منذ مايزيد عن أربع سنوات كتبت مقالة ونشرتها في يومية جزائرية قلت فيهابالحرف الواحد : لن تكون هناك مصالحة فلسطينية ، ثم أكدت على ذلك في مقالة أخرى وربما ثالثة ، والغريب أنني أنا لا أريدها وإن كنت أتمناها ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية غيري لايريدها ، فمن جهتي لا أريدها لأنها ليست في صالح الفلسطينيين وليست في صالح قضيتهم ، أما من جهة الآخرين فلأنهم يخشون أن تتحول لما هو خير ولذلك أنا أرفضها ولسبب آخر هم يرفضونها ، وقد يتساءل البعض عن السبب الذي أرفض فيه هذه المصالحة، فأقول عندما طرحت السلطة الفلسطينية بشكلها وحيثياتها لم تطرح لتكون حلا ، ولكنها طرحت لتكون بديلا للحل ، ثم إن الذين خلقوها خلقوها لتكون نوعا من الإلهاء بعدما ألزمت السلطة بأجندة لا يمكن أن تكون لصالح القضية بل هي لصالح الصهاينة ، وبالتالي فإن ياسر كان بطلا للسلطة وهو الذي اعترف بإسرائيل ووقع الإتفاقات مع العدوفي أوسلو ومدريد ، بالرعاية الأمريكية فهل يمكن لأمريكا أن تصنع شيئا يضر بإسرائيل ؟ ثم هل لها أن تصنع شيئا ينفع الفلسطينيين ؟ بالتأكيد فالجواب القاطع والذي يمثل القاسم المشترك بين السؤالين هو النفي المطلق ، وبالتالي فإن سلطة عباس لن تقدم على المصالحة مع حماس وغير حماس لأن الذين خلفه لن يقبلوا بمثل هذا صلحا ، لذلك لن يقدم عليه إلا إذا تم تدجين حماس وحماس لو قبلت بالصلح تكون قد عرضت نفسها للإنقسام والتشرذم لأن قواعدها لن ترضى ، ذلك أن القواعد على درجة من الوعي تدرك معها أن في الأمر تدجينا بل مؤامرة ، فالمصالحة إذن تتعارض مع الثوابت الوطنية لأنها تتوافق مع الثوابت السلطوية التي التزمت بها السلطة مع العدو وأمريكا والعرب العاربة ، واليوم وقد دجنت حماس جزئيا بمسعى إخونجي فالمصالحة أصبحت أكثر معقولية من الأمس غير أن القواعد قد تنبهت لحجم المؤامرة ، ويبدو أنها قد تحركت في اتجاه آخر تكون حذرت فيه القيادة الإخوانية من عواقب مثل هذا التحرك ، لأن الإنقسام والتشرذم سوف يكون إحدى نتائجه أو أنه سوف يطيح بالرؤوس " المشعلية" وهنا مربط الفرس ، إذن فالمصالحة الفلسطينية لن تكون ، والشعب الفلسطيني يراهن على التخلص من السلطة الفلسطينية ليتمكن من خلق جيل ثوري جديد يتكفل بالحفاظ على دم الشهداءوحق العودة ، ومتابعة المسيرة حتى التحرير الكامل للأرض المغتصبة .