بدأ السعي خلف رؤوس القوائم الانتخابية، وبدأت المحالات والدكاكين الموسمية التي تسمى مجازا أحزابا تفتح أبواب المزاد لمن يدفع أكثر حتى يكون في قمة القائمة، ولأول مرة يكتشف المواطن العادي وحتى الغير العادي أن ثمة من يسعى لإنشاء حزب ليس من أجل النضال والسعي خلف مصالح البلاد وتطبيق برامج وأفكار، ولكن ليجني كل خمس سنوات بعض الملايير من الدينارات من خلال بيع رؤوس القوائم، لنخرج من شعار الأرض لمن يخدمها وندخل عصر القوائم لمن يشتريها، رغم خطورة هذا الفعل الذي كان من المفروض أن تتحرك فيه آلة القانون وتحاسب الدكاكين التي تحولت إلى أحزاب، والأحزاب التي تحولت إلى دكاكين، وفي عصر الصفا والمروى بين حزب وآخر يوجد رجال أعمال ورجال الإهمال ورجال تبييض الأموال يبحثون عن شراء رأس أي قائمة ويدفعون في سبيلها الشيء الفلاني، ولا يهم إن كان الحزب إسلامي أو ديمقراطي أو شيوعي أو وطني، أو حزب بلا دين ولا ملة سوى ملة المال وبيع ضمير أشباه الرجال، وبعد كل هذا تحاول هذه الأحزاب إقناع المواطن بجدوى الانتخاب، وضرورة ممارسة الواجب الانتخابي، هكذا بكل بساطة هي ممارسة السياسة لدى الساسة الكرام في بعض الأحزاب، ومن المضحكات المبكيات على رأي شاعر نسيت إسمه أن تترشح متبرجة على رأس قائمة حزب إسلامي، ويترشح نائب ملتحي في حزب علماني، وسلام على المبادئ والنضال من يوم الناس هذا إلى يوم الصندوق الشفاف والصندوق الغير الشفاف الذي يدخل فيه الناس ولا يمكنهم شراء لا رأس قائمة ولا حتى سافلها.