أن تأسيس الجمهورية الصحراوية سنة 1976 شكل "ردا شرعيا وصفعة قوية على مؤامرة دولية ضد الشعب الصحراوي " بدأت خيوطها تظهر في اتفاقيات مدريد نوفمبر 1975 ومسيرة الاجتياح والغزو الذي تعرض له الشعب الصحراوي منذ اكتوبر 1975 في ظل التعتيم والحرب المستعرة وما رافقها من مغالطة سياسية ودعاية تسميم" بحسب المراقبين . فإعلان الجمهورية الصحراوية جاء "تتويجا لجملة من الإنجازات و المكاسب التي ناضلت من أجلها جبهة البوليساريو بداية بحل الجمعية الصحراوية و انضواء أعضائها في صفوف الجبهة مرورا بإعلان الوحدة الوطنية ثم تأسيس أول حكومة صحراوية يوم 5 مارس 1976، رغم أن الدولة الصحراوية بدأت من الصفر عكس بقية المستعمرات الأخرى" بحسب تصريحات المسؤولين الصحراويين . في الميدان التعليمي،عكفت الدولة الصحراوية منذ البداية على بناء مدارس ابتدائية ثم متوسطة و "هي الآن تحضر لتغطية المرحلة الثانوية بل أكثر من ذلك فهي تقوم بالتحضيرات لبناء أول جامعة صحراوية ببلدة التفاريتي المحررة بالتعاون مع جامعات من إسبانيا و أمريكا اللاتينية وترقية علاقاتها الدولية" بحسب تصريحات الوزير الصحراوي. أن وجود المئات من الخريجين و حملة الشهادات العليا و مؤسسات تشريعية و قضائية و تنفيذية، والاعتراف الدولي بالدولة الصحراوية من طرف أزيد من 80 دولة وعضويتها في الاتحاد الإفريقي "دليل ملموس" على التطور الذي حققته على الصعيدين الوطني و الدولي في ظل سيطرتها على ثلث مساحة الإقليم واعتراف بها كشريك في صنع السلام. وفي ميدان الإدارة والتسيير مشهود للدولة الصحراوية بالتجربة "الرائدة والنقلة النوعية" والتي لعبت فيها المرأة والشباب دورا متميزا رغم رواسب الجهل والأمية الموروثة عن الحقبة الاستعمارية حيث أن خريجي وطلبة الجامعات في الحقبة الاسبانية، كانوا يعدون على رؤوس الأصابع بحسب تقارير الهيئات الاسبانية نفسها لسنة 1975 . أن "ظرف الاحتلال و اللجوء و قلة الإمكانيات المادية إضافة إلى أنها بدأت من الصفر بحيث لم ترث من الاستعمار الاسباني أطر قادرة على التسيير و تأمر المحتل المغربي و بعض حلفائه على الشعب الصحراوي كانت من بين الصعاب التي واجهت بناء الدولة الصحراوية" يقول الوزير الأول عبد القادر مؤكدا أن "الجمهورية الصحراوية استطاعت خلال 35 سنة أن تذلل كل الصعاب و تؤسس لهذا البناء المؤسساتي الذي تحقق و لا زال يتحقق " تلك الحقيقة فرضت على المغرب التسليم ب"وجود و حتمية" تلك الدولة بل أن الكثير من الملاحظين يعتقد أن الجمهورية الصحراوية "دولة قائمة بذاتها" فقط كونها دولة بعض أجزاء من ترابها محتلة . فالجمهورية الصحراوية دخلت مباشرة منذ تأسيسها في حرب مع محتل أجنبي على أكثر من صعيد لمدة 16 سنة لتدخل بعد 1991 على الخط مساعي سلمية لمنظمة الأممالمتحدة، ممثلة في بعثة المينورسو، أما صاحبها من "حرب خفية" و أحيانا معلنة انتهجتها الرباط بدعم وتعاون من طرف بعض القوى النافذة على المستوى الدولي مثل فرنسا واسبانيا وبعض الدوائر الأمريكية،بهدف سحب الاعترافات بها و تشويه صورة جبهة البوليساريو تارة بالإرهاب وقبلها وسم كفاح الشعب الصحراوي بالشيوعية والارتزاق وهلم جرا وأخيرا استهداف الجبهة الداخلية لخلق عدم الاستقرار، بحسب قيادة جبهة البوليساريو . لكن "الدولة الصحراوية أصبحت حقيقة مسلم بها و بدونها