بنسبة 60 من تكاليف الخطوبة، إلا أني لا أستطيع تحمل تكاليف عرس آخر مصحوب بالعشاء وعلب الحلويات التقليدية الباهظة الثمن، فسعر الحبة الواحدة المعدة باللوز يصل الى 35دج، في حين حاولت أن أكمل باقي التقاليد كالتصديرة في القاعة التي تم كراءها من طرف عائلة الزوج«، وعلقت حياة صاحبة محل لكراء الملابس بقولها ان إختفاء حفل العرس أصبح ضرورة حتمية في خضم التغيرات المادية وتقول »غالبا ما تخبرني الفتيات المقبلات على الزواج أنهن يحرصن على الظهور بشكل لائق ومظهر جذاب لهذا يقمن باختيار الملابس بعناية فائقة ففي السابق كانت الفتاة تقوم بكراء الملابس لمناسبتين أي في التصديرة التي تنظم ببيت أهلها ثم التصديرة التي تتم ببيت الزوج إلا أن أغلبهن أصبحن يطلبن الملابس وفق التاريخ الذي يحدده الزوج وهي طريقة من طرق التخفيف من الأعباء«. في حين تتفق عائلات اخرى على الاحتفال بيوم العمر من خلال تقاسم التكاليف المادية بداية من سعر الصالة الى سعر الحلويات والمشروبات، وكل ما يتبعه من تفاصيل هامة لا تمام الاحتفال في ظل الظروف والتقاليد الجزائرية، حيث تجتمع عائلة وأصدقاء العروسين بنفس الصالة وحول هذه الطريقة يقول عبد الله موظف، مقبل على الزواج »صراحة إن مجرد التفكير في العراقيل المادية التي تقف في حياة العروسين عند اول خطوة يجعل التفكير في الزواج مثل الاتجاه الى حبل المشنقة الاختياري.. لكن بما أنه سنة الحياة يجب التفكير بأسلوب سليم يخدم كل الجهات وأنا شخصيا اتفقت مع شريكة حياتي أن يكون يوم العرس مشتركا بيننا حتى تخف الأعباء على كل طرف، إلا أن الامر الهام والذي أود الاشارة إليه أن هناك الكثير من الأمور التي ليست في الحقيقة سوى بذخ وتبدير أموال، لهذا اتفقنا على تحاشيها«.