بعد عقود من التعاون الوثيق الذي وصل لمرحلة التحالف الاستراتيجي، شهدت العلاقات التركية الإسرائيلية تدهورا سريعا على مدى العامين الأخيرين وتحديدا منذ العدوان على غزة انعكس على كافة المجالات خاصة فيما يتعلق بالملفين العسكري والاقتصادي حتى جاء الهجوم الدموي على "أسطول الحرية" ليثير تساؤلات حول ما إذا كان ذلك الهجوم سيمثل ضربة قاسمة للتعاون بين البلدين تمتد أثاره لسوات عدة. فقد شهد التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل انخفاضا بحوالي 28٪ خلال العام الماضي بعد أن وصل لذروته في 2008، حيث كان قد بلغ نحو 3.5 مليار دولار. ويقدر حجم التجارة بين الجانبين في الربع الأول من العام الحالي ب 753 مليون دولار، غير أن هناك آراء ترجح إمكانية تأثر التعاون التجاري بين البلدين بعد حادث الهجوم على "أسطول الحرية". ولعل ما يعكس التحول الجديد الذي يشهده ملف العلاقات الجارية بين تركيا وإسرائيل، موقف إتحاد الغرف الزراعية التركية الذي قرر مقاطعة المنتجات الإسرائيلية من البذور الزراعية، وقد دعا رئيس الاتحاد شمسي بايركتر 120 منظمة زراعية على مستوى 70 دولة للمشاركة في تلك المقاطعة. وطالب أيضا اتحاد الغرف الزراعية التركية الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين بالتضامن مع المزارعين الفلسطينيين. ويشير تقرير لصحيفة "زمان" التركية إلى أن وزارة الزراعة والشئون الريفية التركية تبحث حاليا وقف استيراد البذور من إسرائيل حيث ترى مصادر إن الوزارة قد تأثرت بموقف اتحاد الغرف الزراعية التركي. وأضاف التقرير أن وزارة الزراعة التركية تبحث عن مصادر جديدة للاستيراد وذلك في ضوء احتمالات وقف استيراد البذور الإسرائيلية حيث سيكون هناك دول أخرى للاستيراد منها مثل هولندا وكندا واسبانيا وايطاليا. ويبدو أن استمرار العلاقات التجارية التركية الإسرائيلية مثلما كانت في سابق عهدها، سيكون أمرا صعبا وذلك في حال تزايد المطالب الشعبية بمقاطعة السلع الإسرائيلية، حيث أصدر بالفعل اتحاد المستهلكين في تركيا بيانا تم من خلاله حصر كافة المنتجات الإسرائيلية المطروحة بالأسواق التركية مطالبا المستهلك بمقاطعتها. ويشير معهد التعاون الدولي والتصدير الإسرائيلي إلى أن واردات إسرائيل من تركيا تتجاوز الصادرات حيث تشكل المعادن الأساسية الجزء الرئيسي من الواردات بينما تمثل المنتجات الكيميائية الجانب الأكبر من الصادرات لتركيا. ويبدو أيضا أن التراجع الحاد في العلاقات التركية الإسرائيلية لن يقتصر فقد على العلاقات التجارية والاقتصادية، بل سيمتد إلى الجانب العسكري الذي يمثل شكلا من إشكال التعاون الاستراتيجي. وقد أشار مؤخرا نائب زعيم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عمر جليك إلى أن الاتفاقيات العسكرية سيتم إلغائها مع إسرائيل على المدى القصير كما أن الاتفاقيات المتعلقة أيضا بكافة المجالات الأخرى سيتم إلغائها أيضا على المدى القصير. وفيما يتعلق بمجال السياحة فمن المؤكد أن تصاعد حدة الغضب في الشارع التركي ضد السياسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، ستمثل ضربة شديدة لحركة تدفق الإسرائيليين إلى تركيا حيث أعلن بالفعل اتحاد وكلاء السياحة والسفر في إسرائيل إلغاء حجوزات نحو 100 ألف سائح من بين ألف سائح كانوا قد قرروا قضاء عطلاتهم الصيفية في تركيا.