دعا رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، دول الساحل الإفريقي الصحراوي إلى احترام التزاماتها الأمنية التي قطعتها على نفسها خلال الاجتماعات عالية المستوى التي عقدتها معها الجزائر منذ العام الماضي. وقال قايد صالح في كلمة ألقاها في افتتاح أعمال اجتماع مجلس رؤساء أركان جيوش الدول الأعضاء في (لجنة الأركان العملياتية المشتركة) التي تضم الجزائر، مالي، موريتانيا والنيجر أمس الأحد بمدينة تمنراست، ألفي كيلومتر جنوب البلاد ''إنه بالنظر إلى التطورات التي عرفتها المنطقة منذ اجتماعنا الأخير هنا بتمنراست يومي 21 و31 أوت 9002، فإننا لسنا بحاجة إلى الإطناب حول الرهان الذي يميز هذا الاجتماع والذي يدعونا جميعا إلى تحمل مسؤولياتنا واحترام التزاماتنا والشروع في العمل الفعلي على الميدان''. واعتبر قايد صالح أن ''الهدف المحوري من اجتماعنا هذا هو مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والظواهر ذات الصلة'' مشيرا إلى أن الاجتماع سيقوم ب ''بحث مجالات تعاوننا قصد الارتقاء بها إلى مستوى أكثر نضجا، وكذا توضيح كل الملابسات التي لا تزال قائمة، بما يكفل تعبيد درب العمل الفعال والمتشاور حوله، وبالتالي بلوغ الأهداف المسطرة في استراتيجيتنا لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة''. وأكد قايد صالح أن اجتماع أمس ''يمثل بالنسبة لنا فرصة لتبادل التحاليل حول كل ما استطعنا تحقيقه كنشاطات وكذا تقييم النتائج المسجلة في سبيل تحقيق الأهداف الرامية الى استرجاع السلم والطمأنينة عبر كامل منطقتنا''. وأضاف المسؤول العسكري أن مشاركة دول الساحل في هذا الاجتماع من شأنه المساهمة في ''تعزيز التعاون وتقوية أواصر الأخوة والتضامن وحسن الجوار بينها بغية إعطاء نفس جديد لهدفها المتمثل في مطاردة الإرهاب والقضاء عليه''.ودعا قايد صالح دول الساحل إلى الخروج ب ''نتائج ملموسة'' على صعيد تعزيز السلم والأمن والاستقرار في المنطقة. وقال ''باستطاعتنا الاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بنا والسمو بها إلى مستوى طموحات وتطلعات بلداننا إذا ما توصلنا إلى إضفاء أكثر حيوية وفعالية على تعاوننا من خلال ترجمة التزاماتنا على أحسن وجه عن طريق عمليات مكافحة إرهاب محضرة جيدا ومنسقة بين قواتنا المسلحة''. من جهته، صرح الناطق الرسمي باسم اجتماع رؤساء أركان الدول الأعضاء في لجنة الأركان العملياتية، العقيد مبروك سبع، أن اجتماع تمنراست يعتبر ''تأكيدا راسخا على احترام كل ما تم قطعه من التزامات بين القوات المسلحة للبلدان الأعضاء... وتعبيرا واضحا من دول الساحل الإفريقي على تكريس إرادتها الفولاذية وقدرتها الفعلية في التكفل الذاتي بقضاياها الأمنية بكل حرية وسيادة''. وأوضح سبع في تصريح للصحافة أن الاجتماع ''يأتي في وقته المناسب سيما على ضوء الأحداث المتسارعة الأخيرة التي شهدتها المنطقة'' في إشارة إلى عمليات اختطاف الأجانب الأوروبيين في الساحل الإفريقي من طرف تنظيم ما يسمى''الجماعة السلفية للدعوة والقتال'' ودخول فرنسا على الخط من خلال إرسال قوات مسلحة للمشاركة في مطاردة عناصر القاعدة، وهو ما حذرت منه الجزائر دول الساحل العام الماضي. وقد كشف وزير الداخلية دحو ولد قابلية أخيرا عن وجود مخطط أجنبي يهدف الى الاستحواذ على ثروات منطقة الساحل الإفريقي من خلال الظاهرة الأمنية في منطقة الساحل. وقال ''إن المنطقة أضحت عرضة لتنافس قوى دولية تقليدية تسعى إلى الاستحواذ لأغراض سياسية وجيو استراتيجية على ثروات المنطقة''، مشيرا إلى أن اجتماع قادة أركان جيوش دول الساحل في الجزائر في إبريل الماضي ''يكرس عزم حكومات