لطالما كان ينظر إلى موضوع التنمية البشرية في بلادنا على أنه تضييع للوقت والمال، في الكلام التافه وبيع للأوهام في الأمور البعيدة عن اهتمامات المواطن البسيط، خاصة وأن الدورات قد اقتصرت في وقت ليس ببعيد على طبقة النخبة و الفئة المثقفة في المجتمع الجزائري، لكن سرعان ما تبددت هذه الأفكار والأحكام المسبقة في المجتمع الجزائري، خاصة بعد درجة الإقبال الكبيرة التي أبداها الطلبة الجزائريين في الطبعة الثانية لمهرجان التنمية البشرية المقامة مؤخرا في جامعات الجزائر العاصمة. ياسمين بودوادي الحضور الكبير للزوار من محبي مواضيع ومضامين مجال التنمية البشرية في الطبعة الثانية للمهرجان الوطني للتنمية البشرية، فاجأ القائمين على الحفل" مجموعة أحباب الفقي " قبل الأساتذة والمختصين في هذا المجال، ولعل هذا التفاعل الذي أبداه الحاضرون قد عكس بصدق الواقع الحقيقي للتنمية البشرية في الجزائر، وكذا تعطش الطلبة إلى اكتساب المهارات والخبرات في هذا المجال الذي ما يزال في بداياته الأولى. من مجرد فكرة إلى مشروع قائم بذاته يعود أصل ظهور التنمية البشرية في العالم الى الأممالمتحدة ،التي عملت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية على انتهاج سياسة تساعد من خلالها البلدان المتضررة من الحرب على تخطي الأزمة،ومن هنا تطور مفهوم التنمية الاقتصادية وواكبه ظهور التنمية البشرية لسرعة إنجاز التنمية لتحقيق سرعة الخروج من النفق المظلم والدمار الشامل الذي لحق بالبلدان بسبب الحروب. ومع مرور الوقت تطورت التنمية البشرية لتشمل مجالات عديدة،على غرار كل من التنمية الإدارية، السياسية،التعليمية والثقافية بحيث يكون الإنسان هو الحلقة الرئيسية التي يتمحور حولها أساسا تطوير المجالات السابقة الذكر. أما بالنسبةإلى ظهوره في الجزائر فحسب المختصين في هذا المجال، فانهلا يزال في بداياته الأولى،دخل إلى الجزائر مع قدوم إبراهيم الفقي خلال سنة 2003 تقريبا، ومنذ ذلك الحين أصبح يعرف تناميا ولو بوتيرة بطيئة نوعا ما مقارنة بالدول العربية الأخرى التي أصبحت لديها الخبرة الكافية في هذا المجال على غرار السعودية وقطر وغيرها...ولعل السبب في ذلك أن الجزائرحديثة العهد به ولم يتمكن رواده بعد من تكوين الأرضية الصحيحة و المناسبةمن أجل انتشاره بصورة أكبر، إلا أن هذا لا ينفي المجهودات التي يبذلها هؤلاء من أجل النهوض به . الأحكام المسبقة صنعت فهما وحكما خاطئين يعتقد الكثير من الناس بسب الفهم الخاطئاو لإطلاقهم أحكاما مسبقة على الاشياء، بالإضافة التسويق السلبي من طرف البعض، أن موضوع التنمية البشرية في بلادنا هو مجرد بيع للكلام والأوهام التي ما فتئ أهل هذا المجال و الاختصاص يتحفونا بها، في حين يجهل المغزى والمعنى الحقيقي الذي أقيم من أجله هذا العلم، فالتنمية البشرية عبارة عن توسيع للقدرات التعليمية وخبرات الشعوب بهدف أن يصل الإنسان بمجهوده ومجهود غيره إلى مستوى مرتفع من الإنتاج والدخل، وبحياة طويلة وصحية بجانب تنمية القدرات الإنسانية من خلال توفير فرص ملائمة للتعليم وزيادة الخبرات وغيرها. تحسن ملحوظ في إقبال الشباب على مراكز التنمية البشرية خطت الجزائر مؤخرا خطوة عملاقة في مجال التنمية البشرية، وذلك استنادا الى التقرير الأخير الصادر عن الأممالمتحدة المعد لسنة 2013، حيث أصبحت الجزائر تصنف ضمن الدول التي لها تنمية بشرية عالية، وذلك بعد احتلالها المرتبة ال93 في التصنيف العالمي من أصل 187 بلدا عادت فيها المرتبة الاولى للنرويج، و المرتبة الأخيرة للنيجر .ويجري هذا التصنيف استنادا الى عدة معطيات ومؤشرات رئيسية منهامعيار التمدرس، نسبة الرضا بالعيش،مدخول كل ساكن، التضخم، البطالة، النفقات الاجتماعية للدول و الديون و معدل الحياة و نسبة وفيات الامومة، المساواة بين الجنسين،مدى استخدام التكنولوجيا،نسبة النفقات الخاصة بالبحث و التنمية و كذا نسبة الربط بشبكة الكهرباء وحمايةالبيئة...وغيرها من المؤشرات. ولم تقتصر الانجازات والأرقام الجزائرية على ذلك فحسب، فالجزائر هي أول بلد عربي وافريقي ينضم البطولة العالمية للتذكر، وهي تحتل المرتبة ال7 عالميا، كما أن الست أوائل في هذا المجال هم جزائريون حسب ما أعلنه الأستاذ صلاح الدين جيلح في حفل اختتام مهرجان التنمية البشرية المقامة مؤخرا من طرف مجموعة أحباب الفقي والاتحاد الطلابي الحرعلى مستوى الجامعات والمعاهد بالعاصمة. "أحباب الفقي" تجربة تستحق التثمين.. يطلق الخبراء في مجال التنمية البشرية كتعريف يلخص ويشمل هذا المجال في فكرة بسيطة " تقديم الخير للبشر عن طريق البشر ومن أجل عامة البشر"، وهذه الفكرة هي ما تحاول مجموعة " أحباب الفقي " تجسيده وترجمته من خلال النشاطات التي تقدمها في هذا المجال وخاصة في الوسط الطلابي الذي يعتبر العنصر الفعال والحساس بداية تأسيسها كانت من فكرة لحياة شريشي، لتشمل بعد ذلك الأصدقاء، بدايتهم كانت متواضعة وسامية في الوقت نفسه سمو الرسالة التي حاولوا أن يقدموها كذكرى وعربون محبة لروح رائد هذا المجال الدكتور إبراهيم الفقي، الانطلاقة كانت برؤية قوية برسالة تحمل هما تجلى في أن يرتقي الشباب الجزائري والعربي نحو ما هو أفضل، وذلك من خلال نشر الوعي واشراك الشباب في صنع التميز، وبأهداف يسعون من خلالها الى نشر التنمية البشرية في الوسط الطلابي، وغرس روح العطاء والعمل من أجل الآخر.