من يعاقب ادارة الاحتلال على جرائم جنودها اليومية ضد المدنيين الفلسطينين واين هي محكمة الجنايات الدولية التي نصبت نفسها ضميرا للعالم ومدافعا عن المحرومين فيه؟ ام ان نائبها العام لويس مورينو اوكامبو لم ير تلك الصورة المرعبة لذلك الجندي الاسرائيلي وهو يفتح نيران سلاحه الحربي على شاب فلسطيني ببرودة دم امام اعين زملائه الذين لم يحركوا ساكنا في تصرف كشف عن تواطئ اجرامي على فعل تعاقب عليه كل الاعراف والاخلاق العسكرية. ولكن من اين لهم ان يتحركوا او يدينوا تصرف ذلك المجرم ماداموا كلهم من شاكلته والفلسطينيون اكثر الناس معرفة بهم ثم ان سياسة القتل وترويع الفلسطينيين اصبحت قناعة وتقليدا ترسخ لدى قيادات جيش الاحتلال قبل جنودهم الذين يجدون كل المتعة في قتل الفلسطينيين الابرياء ببرودة دم ودون ان يلقوا العقاب اللازم على ذلك. وتأتي تلك الصورة المرعبة والقتل على المباشر التي تناقلتها تلفزيونات العالم للشاب الفلسطيني اشرف ابو رحمة وصورة محمد الدرة مازالت راسخة في الاذهان بعد ان اعدم على المباشر ولم يشفع له سنه وطفولته ورحل دون ان يعرف سبب اعدامه بتلك الصورة بعد ان وضعه احد الجنود الاسرائيلين هدفا في سدادة بندقيته وضغط على زنادها ليتركه جثة هامدة. وزعمت وزارة الدفاع الاسرائيلي انها احالت الجندي على التحقيق وانزال العقوبة اللازمة ضده. ولكن ماذا ينفع توقيف هذا الجندي المجرم الذي تنكر لكل تقاليد الجيوش في العالم التي تحكمها قاعدة اخلاقية مشتركة بعدم اطلاق النار على أي شخص حتى وان كان ذلك بالرصاص المطاطي فما بالك اذا كان مكبل اليدين ومغمض العينين وضابطا ساميا يمسك بيده. وحتى وإن تم ابعاد هذا المجرم من الخدمة فانه يبقى مجرما يجب ان يحال على محكمة دولية لجريمة ارتكبها ضد فلسطيني اعزل وبدون سلاح وفي وضع لا يجد الظروف المخففة بدعوى الدفاع عن النفس. والواقع ان اشرف ابو رحمة ومحمد الدرة سوف لن يكونا آخر من يتعرضون لجرائم ونزوات الجنود الاسرائيليين ما دام جندي بسيط يتصرف بتلك الصورة المقززة امام ضابط سام لم يقم حتى بنهر الجندي المجرم. والسؤال الذي يطرح هل يتحرك المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية ليصدر امرا دوليا لمعاقبة منفذي العملية بعد ان تكون مشاعره قد اهتزت لصورة الشاب الفلسطيني ام ان اسم اسرائيل سيمنعه من فعل ذلك؟ وتلك هي اشكالية العدالة الدولية التي تحكم بمنطق الكيل بمكيالين.