أوفد الرئيس المدير العام لشركة سوناطراك، بداية هذا الأسبوع لجنة تفتيش مكونة من أربعة إطارات من المديرية العامة، إلى مقر مجمع "أسميدال" بعنابة، للتحقيق في الفضائح المدوية التي كانت شركة "أسفارطراد" التابعة لأسميدال مسرحا لها، وبحسب مصادر "المسار العربي"، أن لجنة التفتيش قد باشرت عملها نهار أمس، وطلبت إيفادها بملفات الصفقات ودفاتر شروطها، منذ سنة 2017 وإلى يومنا هذا، وبحسب المصادر نفسها، أن الرئيس المدير العام لسوناطراك، يحاول من خلال لجنة التفتيش، البدء في عمليات شاملة لاجتثاث الفساد الذي عشش بشركة "أسميدال" وفروعها، إلى درجة تحولت معها إلى شبه شركة عائلية، تخدم مصالح بعض مسؤوليها، ولو على حساب تدمير المجمع والاقتصاد الوطني. فشركة "أسفراطراد" اهتزت مؤخرا على وقع فضيحة مُدوية، فجرتها الشركة ذات المسؤولية المحدودة "طرامزواست"، التي تمّ إقصاؤها من المشاركة في مناقصة وطنية أطلقتها مؤسسة "أسفراطراد" بتاريخ 10 جوان 2019، ليتبين أن من رست عليها الصفقة، هي شركة "أل ج" التي أسسها "غيموز جمال الدين"، الذي كان مديرا لشركة "صومياز" من سنة 2016 إلى غاية سنة 2018، والذي أسس شركته الخاصة في سنة 2016، أي في سنة تعيينه على رأس "صومياز" والتي هي في الأساس فرع للشركة الأم "أسميدال"، وهذا يُشكل خرقا فاضحا لقانون الصفقات العمومية، وتلاعبا مكشوفا بالمال العام، وبحسب مصادر "المسار العربي"، أن صفقة سنة 2017 التي أطلقتها مؤسسة "أسفراطراد" قد تمّ إلغاء دفتر شروطها خمس مرات متتالية، لجعلها على مقاس شركة "أل ج"، لكن يبدو أن صفقة 2019، وأمام إصرار شركة "طرامزواست"، على المشاركة فيها، جعلت مسؤولي "أسفراطراد" يلجأون إلى اتخاذ قرار راديكالي برفض مشاركة شركة "طرامزواست" بالأساس، دونما حتى فتح أظرفة المناقصة، التي رست كالعادة على شركة "أل ج"، ولهذا السبب لجأ مسير "طرامزواست" إلى العدالة، حيث رفع دعوى قضائية أمام القسم الاستعجالي التجاري بمحكمة عنابة، وأخرى في الموضوع، لإلغاء نتائج هذه المناقصة، كما راسل النائب العام لمجلس قضاء عنابة، وأخطر المركز الوطني لمكافحة الفساد، وفرقة الدرك الوطني لمحاربة الفساد بباب جديد بالجزائر العاصمة، بالتلاعبات الخطيرة التي حدثت بمجمع أسميدال. وفي المستجدات، أفادت مصادرنا أن شركة "أل ج" قد تحصلت هذه السنة على صفقة كراء مجموعة من الرافعات "كلارك"، لأسميدال، وهذا بعد تعديل سجلها التجاري، الأمر الذي يؤكد أن شركة "أل ج" ما هي إلا مطية للاستحواذ على الصفقات بفروع أسميدال، وقطع الطريق أمام المنافسين الآخرين "الغرباء عن عائلة أسميدال"، على اعتبار أن مسؤولين ب"أسميدال" وفرعيها "صومياز" و "أسفارطراد"، والمؤسسة الخاصة المسماة "أل ج" التي أسسها مقربون من الرئيس المدير العام لأسميدال، نجحوا في بسط هيمنتهم على "أسميدال" وفروعها، بل ولجأوا إلى أساليب احتيالية لتحقيق الثراء الفاحش، ومن بين هذه الأساليب، نقل مادة "اليوريا" التي ينتجها مصنع "سورفات" بأرزيو، إلى مدينة الخروب بأرزيو، لإعادة توضيبها في الأكياس ومن ثمّة إعادتها إلى وهران، لبيعها لاتحاد التعاونيات الفلاحية، ولغريب في هذه العملية أن "أسفارطراد" تشتري "اليوريا" بمبلغ 1600 دج للطن، مستفيدة من دعم الدولة البالغ 50 بالمائة، وجراء رحلة النقل غير المفهومة، يتضاعف سعر هذا السماد الحيوي، ليتم بيعه بسعره إلى 4500 دج للطن الواحد لاتحاد التعاونيات الفلاحية، والتي تبيعه بدورها ب 5200 دج للطن، ليصل إلى الفلاح بأسعار تفوق 6000 دج في غالب الأحيان، وبهكذا أساليب احتيالية يتبخر دعم الدولة في الهواء، ليكون أكبر رابح في العملية هو شركة "أل ج" الخاصة المكلفة بنقل "اليوريا" من أرزيو إلى الخروب، ومنها إلى وهران، علما هنا أنه كان مقررا إنجاز مصنع لتوضيب "اليوريا" في الأكياس بالمنطقة الصناعية بالسانيا بوهران، لكن إرادة المافيا أرادت غير ذلك، وبحسب مصادرنا أن فك شيفرة الفساد بمجمع "أسميدال" يجب أن ينطلق من كشف الروابط العائلية بين مسؤولي بعض الفروع التابعة لأسميدال، ومسير شركة "أل ج"، ففك هذه الشيفرة، سيكشف غابة الفساد المعشش في أسميدال، والذي تسبب في رفع أسعار الأسمدة المُدعمة من قبل الدولة إلى مستويات خيالية، بل إن بعض المشتغلين في قطاع تجارة "اليوريا" يؤكدون أن سعر "اليوريا" المُستوردة، أصبح أقل من نظيرتها المُنتجة في أرزيو، والتي تستفيد من دعم الدولة !؟ وبذلك يستحسن أن تنطلق لجنة التحقيق التي أوفدتها سوناطراك، في تحديد الروابط العائلية بين بعض مسؤولي شركة "أسميدال" وبعض فروعها، وصاحب شركة "أل ج" الذي كان مديرا لأحد فروع هذا المجمع، فبكل تأكيد ستخلص إلى نتيجة حتمية وهي أن "أسميدال"، استنزفت الملايير من خزينة الدولة، كما أنها بهذه السياسة العرجاء والأساليب الاحتيالية، ساهمت في رفع أسعار البطاطا إلى مستويات قياسية، والحال كذلك هل يمكننا أن نقول بأن "المنجل" قد انطلق في حملة حصاد رؤوس الفاسدين بمجمع "أسميدال"؟.