عندما يكون بيتك من زجاج، احذر أن ترمي بيوت الآخرين بالحجارة.. بهذه الحكمة العالمية، بدأ المكتب الإعلامي لمجلس الدولة في الصين صياغة رده الرسمي الخميس الفارط على السجل الأمريكي لحقوق الإنسان الذي قدم صورة سوداء عن حقوق الإنسان في أكثر من 190 دولة ومنطقة في العالم، وبطبيعة الحال فإن القائمة لا تتضمن سجل الولايات المتحدة. وبهذه الحكمة، يمكن لسائر دول العالم أن تبدأ ردودها عن أمريكا، ليس لأن حقوق الإنسان في العالم على أحسن ما يرام، أو في وضع يجعلها فوق النقد والاحتجاج، ولكن لأن أمريكا هي آخر دولة في العالم يحق لها أن تنتقد حقوق الإنسان، وأول دولة في العالم تستحق المحاسبة بخصوص خرق حقوق الإنسان. التقرير السنوي للخارجية الأمريكية حول وضعية حقوق الإنسان للعام الماضي، قدم صورة قاتمة عن كل الدول التي تناولها، من أمريكا اللاتينية، إلى أوربا، ثم إلى إفريقيا مرورا بالقارة الآسيوية، ولكنه لم يذكر ولو على سبيل " الهفوة" أو الخطأ المطبعي أن الأوضاع المتردية في ثلاثة أرباع الدول التي شملها التقرير بالتغطية، سببها المباشر هو التدخل الأمريكي في شؤون الغير,, لم يذكر التقرير أن الكثير من المآسي التي يتخبط فيها البشر والحيوان على حد سواء، سببها السياسة الأمريكية ودسائس البيت الأبيض الذي هو إسم على غير مسمى, في أمريكا التي يحكمها " البيت الأبيض"، ووفقا لتقرير صدر قبل ستة شهور عن مكتب التحقيقات الفيدرالي، سجلت سنة 2008، مليون و400 ألف جريمة عنف، من بينها سبعة عشر ألف جريمة قتل، وأكثر من تسعة ملايين جريمة سرقة مست ممتلكات الغير خلال سنة 2007. وفي أمريكا التي تتغنى بحقوق الإنسان، كشف تقرير لمركز أمريكي مختص عن أكثر من مليون طالب في المدارس الثانوية، تعرضوا خلال سنة 2007 للتعنيف والتهديد، وأصيبوا بجروح بأسلحة داخل المدارس، وفي مجال الحريات العامة، أضاف التقرير " الأمريكي طبعا" أن الحكومة الأمريكية، شرعت قانونا جديدا في شهر جويلية المنصرم، يسمح لها بالتجسس السلكي على أنشطة المواطنين البسطاء عبر النت في إطار قيودها المتزايدة على حقوق الإنسان، هذا دون الخوض في تفاصيل الانتهاكات المباشرة التي تقوم بها عناصر الشرطة في حق المواطن، والتي شملت حسب التقرير الأمريكي قرابة مليوني ونصف المليون سجين في الولايات المتحدة، ونقرأ دائما في تقارير أمريكية أن أمريكا التي تدعي أنها خير من يقدم وصفات اقتصادية لشعوب العالم، و" أحق" دول المعمورة بمحاسبة الحكومات عن تردي الأوضاع الاقتصادية لبلدانهم، أحصت خلال عام 2007، أكثر من سبعة وثلاثين مليون من سكانها يعيشون في فقر مدقع، وأن معدل البطالة بهذه الجنة المزعومة وصل العام الماضي إلى 5,8 بالمائة بالنسبة للسكان البيض، أما بخصوص السكان السود فقد تعدى الرقم 10 بالمائة خلال العام الماضي، وهو فارق كبير يفتح باب الأسئلة عن مدى تفشي العنصرية في جوانب الحياة الاجتماعية لهذا البلد الذي يجعل من الحرية شعارا لديمومته. أمريكا بكل اللغات، ووفق كل الأعراف والنظم والقوانين، لا يحق لها أن تنتقد حقوق الإنسان في العالم، ذلك أنها تقف في خط مواز لحقوق الإنسان، وابحثوا إن شئتم في مشاكل العالم، ستجدون وراء كل حرب داخلية خلفت آلاف اليتامى والأرامل والمعوقين دسيسة أمريكية، وستجدون وراء كل مأساة قصاصة موقعة بالدم، كتب عليها "صناعة أمريكية". سعيد مقدم