من العادات التي توارثتها العائلات الجزائرية أبا عن جد، كدلالة على التقدير الكبير الذي تكنّه لشهر رمضان هو تجديدها لأثاث البيت قبل حلول هذا الشهر الفضيل بأيام، حيث تتسابق النسوة إلى الأسواق لاختيار لوازمهن من الأواني المنزلية، وكثيرا ما يتخلصن من القديمة منها بإهدائها إلى الأقارب من ذوي الحاجات أو التخلص منها برميها.. كريم بن عبد الله ، كما تقوم العائلات بطلاء جدران البيوت، وتغيير ترتيب الأثاث حتى تبدو البيوت وكأنها تسكن، برفع التاء، لأول مرة. وكثيرا ما يستدعي تغيير العائلات الجزائرية لعاداتها وأنماط المعيشة خلال هذا الشهر الكريم، تغييرا آخر يحدث على مستوى محترفي التجارة الذين يسارعون إلى تغيير نوعية النشاط، وليس غريبا في كثير من المدن الجزائرية، أن تجد تاجر ألبسة وأقمشة يحوّل نشاطه أياما قبل حلول رمضان ليبيع الأواني المنزلية مثلا، أو أن يتحول بائع خردوات إلى بائع خضر وهكذا، هذا ناهيك عن انتشار الباعة الذين يجوبون الشوارع بالعربات المحمّلة بالسلع، وهي عادات تنتشر بشكل ملفت في رمضان على خلاف أشهر السنة الأخرى. ختان الأطفال في ليلة القدر التماس من الجزائريين لفضلها ومثلما يحدث الحراك بشكل ملفت لدى العائلات الجزائرية، يشهد ما يعرف في الجزائر اصطلاحا ب " المجتمع المدني " الذي عادة ما يطلق على الجمعيات الأهلية التي تنشط في الأعمال الخيرية، حراكا منقطع النظير، خاصة في الليالي التي حثّت السنة النبوية الشريفة على اقتناص فضلها وبركاتها، كليلتي منتصف رمضان والسابع والعشرين منه، وهذه الأخيرة يتنافس الناس على نيل بركاتها، لاعتقادهم بأنها تصادف ليلة القدر، رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم، حثّ على ترقّبها في العشر الأواخر، خاصة في الوتر منها، ولم تحدّد السنّة النبوية الشريفة تاريخها بالضبط. وتضمّ الجزائر العاصمة وحدها المئات من الجمعيات والهيئات الخيرية كالهلال الأحمر الجزائري، والعديد من الجمعيات الخيرية. وتقوم هذه الجمعيات بالعديد من النشاطات الخيرية كتوزيع المساعدات للعائلات المعوزة من خلال توزيع المواد الغذائية الضرورية خلال شهر رمضان، إضافة إلى هذا، تقوم هذه الجمعيات بتنظيم حفلات ختان لأبناء العائلات المعوزة ليلة السابع والعشرين من رمضان... وحسب السيدة فاطمة الزهراء لوعيل، وهي رئيسة جمعية الرحمة الخيرية الناشطة بالجزائر العاصمة، فإن تنظيم حفلات الختان خلال هذه الليلة، يعدّ عادة قديمة توارثها الجزائريون أبا عن جد، وفيها تقوم الجمعية بالتقرّب من المساجد لجمع أسماء الأطفال من أبناء العائلات الفقيرة، وإحصائها ضمن قوائم تتوجه بها الجمعية إلى المستشفيات لإجراء عملية الختان، ومن خلالها توجّه الدعوات للأولياء لإقامة احتفالات توزع خلالها الهدايا والألبسة على الأطفال. وبحسب رئيسة الجمعية دائما، فإنها تقوم سنويا بضبط قوائم للأطفال بعدد من بلديات العاصمة، و كذا جمع كميات معتبرة من الألبسة الخاصة بحفلات الختان تحسّبا لليلة السابع والعشرين من رمضان. وتضيف السيدة فاطمة الزهراء بأن جمعيتها استطاعت بفضل المحسنين خلال العام ما قبل الماضي أن تستأجر قاعة بفندق الشيراتون بالعاصمة، لتقيم حفلا كبيرا حضرته العشرات من العائلات الفقيرة، التي ما كان لها أن تستطيع استئجار قاعة حفلات بفندق خمس نجوم، من أجل أن تفرح بأبنائها لولا تلك القلوب والنوايا الطيبة التي سارعت إلى مغفرة من ربّها خلال ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. وإذا كان الجزائريون يقومون بختان أبنائهم في ليلة القدر تبرّكا بها، فإن المساجد تظلّ عامرة طيلة شهر رمضان بالمصلين وكثيرا ما تقام موائد الإفطار الجماعي داخل المساجد..، ومن فضل الله تعالى على المسلمين في هذا الشهر الكريم أن ّ القلوب تتآلف لتصير كالقلب الواحد، إلى درجة أنّ الجوع يصبح كلمة شاردة مطرودة من ديار المسلمين، وتصير البيوت عامرة بالخبز والرحمة، فسبحان الله الذي فضّل شهر رمضان على الشهور تفضيلا..