مع استمرار آلة الدمار الإسرائيلية في القصف الوحشي للفلسطنيين في قطاع غزة رغم قرار مجلس الأمن الدولي الداعي لوقف إطلاق النار، إرتأت المستقبل نقل شهادات من الميدان، فاتصلت بالدكتور أحمد يوسف المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية "المقالة"، الذي تعرض أمس الحي الذي يقطنه إلى قصف شديد للطيران الحربي للعدو الاسرائيلي، لمعرفة آخر التطورات الميدانية من داخل غزة وموقف قيادة حماس في الداخل من الحراك السياسي والشعبي في العالم لإيقاف العدوان الهمجي المسلط على الشعب الفلسطيني في غزة، وبعد محاولات عدة للاتصال به رن هاتفه النقال، فرد علينا صوت نسائي -يفترض أن تكون ابنته- فسألتنا عن هويتنا، فأخبرتها أنني صحفي جزائري وأطلب الدكتور أحمد يوسف وبعد هنيهة قليلة كان معي المستشار السياسي لرئيس الحكومة الفلسطينية "المقالة"، الذي كان يتمتع بمعنويات قوية وثابتة ولم يبد على صوته التأثر بالقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وأكد د.أحمد يوسف على صمود الشعب الفلسطيني أمام العدوان، وقال "لن نستسلم ولن نرضخ.. سننتصر أو نستشهد". المستقبل : كيف هي معنويات المقاومة بعد قرابة أكثر من أسبوعين من العدوان؟ د أحمد يوسف :احيي عن طريقكم الصحافة الجزائرية الثابتة والجريئة والشعب الجزائري المقاوم لكل مساس بسيادته وأقول: نحن عزمنا على أن لا نستسلم ولن نرضخ وسنقاوم لأنه ليس بالسلاح وحده تنتصر الشعوب، وسنثبت للعدو أن القوة العسكرية والقصف والمجازر لن تضعف إرادتنا على المقاومة، وإذا اعتقد العدو أنه بقواته الهمجية وأسلحته المدمرة والنساء والأطفال المحترقة أجسادهم سيحقق نصرا عسكريا على المقاومة فهو مخطئ، ، لأن كل هذه المجازر التي ترتكب في حق الأبرياء ستوغل صدور العالم ضد هذا العدو الغاصب. لماذا تحفظت حماس على قرار مجلس الأمن الاخير القاضي بوقف إطلاق النار؟ هذا القرار فيه محاباة لإسرائيل، وسعي لتطويق وحصار المقاومة، ونحن لا نريد تكريس الاحتلال من خلال القوات الدولية، هذا القرار لا يخصنا ولم نكن طرفا فيه. ماذا عن المبادرة المصرية؟ هناك فعلا مبادرة مصرية بجهد تركي، لكن أي شيء يقصد منه قطع الطريق على المقاومة ومنع السلاح عنها أمر مرفوض، إننا تحت الاحتلال فنحن نريد أن يكون هناك حل جذري ووقف للعدوان وفتح للمعابر وفك الحصار. الجيش الإسرائيلي دخل منذ أيام في حرب برية لكنه لحد الآن يتحرك في مناطق مفتوحة دون أن يقتحم المدن، ألا تعتبرون ذلك محاولة لاستدراج المقاومة إلى مواجه مفتوحة خارج المدن؟ الاحتلال لحد الآن لازال يركز على قدراته الجوية التي لا نملك الإمكانات العسكرية لمواجهتها فهو يقوم بقصف المدن والأحياء السكنية بالطيران الحربي مستعملا طائرات ف 16 والأباتشي والقنابل الذكية لتدمير كل البنى التحتية في قطاع غزة، ولكنه مع ثبات شعبنا يحاول التقدم في بعض المناطق الفارغة خوفا من أن يصاب في مقتله إن توغل داخل المدن والأحياء الشعبية، ويكتفي بقصف أطراف المدن بالقذائف . هل تعتقدون بأن هناك أطرافا عربية متواطئة مع إسرائيل لاجتثاث المقاومة الإسلامية حماس من قطاع غزة؟ هذا ما تحاول إسرائيل تسويقه لوسائل الإعلام بأنها تريد القضاء على حماس بينما الحقيقة أن هذه الحرب تستهدف شعبنا جميعا حتى الحجر والشجر وكل عنوان اسمه فلسطين لخلط الأوراق والقضاء على حلم فلسطين لبناء دولته المستقلة، فهم يريدون قطع الصلة بين الفلسطينيين، فحماس أصبحت العناوين الأبرز لعزة الأمة العربية والإسلامية، التي نأمل أن نرفع عنها غبار الزمان ونعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة اهتمامات الأمة العربية الإسلامية كقضيتها الرئيسية والجوهرية وتقوية المشروع التحريري. أما عن التواطؤ فليس المقام مزيدا من تعميق الجراح. هل بدأت تصلكم المساعدات الجزائرية إلى داخل غزة؟ للأسف لازالت هناك عقبات تحول دون وصول كل المساعدات الإنسانية التي أرسلتها الجزائر والعديد من الدول العربية والإسلامية والصديقة إلى قطاع غزة، حيث لا يسمح إلا بدخول المساعدات الطبية عبر معبر رفح وببطء شديد. أما المساعدات الغذائية فيتم إدخالها عبر إسرائيل (معبر إيريز). منظمة مراسلون بلا حدود ووسائل إعلام عالمية انتقدت منع إسرائيل من تغطية ما يجري في غزة، لماذا تصر تل أبيب على تغييب الإعلام في هذه الحرب؟ خلو قطاع غزة من وسائل الإعلام الأجنبية جاء بعد منع أي صحفي من دخول القطاع بهدف ضرب غزة وارتكاب جرائم بحق الإنسانية دون أن يتمكن العالم من مشاهدة وحشية وهمجية هذا الاحتلال، فالنية كانت مبيتة حتى قبل العدوان على غزة لارتكاب هذا الحجم الهائل من الجرائم في حق الإنسانية والذي لم يسبق له وأن تعرض إلى كل هذا الدمار. خرج الملايين من العرب والمسلمين وشرفاء العالم في مظاهرات لدعم صمود المقاومة ورفض العدوان، فماذا تنتظر المقاومة الفلسطينية من الدول العربية والإسلامية؟ نحن نثمن هذه الهبة الشعبية وهذه الحشود والتظاهرات التي تحركت عبرها في العالم العربي والإسلامي وكل القوى الحية في العالم ليقولوا جميعا لا لهذا العدوان، لأن هذه المظاهرات والمسيرات ترفع من معنويات المقاومين وتثبت لشعبنا بأننا جزء من هذه الأمة العربية والإسلامية، كما نطمع أن تتواصل الدول العربية والصديقة في تقديم مزيد من قوافل المساعدات لأن هذا الدعم شيء طيب ويزيد من صمودنا ومن الضروري أن يتواصل، رغم أننا نعلم بأن خطوط الدعم بين قطاع غزة وعمقها العربي والإسلامي شبه مقطوعة، لكن على كل دولة أن تقدم كل ما يمكنه أن يعزز صمود شعبنا أمام العدوان. نحن جزء من هذه الأمة والمسيرات ترفع من معنويات المقاومين. خرج الجزائريون في مسيرات حاشدة كيف تقيمون حجم الدعم العربي للشعب الفلسطيني في هذه المحنة؟ تابعنا هذه الحشود التي خرجت في مسيرات ومظاهرات في الجزائر والدوحة ولندن ونيويورك وفي مختلف المدن والعواصم العربية والإسلامية والعالمية، لكن ما يؤلمنا أن الكثير من الأنظمة العربية والإسلامية لم تحترم شعوبها ولا تزال سفارات إسرائيل مفتوحة في بلدانها، ووجدنا أن الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز كان أقرب إلينا عندما طرد السفير الإسرائيلي من بلاده، كنا نتمنى أن يكون هناك موقف عربي مماثل لما قام به شافيز لكن الأنظمة العربية لم تحرك ساكنا ولم تكن في مستوى تطلعات شعوبها، نتمنى أن تكون هذه الدماء الطاهرة التي تتدفق في فلسطين عنوان هذه الأمة، في ظل استمرار المهانة التي يعيشها النظام العربي. هل يمكن لهذه التظاهرات الضخمة التي عبرت عن رفضها للإرهاب الإسرائيلي أن توقف المجازر في غزة؟ من الغريب أن نرى مليارا ونصف مليار مسلم عاجزين عن وقف هذه المجازر، ولكن نتمنى أن تكون هذه المظاهرات بداية لنهوض الأمة العربية. إن هذه ملحمة غزة، ومعركة غزة إما أن ننتصر فيها أو نستشهد.