هذه البلدان على إيجاد الوسائل المواتية لتأمين المنطقة من دون أي تدخل أجنبي''. وقد أكد العقيد سبع أن اجتماع تمنراست سيقوم ب ''تقييم الأعمال المنجزة ودراسة الأوضاع الأمنية في أقاليم البلدان المعنية في مجال مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة... وتفعيل التعاون للوصول سويا إلى إرساء آلية ملائمة للتعامل بالصرامة المطلوبة والنجاعة المرجوة مع آفة الإرهاب وتفرعاتها''. للإشارة تسلم الجزائر في ختام اللقاء، العهدة الدورية لدولة مالي، بعدما ترأست الجزائر القيادة في تمنراست لمدة عام كامل، وتنص اللوائح على تداول القيادة مرة كل سنة. وينتظر أن تكون باكورة هذا اللقاء إنشاء خلية استخباراتية تهتم برصد نشاط عناصر "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي'' في الصحراء الكبرى، وتعمل على جمع المعلومات وتحليلها والتدقيق فيها، وبناء على ذلك تتولى قيادة أركان جيوش دول الساحل القيام بعمليات عسكرية ضد مواقع التنظيمات المسلحة وخاصة الجماعات الموالية لقادة العمل المسلح في الصحراء وهم مختار بلمختار، وحمادو عبيد ويحيى جوادي. وستعمل الخلية الاستخبارية على التعرف بدقة على جماعات التهريب التي تتعامل مع ما يسمى "القاعدة'' في مجال اختطاف الأجانب، وتكون هذه الخلية تحت أمر قيادة الأركان المشتركة لجيوش المنطقة والتي يطلق عليها اسم ''لجنة الأركان العملياتية المشتركة''. وكانت أجهزة الأمن الجزائرية المكلفة بمكافحة الجماعات المسلحة نشرت قبل أكثر من شهر قائمة تضم أسماء المشتبه فيهم بممارسة أعمال ''إرهابية'' في الصحراء والساحل الإفريقي. وضمّت هذه القائمة، التي تم تعميمها على أجهزة الأمن العاملة في ولايات الجنوب في الصحراء، صور 801 أشخاص منهم 12 جزائريا متهمون بالانتساب الى ما يسمى "إمارة الصحراء''. وكان الموريتانيون غالبية ضمن هذه القائمة المكونة من 801 أسماء منهم 12 جزائريا و43 موريتانيا و5 مغاربة و3 تونسيين، و6 ليبيين و41 نيجيريا و7 تشاديين و12 ماليا. وضمت القائمة صورا تقريبية مرسومة باليد للأشخاص، ووصفا دون صورة، وخلت من أشخاص آخرين ينتمون إلى جنسيات أخرى رغم وجود تقارير رسمية تتحدث عن انضمام مصريين وسينغاليين ومتشددين من البينين وبوركينافاسو إلى إمارة الصحراء. كما ضمّت قائمة أسماء الجزائريين ''إرهابيين'' قدامى مثل مختار بلمختار وحمادو عبيد وحميد السوفي ويحيى جوادي، وسبعة آخرين التحقوا بالعمل المسلح حديثا يتحدرون من ولايات بسكرة، باتنة ووادي سوف. كما احتوت على القائمة على أسماء 43 ''إرهابيا'' من موريتانيا أهمهم عبد الرحمان ولد عبد الله ولد محمد المكنى ''أبو أنس الشنقيطي''. وتتناقض هذه المعطيات مع ما تنشره أجهزة الاستخبارات الغربية حول وجود ما بين 003 إلى 004 ''إرهابي'' في منطقة الساحل. وكان وزير الخارجية مراد مدلسي رفض أخيرا التضخيم الإعلامي الذي تقوم به وسائل الإعلام الغربية في شأن الوضع الأمني في الساحل الإفريقي، مشددا على أن دول المنطقة قادرة على احتواء الوضع لوحدها. ودعت الجزائر في ظرف شهرين، مارس وأفريل الماضيين، إلى اجتماعين مهمين، للنظر في كيفية مواجهة التهديدات ''الإرهابية'' في منطقة الساحل من خلال التنسيق، الأول ضم وزراء خارجية الجزائر وليبيا وموريتانيا والنيجر ومالي وتشاد وبوركينافاسو، وتوج باتفاق ينص على أهمية التعاون على المستويين الثنائي والإقليمي من أجل مكافحة فعالة وشاملة ''للإرهاب'' إضافة إلى رفضهم دفع الفدية في حالات الاختطاف.أما الاجتماع الثاني فقد ضم رؤساء أركان جيوش هذه الدول وانتهى بالاتفاق على إعداد استراتيجية مشتركة لمكافحة الإرهاب والجريمة في المنطقة.