اعتبر الروائى والناقد الجزائرى جايلى العياشى ان الازمات والكوارث التى تحدث فى حياة البشرية مادة خام فى نظر الكاتب ،قد تكون جد مهمة فيتم توظيفها فى نص إذا ماتعلق الامر بالادب الواقعى كما ان الوضع الوبائى بالجزائر فسح المجال للكاتب المتمرس حتى يقف على حافة الحدث لينقل الحدث نفسه ولا ليصفه فحسب ولكن ليصوغ بأسلوب ادبى جميل مالا نراه، وتطرق فى حوارنا معه لدور الثقافة والجمعيات الثقافية والدور الذى تلعبه منصات التواصل وتحدث عن الفاشلين فى الميدان وعن المسابقات الأدبية وسر نشوتها وعن امر آخر يستفزه ندعوكم للتعرف أكثر على ضيف صفحتنا الثقافية المسار العربى :الوضعية الوبائية فرضت على مجتمع الكتاب والفنانين البحث عن وسيلة أخرى لإستقطاب أكبر عدد من المتلقين _هل منصات التواصل خدمت هؤلاء أكثر من النشاطات التى تفرض الحضور ؟ الناقد جايلى العياشى :فعلا أن وباء كوفيد 19 و بالنظر إلى مايشكله من خطر على حياة الأفراد و المجتمعات، فقد فرض نمطا معيشيا معينا على الجميع لم يحدث أن عشناه، بما في ذلك طبقة المثقفين من كتاب و فنانين، حيث تسبب في احداث عطب في عملية التواصل المباشر هذا من جهة. و لكن من جهة ثانية نرى أنه ساهم في إيقاظ السبات الإبداعي لدى الكثير من المبدعين، الذين كان همهم الوحيد حضور اللقاءات و المنتديات و الملتقيات، مما انعكس وساهم في شل مواهبهم، التي في الواقع تحتاج إلى صقل مستمر و تغذية من خلال القراءات،و الاطلاع في جميع المجلات الحياتية. أعتقد أن هذه المنصات مهما كانت سعتها، ومهما كانت فعاليتها فانها لن تترك أثرا ذا قيمة، و لن تستطيع أن تحل محل الاتصال المباشر و تنوب عن الاحتكاك الفعلي بين المثقفين، و هذا بحكم ان الثقافة هي بالدرجة الأولى فعل احتكاك مباشر و اداء ميداني قبل أن تكون عمل تواصلي كلامي. فمن يحضر بنفسه مشاهدة احداث مسرحية ما، ليس كمن يتابعها عن بعد عبر المنصات، و من يشارك بنفسه في نشاط ما، في الواقع ليس كمن يشارك فيه عبر المنصات، الأمر يختلف تماما سواء من حيث التفاعل الشخصي مع الحدث، أو من حيث القيمة ، ثم ان المكتسبات المعرفية التي نحصل عليها من خلال الحضور الشخصي في نشاط ما، ليست كاالمكتسبات التي نحصل عليها في المشاركة عبر المنصات….. المسار العربى :دور الثقافة المنتشرة فى التراب الوطنى قد لا تكون بنفس الديمومة فى تفعيل النشاطات على من يقع عبء التقصير فى هذه الحالة ؟ هل المثقف هو من يعرف بنفسه وبإنجازاته أم الهيئة الثقافية عليها رصد الجديد الثقافى فى كل ولاية؟ الناقد جايلى العياشى: في الحقيقة و الكل يعلم أن دور الثقافة في بلادنا مذ كانت، و ما تزال، و لا اعتقد ان اسلوبها هذا قابلا للتغيير ، في الواقع هي لم تقدم أية خدمة للثقافة، تلك الثقافة التي من مهامها النهوض بالمجتمع فكريا و معرفيا و سلوكيا، و لا أظن أن مسئوليها فكروا يوما في ذلك، لا من حيث ترقية الثقافة، و لا من حيث احتصان المثقفين بل كان الشغل الشاغل لهذه الدور على مر عشرات السنين التروج للسياسية الثقافية التي تخدم النظام االسياسي، علما ان هذه المنهجية كانت في الكثير من الأحيان تتعارض شكلا و مضمونا مع الفعل الثقافي المنتج للفكر ، حتى اتحاد الكتاب الجزائريين كان و ما يزال يقوم بنفس الدور الذي تقوم به دور الثقافة، ( محاولة ادلجة المثقف)، و من ثمة تهجينه و تدجيله ليصير في النهاية الامر عبارة عن جسر يعبر الشياتون من خلاله الى المناصب المسار العربى :هل منصات التواصل التى تستخدمها الجمعيات الثقافية تستجيب لمواصفات الفعل الثقافى ؟ الناقد جايلى العياشى :في الواقع أن مؤسسي الجمعيات الثقافية يفتقرون الى المستوى و الى التأطير ايضا، الكل يعلم ظروف تاسيس هذه الجمعيات و الغاية المنتظرة منها، فالجمعيات الثقافية التي لم تخدم المشهد الثقافي ميدانيا، فكيف تستطيع ان نخدمه الكترونيا، هذاما نشاهده ومانلاحظه يوميا في الميدان، اذكرك فقط ان مشكلة الأداء ليست في المنصات، و لا في وجود اليهاكل من عدم وجودها، بل تكمن في الإنسان، وحده الإنسان يتحمل ما وصلت إليه الثقافة و غير الثقافة في المجالات الاخرى، و من اخفق في الميدان لا ينجح عبر المنصات، المنصات لا تشكل حلا لمن فشل في الميدان، بل ماهي الا رافدا يمكن أن يساعدنا بشكل ما المسار العربى :كيف ترون النشر الإلكترونى أو الكتاب ال0لكترونى وهل تم نقد بعض الاعمال الإلكترونية ؟ الناقد جايلى العياشى :أن اجمل القراءة تلك التي تجعلنا نعيش لحظات تأمل الجملة و الفقرة و نحس بعذوبة المعنى و نتفاعل معه حد الدهشة، و لا نعثر على هذه النشوة الا في تلك النصوص الورقية التي تتيح لنا الفرصة لنلمس الورقة و نقلبها مرارا بتقاقل فاخر و نحن في جالسين أو مشتاقين في وضع مريح، ما القراءة عن طريق الأجهزة الإلكترونية تختلف تماما عن القراءة التقليدية سواء من حيث درجة الاستيعاب أو من حيث التأثير…. و يظل الكتاب الورقي هو السيد و الاجمل على الاطلاق، و هذا لا يعني الاستعلاء عن الكتاب الالكتروني الذي نعتبره مرجعا عند الضرورة القصوى. المسار العربى :الكتابات المناسباتية والتى ترتبط بفترة ما كالعشرية السوداء ،عناوين كثيرة صدرت فى الفترة الحالية لجائحة كورونا ..البعض استغل الحدث وكتب كيف تعلقون على هذه المبادرة ؟ الناقد جايلى العياشى :نعم أن كل ما يحدث في حياة البشرية من ازمات و كوارث، يعتبر في نظر الكاتب مادة خام جد مهمة يمكن توظيفها في نص ما و خاصة إذا ما تعلق الأمر بالكتابة الواقعية (الادب الواقعي). لكن عليه أن يتقيد بالجوانب الفنية التي تقتضيها جماليات النص الادبي و أن يبتعد كل البعد عن الأسلوب التقريري او السرد الصحفي الذان عادة ما يفرغان النص الأدبي من جمالياته، و يجعلانه مجرد حكي لا غير…. الكاتب. المتمرس هو ذلك الذي يقف على حافة الحدث، لا لينقل الحدث نفسه و لا ليصفه فحسب ، و لكن ليصوغ بأسلوب أدبي جميل ما لا نراه . المسار العربى :خضتم تجربة المشاركة فى المسابقات الأدبية وفزتم بعدد من الجوائز هل تعتبرون الفوز فى مسابقة كاتارا مستقبلا تحقيق لطموح كبير ام كاتارا لا تعدو الا مسابقة؟ الناقد جايلى العياشى :ان المسابقات الأدبية تجعل الكاتب يرى نفسه بشكل جيد، و يلمس بنفسه قيمته كمبدع، في حين يدرك المستوى الفني الذي بلغته نصوصه الادبية، فالحائزة مهما كانت قيمتها المالية، لن تعبر حقا عن جهد الكاتب و لكنها تعبر عن الاعتراف به، و هذا اذا ما نظرنا إلى مستوى اعضاء لجان التحكيم التي تتشكل عادة من كبار الأدباء و الأكاديميين و النقاد، فنشوة الفوز تكمن في قيمة هؤلاء الأشخاص و وزنهم الادبي. المسار العربى :متى يستفزكم عمل ما وتنقدونه وما جديدكم فى عالم الرواية ؟ الناقد جايلى العياشى :اكيد أن النص المتمرد هو ما يحمل في بطنه الاستفزاز ،و لكن في بعض الأحيان نجد الرديء مستفزا للغاية. المسار العربى :كلمة نختم بها حوارنا تكون حوصلة من التوجيهات والنصائح للقلم المبتدىء الناقد جايلى العياشى : النصيحة التى اوجهها لنفسى اولا،ثم للجميع هى الإكثار منةالقراءات وعدم التسرع فى النشر شكرا لك على الحوار و لجريدة المسار العربي على النشر و التوثيق حاورته :لوصيف تركية /الجزائر