تمكنت مصالح الأمن التأقلم مع الواقع الجديد في مواجهة الجماعات الإرهابية، حيث سجلت الأرقام أقل عدد ممكن في العمليات الإجرامية، بمقابل تسجيل عمليات متقدمة من قبل قوات الجيش الوطني الشعبي، ويأتي هذا التطور عقب سياسة ضرب الرؤوس المدبرة في الجماعة السلفية للدعوة والقتال وبعدها العمليات الأمنية الدقيقة. تمكنت مصالح الأمن من تحييد عدد كبير من الرؤوس المدبرة والمحرضة للأعمال الانتحارية، خلال نهاية وبداية العام الجاري، كأرضية للشروع في عمل دقيق تمت دراسته، وقد بدأ الأمر بتصفية سمير سعيود المعروف ب "مصعب أبو عبد الله"، وسيد علي رشيد المكنى "علي الديس"، وهارون العشعاشي، ثم زهير حارك الشهير ب "سفيان الفصيلة" قائد المنطقة الثانية، إضافة إلى "أبو تراب" واسمه الحقيقي عبد الحميد حمزاوي، وبعدها "يحيى أبو الهيثم" أمير كتيبة الأنصار سابقا والأمير السابق للمنطقة الثانية، ثم عبد الفتاح أبو بصير واسمه الحقيقي "فاتح بودربالة" أمير سرية العاصمة، وبعدها عبد الرحمان بوزقزة المدعو "الثلاثي" أمير كتيبة الفاروق ومدبر اعتداءات 11 ديسمبر، وأخيرا "موح الروجي" في سي مصطفى بولاية بومرداس. وجاء تحرك مصالح الأمن في اتجاه العودة للعمل بخبرة الفرق الخاصة التي تشكلت أول الأمر منتصف التسعينيات لردع الإرهاب، وتكثيف الرقابة على المدن الكبرى خاصة العاصمة، بالموازاة مع فرض إجراءات صارمة بخصوص مواد فلاحية ثبت استغلالها من قبل الإرهابيين في صناعة المتفجرات، ومراقبة مكثفة على الحدود للتقليل من تهريب الأسلحة، كما عمدت من جهتها قوات الجيش إلى انتهاج سياسة هجومات متقدمة تعتمد على ضرب معاقل الجماعات الإرهابية وتدمير ورشات التفجير، أما بخصوص العنصر البشري الذي تتغذى منه الجماعة السلفية فقد شددت مصالح الأمن الرقابة على شبكات التجنيد. وبعد تطور في العمل الإجرامي خلال شهر أوت، سماه المختصون "آخر نفس" لدى الجماعات الإرهابية، لوحظ جليا عودة العمليات الإجرامية إلى أدنى مستوياتها، وبحسب آخر التقارير فإن القوات المشتركة للأمن ووحدات الجيش الوطني الشعبي نجحت خلال شهر أكتوبر الماضي في القضاء على 18 إرهابيا في مناطق متفرقة من البلاد، من ضمنهم اثنان تم اعتقالهما وتسليم ثلاثة آخرين لأنفسهم، وأشار الإحصاء إلى استقرار الوضع الأمني في الجزائر، نتيجة للخطط الأمنية المطبقة منذ فترة، مع سقوط ثلاث ضحايا الواجب من عناصر الجيش وقوات الأمن. ومعلوم أن قيادات النواحي العسكرية للجيش الوطني الشعبي، اعتمدت منذ رمضان الفارط، خططا جديدة في تمشيط مناطق مع انتشار غير مسبوق لوحدات الجيش، توزع على بعض المدن والتجمعات الحضرية القريبة إلى غابات يشتبه لجوء عناصر إرهابية إليها، وذلك على خلفية بلوغ معلومات عن تحركات لعناصر من الجماعات الإرهابية، أما منطقة القبائل التي تعتبر معقل التنظيم الإرهابي الجماعة السلفية للدعوة والقتال، فقد أخلت لها قوات الأمن خطة خاصة من تحويل جزء من مركز القيادة العسكرية في الناحية الأولى نحو ولاية تيزي وزو، من قبيل تهيئة الظروف لإشراف قيادات الناحية مباشرة على العمليات الكبرى التي يستعد الجيش الوطني الشعبي القيام بها في جبال المنطقة، حيث أن الجيش حاليا يتحرك في جبال منطقة القبائل تحت إمرة مختصين وبمتابعة ميدانية قريبة تسبيقا لتصفية قيادات التنظيم ضمن المنطقة الثانية وعدد من السرايا والكتائب ما بين البويرة وتيزي وزو وبومرداس ودوائر بوغني، معاتقة، واضية وكذا بلدية آيت يحيى موسى وغيرها.