طالعتنا صفحات الأخبار المتعلقة بالحوادث في بداية الأسبوع المنصرم بخبر، جاء فيه على وجه التحديد" يتواجد رئيس بلدية كذا بغرفة الإنعاش في مستشفى كذا، بعد أن طعنه زميل له من بلدية مجاورة بخنجر على مستوى البطن والقلب، بسبب نزاع بينهما، بعدما اصطحبا فتاتين إلى غرفتين بفندق المركب السياحي مطاريس بولاية تيبازة". الخبر لا يحتاج إلى تفصيل، ولكن الحادثة تتطلب وقفة طويلة وعريضة، ليس لأن المسألة تتعلق بجريمة سال فيها الدم واكتملت أركانها.. ذاك من عمل المصالح المختصة، إنما لأسباب أخرى كثيرة، فالرجل المطعون هو " مير" يا ناس، والقضية برمتها كما تشير إليه تفاصيل الخبر تتعلق بمومس أكرمكم الله، ومن هنا فقط يصبح الخبر يشكل قضية رأي عام، ولا يقف عند حد المسائل الشخصية. شيخ البلدية أو رئيسها الذي نعبر عنه عادة بكلمة " المير" المنقولة نقلا مكسرا عن اللغة الموروثة والسائدة، هو شخصية معنوية، اختاره المجتمع من بين كثير من الناس ليأتمنه على أموره، ولابد أن نشدد هنا على كلمة " إئتمان" مادام الأمر يتعلق بمسؤول منتخب وليس معينا، والسؤال الذي حيرني، بل واستفزني إلى حد الكتابة في الموضوع، هو كيف نأتمن شخصا على مصالح أمة ودولة، في وقت فشل في إدارة مشاكل شخصية تتعلق بمومس أكرمكم الله؟ لا أتحدث هنا عن شذوذ " المير"، فتلك مسألة شخصية، وهناك أشخاص وجهات أولى بالحديث في الموضوع، ولكن أتحدث بالضبط عن ضمير المسؤول الأول عن بلدية بكذا نسمة سكانية، وكثير منهم إن لم نقل كلهم قرأوا خبر سقوطه في " حضرة" مومس، ومن بين كل هؤلاء الذين قرأوا الخبر، قد يحدث أن يتفق العشرات منهم على سؤال واحد مفاده أن من عجز عن إدارة مشكلة تتعلق بمومس، لا يمكن أبدا أن ننتظر منه حل مشاكلنا اليومية، ولا تنتظر منه الدولة أن يضيف شيئا في موضوع التنمية، وربما وُجد من بين هؤلاء بعض الفضوليين من يتناول الحادثة من باب حسابي، فيسأل نفسه، كيف لرئيس بلدية لا يصل أجره إلى 40 ألف دينار في أحسن الأحوال أن يوفر ما يسمح له بقضاء عطلة نهاية الأسبوع في مركب سياحي، يتعدى سعر الليلة الواحدة فيه 7 آلاف دينار؟ في البلاد الأوربية أصبح التعامل مع الجريمة يأخذ أوجها متعددة، وفي هذه البلدان التي تأخذ بالأخلاق من باب العرف فقط، سنت كثير من الجهات عقوبات مضاعفة في حال إذا كان مرتكب الخطأ أو الجريمة مسؤولا، وإذا حدث أن ألقى شرطي القبض على مرتكب مخالفة مرورية، وأجهر هذا الأخير بمنصبه ومسؤوليته وقت سؤاله، فإن العقوبة تتضاعف أكثر، لذلك يحدث أن تجد مسؤولا في الحكومة يقف ذليلا أمام شرطي مرور بسيط في حال ارتكابه مخالفة حتى لا يتعرف عليه أو يسأله عن وظيفته فيكشف عنها وتكون العقوبة مضاعفة، فكيف هو الحال إذا كانت المخالفة تتعلق بجريمة شرف وترتبط بمسألة تلبس بطلها رئيس بلدية منتخب وطرفها الثاني مومس؟ هذه أسئلة يمكن أن يجيب عنها المختصون في سن وتشريع القوانين، وإن كان الأمر في هذه الحالة يرتبط بمجتمع برمته، ولعلها تفتح بابا للنقاش حول الموضوع، فقد يخطئ الإنسان وهو جاهل، فيصنع له القانون هوامش للرحمة مع أن القاعدة العامة تنص على أنه " لا يعذر أحد بجهله القانون"، وقد يخطئ الشاب البطال، فيفتح له المجتمع أبوابا للتوبة لأنه أخطأ تحت ضغط وأنياب عدو اسمه البطالة، ولكن المؤكد أن إنسانا في كامل وعيه وقدراته الفكرية والمعرفية لن يغفر لشيخ بلدية منتخب جرته مومس إلى الحضيض ووقع له ما وقع ل " المير" المطعون من طرف زميله في مركب مطاريس بتيبازة. سعيد مقدم