لايزال مواطنوحي سيبوس ببلدية عنابة يأملون في أن ينزل المسؤولون إلى الميدان لإحداث القطيعة مع حالة الإهمال والنسيان التي جعلت المنطقة السكنية المسماة قديما "جوانوفيل" غير معنية على مدار السنوات الماضية بمشاريع التحسين الحضري والتهيئة العمرانية التي ينشدها السكان بما يليق بهذا القطب السكني الذي يعود تاريخ إنشائه إلى فترة تواجد الاستعمار الفرنسي ببلادنا. تبدو الحياة في حي سيبوس الكبير الذي يبعد عن مدينة عنابة بنحو ثلاثة كيلومترات فقط، هادئة بل أشبه بالمقبرة التي يرقد فيها الموتى فلا أثر للحركة التي تتميز بها التجمعات السكنية الكبرى في مدينة عنابة، فشارعها الرئيسي الوحيد لا تخترق صمته في الأيام العادية إلا بضع سيارات تتناوب في الظهور بين الفينة والأخرى وبعض الراجلين من سكان القرية. وبداخل الحي تتكدس البيوت الصغيرة محافظة على طابعها الموروث منذ عقود طويلة، أزقة ضيقة وغير مهيأة وسكون قاتل . لا يبدو أن ثمة كثير من الجهد بذل هنا لتحسين ظروف حياة الناس، فباستثناء مياه الشرب المتوفرة والإنارة العمومية، فإن باقي الخدمات شبه منعدمة، حيث لاتزال الكثير من العائلات تفتقر إلى شبكات صرف المياه المستعملة والخدمات الصحية في "جوانوفيل" ضعيفة، وحالة المدرسة الابتدائية هي الأخرى ليست بالمرضية. وفي جولة استطلاعية قادت "الأمة العربية" إلى حي سيبوس المنسوب إلى الوادي الكبير الذي يربط ولاتي عنابة والطارف المتلاصقتين ويصلهما بجارتهما قالمة، وقفتنا على الوضعية السيئة للطريق الحضرية التي تمتد من المدخل الذي يتقاطع مع الطريق الوطني المحوري رقم 44 إلى نهاية التجمع السكني الواقع في الجهة الشرقية لولاية عنابة . لكن عند الانعطاف يسارا باتجاه المنطقة الصناعية التي لا ينشط بها سوى ثلاثة مصانع صغيرة تبدو الطريق معبدة بطريقة جيدة. ويعيش شباب "جوانوفيل" فراغا كبيرا بسبب البطالة وغياب المرافق العمومية الخاصة بالترفيه والتسلية والتثقيف، إذ يضطرون إلى التنقل يوميا إلى المدينةعنابة، ولا يعودون إلى الحي إلا في المساء، بعضهم تمكن من الحصول على منصب عمل في المصانع الثلاث، وهم قليلون في حين يتواصل صمت السلطات المحلية حول المستفيدين من العقار الصناعي بالمنطقة منذ سنوات دون ممارسة أي نشاط. وقد ساهم هذا الواقع المأسوي في "تشجيع" شباب الحي على خوض مغامرات الهجرة السرية مبكرا منذ "تدشينها" في شكل حملة محلية من طرف شبكات "الحرقة"بشاطئ سيدي سالم المجاور مطلع سنة 2007. وما يلفت نظر الزائر لحي سيبوس هو انتشار البيوت الفوضوية والقصديرية على ضفتي الوادي، وتزايد أعدادها عما شاهدناه في زيارات سابقة لهذه المكان، كل البيوت لا تتوفر على أدنى شروط الحياة الكريمة والسلامة، فمعظمها عرضة لفيضان مياه الوادي، فيما تضاف إلى نزلاء آخرين مخاطر الطريق، حيث توجد بيوتهم تحت الطريق مباشرة. وقد أدت هذه الوضعية التي خرجت عن إطار السيطرة، إلى انتشار المزابل بشكل فوضوي حيث يوجد أكثر من موقع لرمي النفايات يستخدمه نزلاء القصدير. ومن جهتهم عبر نشطاء المجتمع عن امتعاضهم من الطريقة السلبية التي تتعامل بها السلطات البلدية والولائية مع مطالب السكان الذين يضطرون في كل مرة إلى الخروج إلى الشارع وقطع الطريق الوطني المؤدي إلى مطار رابح بيطاط الدولي من أجل تبليغ انشغالاتهم الاجتماعية التي تنتظر حلولا مستعجلة من لدن صنّاع القرار المحلي حتى لا يتضاعف غضب المواطنين كما تكبر كرة الثلج .