عبد الرحمان زميرلي أحد عازفين الزمن الجميل تعود ذكرى رحيله كل سنة لتنسج بأنامله الذهبية مقطوعة موسيقية يرددها أحد عمالقة موسيقى الشعبي الجزائري ،فالعود والبونجو لم يشبعا من مداعبات بصماته ، والأغنية الشعبية مازالت تخلد ذكراه التي لم تستطع أن تمحوها تربة قبره. عبد الرحمان زميري الملقب بمانو من مواليد 8 أفريل 1915 بحي القصبة بالجزائر العاصمة ،من عائلة بسيطة ومتواضعة ،إشتغل العديد من المهن في حي باب الدزيرة ولكن شغفه الكبير بموسيقى الشعبي حال دون إمتهانه لإحدى تلك الحرف ،فسجل خطوته الأولى في بداية الأربعينيات عندما دخل معهد الموسيقى بالجزائر العاصمة ،ليتمكن من صقل موهبته التي برزت بشكل جلي وبارز منذ نعومة أظافره ،ثم إلتحق سنة 1958 بجمعية المصلية الموسيقية التي كان يسيرها الفنان عبد الكريم حمصاجي ،حيث سهر عبد الرحمان زميرلي على نقل الموروث الغير المادي للأغنية الشعبية للأجيال الصاعدة فشغل منصب أستاذ موسيقى برفقة زميله الفنان أحمد سري ،ليساعد انضمامه بعد استقلال الجزائر إلى فرقة الجوق الكلاسيكي للراديوا والتلفزيون الجزائري كعازف بونجو وعود بقيادة الموسيقار مصطفى إسكندراني ، في إحتكاكه بأهل الصنعة والعزف برفقة مبدعي أعمدة الأغنية الشعبية الجزائرية كالفنان محمد العنقى وعمر مكرازة والفنان بوجمعة العنقيس والهاشمي قروابي وقد ساهم العازف عبد الرحمان زميرلي في تمثيل الجزائر في العديد من المحافل الدولية والمناسبات الرسمية والوطنية ،فسياسة الرئيس السابق شادلي بن جديد تؤكد على حفاوة الإستقبال التي كان تبديها الجزائر لزوارها من الوفود الأجنبية . مشواره الفني لم يكن مكللا بالورود وإنما حافلا بالأشواك التي صنعت منه موسيقي في الأغنية الشعبية وأبا لخمسة أطفال بنتين وثلاثة أولاد ،فكان نعم الأب الذي يسعى لتلبية إحتياجات عائلته المادية والمعنوية ،مما إضطره للعمل كالسائق تاكسي في الليل بعد فراغه من العمل نهارا في الفرقة الموسيقية التابعة للراديوا والتلفزيون لسد رمقه ، وعلى الرغم من إصابته بمرض ألزمه الفراش لمدة خمسة سنوات وإستلزم إستئصال رئته إلا أنه واصل عطائه الفني ولم يبخل على عشاق الأغنية الشعبية حتى خلال فترة نقاهته حيث كان يحي أفراح أصدقاءه و ويقيم أعراس أحباءه برفقة زملاءه الفنانين . إنطفأت شمعة العازف الشعبي عبد الرحمان زميرلي يوم 2 أفريل 1998 عن عمر يناهز 83 سنة تاركا أعمالا تحي حبه للأغنية الشعبية وتؤرخ لتراث الموسيقى الشعبي الأصيلة .