يعتبر حزب جبهة التحرير الوطني من أكبر الأحزاب السياسية في الجزائر منذ الاستقلال وازداد قوة بعد إقرار التعددية الحزبية والتي جعلت الأفلان يدخل الساحة السياسية بروح جديدة تماشيا مع تغير المعطيات بظهور عدة أحزاب كانت بالأمس القريب العدو الشرس، لكن مع ذلك حافظ حزب جبهة التحرير الوطني على قوته وزعامته في إعطاء وتقديم مقترحات وطنية وسياسية خدمة لمصلحة الوطن واستمرارا لنضال الأمس أثناء حرب التحرير حسب تعبير المكلف بالإعلام والإتصال سعيد بوحجة الذي خصنا بحوار لشرح عدة مواضيع وطنية وعالمية خاصة بعد تعديل الدستور وردود الأفعال التي ظهرت من هنا وهناك والأزمة العالمية وانعكساتها على الجزائر وغيرها من المواضيع المثيرة نطلع عليها في هذا الحوار: المستقبل: كان حزبكم أول من طالب بتعديل الدستور هل لنا أن نعرف لماذا هذا الإصرار القوي على التعديل؟ سعيد بوحجة: إن الدستور السابق جاء تحت تأثير عدة قضايا سياسية وإجتماعية ودولية كالإرهاب والمساس بالرموز الوطنية التي عرفت عدة حوادث، كحرق العلم الوطني ونبش قبور الشهداء في بعض المناطق وكذا الأزمة الأمنية التي كانت تتخبط فيها البلاد ودخول العالم مرحلة العولمة وظهور عدة تكتلات جهوية وتغير النظام العالمي، أضف إلى ذلك تداخل الصلاحيات بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، هذا ما جعلنا نطالب بتغيير الدستور وتكييفه مع المعطيات الجديدة كإعطاء الرموز الوطنية المكانة اللائقة وقطع الطريق أمام الذين كان هدفهم المساس بهذه الأمور المقدسة، كما أن هذا التعديل حدث في وقت خرجت الجزائر من أزمتها التي لازمتها لسنوات وإستمرارا للمصالحة الوطنية التي صوت عليها الشعب للحد من ظواهر الإرهاب بصفة نهائية بعد التضامن الدولي الكبير مع الجزائر في هذا المجال. ومن ناحية أخرى فالتعديل جاء لخلق انسجام في مؤسسات الدولة وتفادي الازدواجية بعد التداخل الذي كان حاصلا بين السلطتين وهذا ما كان قد يصل بنا إلى حالة الإنسداد، لذا فالتعديل الأخير فصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية باستحداث منصب وزير أول بدل رئيس حكومة، كما أن التعديل فتح المجال لتعددية حرة بفتح المجال السياسي للمرأة وترقيتها بعدما كنا نوقع على قوانين المرأة وكذا الطفل ضمن مجالس الأممالمتحدة، ولدينا إطارات وأفكار ومقترحات كان لابد من توظيفها وإقرارها في دستورنا بدل اتباع القوانين الدولية، فبادرنا بقضية ترقية الحقوق السياسية للمرأة، هذا ما جعلنا نصوت وبقوة على التعديل الدستوري والذي جاء استجابة لمطلب القوى السياسية. كيف تردون على الذين يعتبرون هذا التعديل الدستوري بأنه لاحدث، وأن الديمقراطية في خطر بعد ظهور عدة معطيات توحي بأن الإنتخابات الرئاسية القادمة محسومة مبكرا؟ إن هؤلاء بالنسبة للأفلان بعيدون عن مجريات التطور السياسي الكبير الذي تعيشه الجزائر وما التصويت ب 500 صوت ب"نعم" إلا دليل على أن الديمقراطية حاضرة وأن الحدث كبير وتاريخي والنواب بالغرفتين عبروا بقوة عن إحساس وطني في تمثيلهم للبرلمان، وهذه التصريحات لا يمكنها أن تترفع على مستوى الإرادة الشعبية، وأقول أن التصريحات تعبر عن ظروف نفسية يعيشها الشخص المصرح. هل هناك تعديلات تقترحها جبهة التحرير الوطني بعد هذا التعديل؟ نعم هنا مشروع تعديل آخر مهم سوف نتقدم به في الأيام القادمة من بين المقترحات وهو تحديد المهام بين الغرفتين: مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني، وهو مطلب أساسي ومستقبلي بالنسبة للأفلان وسوف نطرحه على الشعب للاستفتاء حسب الدستور الذي ينص على ذلك في حالة المس بالتوازنات، لأن مجلس الأمة أصبح يصادق فقط، كما أن هناك مقترحات نكشفها في وقتها تهم مصلحة الجزائر قبل المصالح الشخصية التي أصبحت أهداف عدة أقطاب، لأنها تظهر إلا في المحطات الهامة للبلاد. الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون إنتقدت رجالات حزب جبهة التحرير الوطني بقبوله إلتحاق عدد من نواب حزب العمال بالأفلان، كيف تردون على إنتقاداتها؟ إن حزب العمال بقيادة لويزة حنون نعتبره من الأحزاب الفاعلة والناشطة في الساحة السياسية وتمارس معارضة حقيقية وتقوم بتقديم عدة بدائل، لذا فالأفلان يكن لها الإحترام والتقدير، لذا نطالبها بالبحث عن أسباب هذا الهروب في حزبها، لأننا لم نقدم رشاوى أو نمارس ضغوطا، أو أي سياسة لجذب هؤلاء النواب من حزب العمال، ضف إلى ذلك حدث وأن لجأ عدة نواب من الأفلان إلى أحزاب أخرى ولم نحدث ضجة لأننا نعتبر هذا السلوك عاديا يحدث في أحزاب كل الدول. إن مغادرة نوابها كانت إختياريا وإراديا إلى الأفلان. ما المشكلة بين RCD وكل ما يمثل الثورة التحريرية. فبعد ما قام به آيت حمودة في البرلمان مع خودري جاء دور الأفلان ليدخل إلى المتحف حسب تعبير سعيد سعدي؟ جبهة التحرير الوطني الوريث الأصلي لجيش التحرير الوطني، ولا يمكن وصفه كقطعة أرض جرداء متاحة لمن يريد التصرف فيها كما يشاء، بل هي مجموعة من المبادىء والقيم والأدبيات راسخة في المجتمع، لما لها من عوامل معنوية ناتجة عن نضال شعب وتضحيات الشهداء، وبذلك تبقى حية إلى الأبد. وقد أفرزت التعددية أولئك الذين يؤمنون بمبادئنا وتشبثوا بها لأنهم يعتقدون أن رسالة نوفمبر تبقى تعمل دوما على إستمرارية الأجيال القادمة، بينما ذهب البعض للبحث عن فلسفات مركبة كيميائيا مستنبطة من مكاسب مجتمعات أخرى لا صلة لها بخصائص المجتمع الجزائري، الشيء الذي تركه يعاني في مسيرته التي لا تنطبق على شعبنا، ولكن نطرح سؤالنا لماذا بعد أكثر من 20 سنة من العمل ضمن التعددية يأتي RCD الأرسيدي ويقول هذا الكلام عن الأفلان، ألم يتعامل معنا عدة مرات؟ إننا في الأفلان نعتبر هذه التصريحات ما هي إلا إملاءات أجنبية وقصور في الرؤيا. وما دامت الإرادة السياسية متمسكة بالأفلان فهي باقية مستمرة ومنتصرة، ولا يمكن للمواقف الشخصية الإرتجالية الوقوف في طريقها لإتمام الرسالة المقدسة للأجيال. لتبيان الخيط الأبيض من الأسود، هل لنا أن نعرف سبب رفض الأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم لمنصب نائب الوزير الأول؟ من واجبي إعلام الكل أن الأمين العام عبد العزيز بلخادم لم يعرض عليه أصلا منصب نائب الوزير الأول. ومن تتوقعون في ذلك المنصب ألا تظنون أنه من نصيب لويزة حنون خاصة بعد التعديل الدستوري الذي فتح المجال واسعا للمرأة؟ في الأفلان لا نتوقع تعيين نواب الوزير الأول في الوقت الحالي ربما بعد أن تتوسع المهام، لأنه في الوقت الراهن لا يوجد داع لذلك خاصة بعد تقليص مهام الوزير الأول المستحدث في التعديل، أما عن لويزة حنون في منصب نائب الوزير الأول يبقى مجرد احتمال. متى يتم عقد قمة التحالف لتتسلموا الرئاسة؟ بعد التأخر في عقد القمة نظرا للعمل السياسي المكثف لمختلف أحزاب التحالف تقرر عقدها يوم الأحد 30 نوفمبر، وتتم دراسة عدة مواضيع خلال القمة بعد أن تم تشكيل لجنة تدرس وتحضر برنامجها، والمصادقة على برنامج عمل يتضمن التحضير للرئاسيات وتنسيق العمل داخل المجلس الوطني الشعبي، ونحن في الأفلان هذا التأخر جاء في وقت مناسب لتهيئة مناخ التحضير للرئاسيات في ظروف مواتية وتجنيد مناضلينا للإستحقاق القادم. متى يتم الإعلان رسميا عن تزكية ترشيح الرئيس لعهدة ثالثة؟ سوف يتم ذلك في المؤتمر الوطني الذي يعقد خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر، ويتم ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة ثالثة وتزكيته بعد النتائج الكبيرة التي حققها برنامجه في كل الميادين باعتراف القريب والبعيد والشعب هو الوحيد السيد في الاختيار. تحت أي غطاء تتوقعون ترشحه، وهل هناك منافسة من الأحزاب تؤثر على النتائج أم أنها مجرد أرانب لتزيين واجهة الديمقراطية في الجزائر حسب تعبير البعض؟ إن التجربة الديمقراطية علمتنا أنه لا توجد أرانب في الجزائر وكل شيء يتم بالمنافسة الشريفة، ولا وجود لأرانب مادام هناك اعتراف بالأحزاب، والجزائر لا تحتاج إلى أرانب تزين واجهتها الديمقراطية، فالرجال هم الذين تتزين بهم الجزائر، وكفانا فخرا السياسة الرشيدة لرئيس الجمهورية، وأن التشكيلات السياسية لا تؤثر على مرشحنا ولا نخشى الوزن الخفيف وهذا ليس حطا من قيمة هذه التشكيلات وإنما الواقع يحكم. لذا فنعتقد أن رئيس الجمهورية سوف يترشح بصفة مستقلة وحرة. إن الأزمة المالية العالمية بدأت تطول وأسعار النفط في تدهور، كيف ينظر الأفلان لإنعكاسات ذلك على الجزائر وتأثيرها على المشاريع الكبرى؟ الأزمة المالية العالمية مست الدول الكبرى قبل الدول الصغرى في بدايتها، لذا فاستمرارها سوف يؤثر على الجزائر التي تملك اقتصادا محميا غير مندمج، ورغم الاحتياط المعتبر والقضاء على المديونية إلا أن الأفلان بدأ يحضر لمقترحات من أهمها المسارعة في إتمام المشاريع الكبرى وهي شرط أساسي لجلب المزيد من الاستثمارات، كما يطالب حزب جبهة التحرير الوطني من الآن بمراجعة الأولويات في التنمية تحسبا لأي طارئ. لازالت الطبقة السياسية في المغرب تتهجم على الجزائر في كل مرة رغم الصفعات التي تأخذها من مؤسسات الأممالمتحدة الراعي الرسمي لمختلف المشاكل الدولية ماذا تريد منا المغرب حسب الأفلان؟ إن تهجم المغرب على الجزائر هي محاولات يائسة لتحويل الرأي المغربي والرأي العالمي عن المجرى الحقيقي لصراعها مع الصحراء الغربية، والذي يدرس في مكاتب الأممالمتحدة، والجزائر غير معنية لا في المفاوضات ولا شيء آخر وإنما الأممالمتحدة تستشير الجزائر بصفتها بلدا مجاورا فقط، ضف إلى ذلك فالأممالمتحدة هي التي تقيم هل الجزائر تعرقل أم لا، وهي المسؤولة والتي تشرف على المفاوضات بين الصحراء الغربية والمغرب. كما أذكر أن الملك الحسن الثاني تفاوض مباشرة مع البوليزاريو وأن المغرب موافق على أن القضية تتم في إطار الشرعية الدولية إذن لا داعي لجعل الجزائر طرفا في النزاع. وماذا عن الاتحاد المتوسطي وحضور إسرائيل؟ إنه مجرد اتحاد بسيط والجزائر رائدة في جعل البحر الأبيض المتوسط بحيرة سلام، نعتقد أن الجزائر بوجودها ضمن هذا الإتحاد تتعزز علاقاتها التقليدية التي تقيمها مع الدول وتبرز بذلك كدولة معتبرة ومؤثرة. إننا في جبهة التحرير الوطني لا نريد أن يحضر أحد في مكاننا كما كان في السابق، نحن حاضرون ومؤثرون رغم وجود اسرائيل والتي هي موجودة كذلك ضمن جمعية الأممالمتحدة ولا نريد أن يمثلنا أحد. لذا فعهد الكرسي الشاغر قد ولى، وهذا لا يعني تطبيعا أو إقامة علاقة ثنائية كما يحاول البعض استغلال ذلك. هل تتوقعون اعتذارا من فرنسا خلال الفترة القادمة؟ في الوقت الحالي غير ممكن، لأن القضية سياسية أكثر منها إنسانية وهذا عكس ما وقع بين إيطاليا وليبيا لأنه اعتذار اقتصادي محض والوضع معنا يختلف لوجود بحر من الدماء بيننا، وأضف إلى ذلك أن المعمرين المتسببين في المجازر يحتلون في الوقت الحالي مناصب عليا في فرنسا وتلك المشكلة الكبرى، وقد أصبحت القضية تستعمل لتحقيق نجاحات في الإنتخابات الفرنسية، لكن مع مرور الزمن ستعتذر فرنسا للجزائر بعد إقامة علاقات ودية رفيعة وتهيئة مناخ للشعب الفرنسي حتى يتقبل الاعتذار على أنه عمل حضاري.