لا يمكن أن يكتب لأي مشروع سلام أو استقرار في منطقة المغرب العربي، النجاح " كما أوضح الرئيس محمد عبد العزيز في أكثر من مناسبة . أن حجج المغرب التي طالما روج لها الواقع السياسي والجغرافي عبر العالم فالترويج بأن "الشعب الصحراوي قليل العدد و لا يستطيع أن يشكل دولة "أمر بلا أساس بالنظر لوجود ما يقارب 26 بلدا في العالم مسجل لدى منظمة الأممالمتحدة و سكانه أقل عددا من الشعب الصحراوي ثم أن القانون الدولي لم يضع سقفا محددا لعدد سكان الدولة . الأمر اللافت بنظر المراقبين أن "الجمهورية الصحراوية حافظت طيلة 35 سنة على نفسها من ظاهرة الإرهاب والتطرف " رغم دعاية مغربية تعمل جاهدة للنيل من مصداقية جبهة البوليساريو و نشطاء انتفاضتها داخل الأرض المحتلة . "بعد وقف إطلاق النار عام 1991 حاول المغرب أن يبيع الديمقراطية من خلال تعطيل عملية استفتاء تقرير المصير الشعب الصحراوي و هذا ما أدى بجبهة البوليساريو إلى الدخول في مقاومة سلمية، لكن مع الاحترام التام للشروط المؤطرة لوقف إطلاق النار مع المغرب الجمهورية الصحراوية تسيطر على ثلث مساحة الاقليم لقد أقرت جبهة البوليساريو منذ المؤتمرال12 ، إقحام الشريط المحرر في الترويج الإعلامي والسياسي في ظل معركة "شد الحبل" ومواجهة مغالطات الاحتلال المغربي ومن اجل كذلك صيانة الآثار والثروات الطبيعية وتوظيفها في المعركة سواء في أبعادها السياسية أو الحقوقية أو الدبلوماسية، في ظل كذلك تواجد نواحي جيش التحرير الشعبي الصحراوي وبعض البلديات في تلك المناطق. و تم تشكيل وزارة إعمار الأراضي المحررة وسط بحث جاد عن تهيئة الأرض المحررة رغم الظروف الصعبة و شح الإمكانيات وندرة المياه و شساعة المنطقة التي تتربع على أزيد من 70 الف كلم مربع على شريط يمتد لأكثر من آلفي كم يصل عرضه في بعض الأحيان لأزيد من 100كلم، في مواجهة دعاية مغربية تحاول التقزيم من كل مكاسب الدولة الصحراوية بالادعاء أن جبهة البوليساريو توظف ما يعرف ب"المنطقة العازلة" والتي يمتد عرضها ما بين 5 و 35 كلم حسب بنود اتفاق وقف إطلاق النار الساري المفعول من سنة 6 سبتمبر 1991 . في الآونة الأخيرة، كشفت الأممالمتحدة في تقاريرها أن ثلث الصحراء الغربية هي بيد البوليساريو ، بل أن التفاريتي، لها أخواتها مرشحة لمزيد من التوظيف السياسي من لدن البوليساريو التي أقامت مشاريع اقتصادية وتنموية بهذه المناطق خلال سنوات وقف إطلاق النار ..!! ولما لا وضع المنتظم الدولي والمغرب بالخصوص أمام وضع جديد" دولة تتعامل مع العالم من أراضيها ، وليس من المخيمات أو المنفى"، على شاكلة مناطق ودول اخرى، وضعت العالم أمام أمر الواقع مثل كوسوفو في البلقان جنوب السودان . " الاحتفالات التي تقام كل مرة في هذه المناطق المحررة(التفاريتي، اغوينيت، ميجك..) أبرزت حقيقة جديدة أن البوليساريو تتعاطى بشكل متميز من المستجدات الدولية ومتطلباتها المتلاحقة" بنظر الملاحظين. وهي الآن تحضر للاحتفال بمرور 35 سنة على تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية يوم 27 فبراير ببلدة التفاريتي المحررة ، في ظل متغيرات جديدة وعالم جديد في أساليب مقاومته ومناعته عبر المقاومة السلمية والتي تشكل المناطق المحررة واحدة من واجهاتها بجانب العمل داخل الأرض المحتلة العمل الدبلوماسي، بنظر المحللين .