كانت زيارة الرئيس المصري حسني مبارك اول امس خارج كل التوقعات، ورغم ذلك لم تكن متأخرة، حتى وان كانت المناسبة بعيدا عن كواليس السياسة، والمصالح المختلفة بين البلدين، حتى وان كانت الزيارة في حد ذاتها جاءت لرأب الصدع الذي أحدثته حماقة الصغار، وحكتى استقبال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لنظيره المصري في مستوى رحابة صد الجزائر المعروفة بتجاوزها لكل الخلافات خاصة حين يتعلق الأمر بالأشقاء الذي تجمعنا بهم أواصر التاريخ ، والدين واللغة المشتركة، ومهما طالت الخلافات بين البلدين، فإن أكثر المتشائمين، كان على يقين انه سيأتي يوم لا ريب وتصلح الأمور بين البلدين، ومما لا شك فيه ان الزيارة لها اكثر من دلالة على إصرار مصر لطي صفحة ملف أحداث القاهرة واعادة مياه العلاقانت الى مجراها الطبيعي، وبلغة المصالح فإن البلدين في حاجة الى بعضهما البعض، خاصة في ظل التكتلات الإقليمية، التي باتت السمة المميزة لهذا العصر، فعلى المستوى السياسي مصر بحاجة الى الجزائر لتقف الى صفها في ما يتعلق بمحاولة الدول الافريقية، وعلى رأسهم اوغندا خرق الاتفاق في ما يتعلق بتوزيع ماء النيل وان حدث فإن مصر ستتأثر لا محالة، وبالتاكيد فان الجزائر لن تتأخر في واجبها للوقوف مع مصر انطلاقا من التاريخ الواحد وكل ما يجمع البلدين والشعبين، فضلا على التعاون الاقتصادي الذي صار رقما فاعلا في العلاقات بين الطرفين، ولا يمكن تقليل شأن طرف عن الطرف الآخر في المستوى الاقتصادي، لذا فزيارة الرئيس حسني مبارك التي جاءت لتقديم واجب العزاء في وفاة شقيق الرئيس، حتى وان كانت انسانية محضة ابدا فيها الرئيس مبارك حسن نيته وارادة كبيرة في محاولة طي صفحة الخلاف نهائيا وجعل ما حدث تجربة توحد الشعبين ودرسا على الصغار من كلا البلدين قراءته بتأني ، وخلاصة القول فإن زيارة مبارك الشخصية، واستقبال بوتفليقة له ليس لها سوى تفسير واحد وهو ان الكبار اصلحوا ما افسده الصغار.