"أمرتني بعدم إرفاق الخلطة بعلاج آخر لتترك مفعولها لدى والدتي المتوفاة... وعدتني بالنتيجة الإيجابية مائة بالمائة... مغرفة واحدة من الخلطة تساوي مليون سنتيم... أعطتنا أملا كبيرا، لكنه في النهاية قضى على الوالدة"، هي الكلمات التي بدأت بها ابنة الضحية المتوفاة بداء السرطان، إثر النصب والاحتيال الذي تعرضت له والدتها من قبل سيدة تدعي تخصصها في معالجة جميع الأمراض ما ظهر منها وما بطن حتى المستعصية منها بدون ترخيص، سواء من وزارة الصحة أو حتى بدون رخصة لفتح مكتب، والتي طالب ممثل الحق العام ضدها عقوبة ثلاث سنوات لارتكابها جرم النصب والاحتيال وممارسة نشاط تجاري بدون ترخيص. وقائع قضية الحال، تعود إلى الشكوى المودعة من قبل ابنة الضحية التي انتابها تأنيب الضمير كونها المسؤولة عن أخذ والدتها للمتهمة التي نصبت على العديد من المواطنين. فحسب تصريح الضحية أثناء الجلسة، يقارب زائروها الخمسين زائرا في اليوم، ما يعني تحصلها على أكثر من خمسين مليون، والتي تؤكد في فحواها أنّ المسماة "س.ج" صاحبة محل لعلاج الأورام وأمراض السرطان الكائن بحي دقدوك عبد القادر في الرستمية بدالي إبراهيم، قد نصبت عليها، مضيفة أن والدتها المتوفاة مطلع نفس الشهر كانت تعاني من مرض السرطان على مستوى عنق الرحم، وأثناء تواجدها بمصلحة "بيار ماري كوري" بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا علمت من بعض المواطنين عن وجود المتهمة التي تمتهن طب العلاج بالأعشاب، حيث تقوم بمعالجة عدّة أمراض منها النفسية والعضوية وحتى تلك المتعلقة بالسرطان. وأمام الحالة المتردية لوادتها تقول الضحية وفقدانها الأمل في الحالة الصحية لوالدتها، لجأت للمتهمة التي تمارس نشاطها بمستودع بالمنطقة السالفة الذكر، يقع أسفل فيلا دون رخصة من قبل السلطات، أين ظلّت بانتظارها رفقة باقي المواطنين إلى حين قدومها على متن سيارة من نوع "توارق". وعند وصول دورها، شرحت الوضعية الصحية لوالدتها المرحومة وأنّ طبيبها المعالج بمستشفى مصطفى باشا قد أعلمها أن الداء انتشر بكامل أنحاء جسمها ولا يوجد بصيص أمل في شفائها، ردّت عليها المتهمة وكلها ثقة في خلطتها بأنها تحوز على الدواء الشافي تماما لداء السرطان وغيره من الأمراض، وهو ما بعث فيها أمل شفاء والدتها من جديد، لتستلم من المشتكى منها كيسا صغيرا به خلطة العلاج على شكل طحين أبيض بمقدار ملعقة قهوة مقابل ما قيمته مليون سنتيم على أن تعطي لوالدتها جرعة مقدارها نقطة واحدة، على أن يتواصل شراء الخلطة من عندها أول كل شهر طيلة 7 أشهر لغاية زوال الداء، قامت الضحية بذلك واتبعت الخطوات كاملة، إلى أن لاحظت ظهور ورم آخر على والدتها، لتأخذها إلى المستشفى أين أخبرها طبيبها المعالج بأن الداء قد ازداد انتشارا وهو في آخر مراحله، لتجدد زيارتها للدكتورة المزعومة وسلّمتها التحاليل الطبية وأعلمتها بالمستجدات، إلا أن المتهمة حسب تصريح ابنة الضحية المتوفاة انزعجت لذلك وقامت بطردها بعدما حاولت ضربها بالمصحف الشريف، حينها أدركت أن ذلك الدواء كان حيلة منها للنصب والاحتيال على المرضى الذي فقدوا الأمل في الحياة بسبب تطوّر مرضهم. وقد أنكرت المتهمة ما جاء على لسان الضحية وأكدت حقيقة وفعالية خلطتها، بالإضافة إلى تصريحها الناري والذي أكدت فيه عدم امتلاكها لشهادة في الطب وأنها درست تخصص البيولوجي بقسنطينة قبل أن تنتقل رفقة زوجها إلى بريطانيا أين درست العلوم العامة، دون أن تكمل مشوارها الدراسي بعد عودة زوجها إلى أرض الوطن وهي على حد تعبيرها مخترعة حازت على شهادة براءة الاختراع المسجلة على مستوى المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية وهي مسجلة بجنيف في سويسرا، بالإضافة إلى تمتعها بسمعة عالمية، مكنتها من علاج ملايين المرضى بداء السرطان، كما أنّها مارست مهامها بكل من الملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة، قبل أن تقرر العودة إلى الجزائر لتقديم خدماتها، حيث قدّمت عدّة طلبات لاعتماد خبرتها لدى وزارة الصحة، لكن دون أن تحظى بالرد إلى يومنا هذا، وكان آخر الطلب الذي تقدمت به شهر جانفي 2010. كما نفت المتّهمة أن تكون قد استغلت ضعف أولئك الذين بلغوا مراحل خطيرة من الداء الخبيث، لتجعلهم يتمسكون ببصيص أمل غير قائم، وجاءت بشهود أكدت أنهم تماثلوا للشفاء على يدها. وقد اعتبر دفاع الضحية ممثلا في المحاميين الأستاذ "سليمان بوسعدية" والأستاذ "كلبوز عقبة"، أن وقائع القضية جدّ خطيرة، خصوصا بإدعاء المتهمة أنها طبيبة، وأكّدا أن الأمر لا يتعلق بالتعويضات المادية بأكثر منها معنوية، مع وضع حدّ لتجاوزات المتّهمة حتى لا يقع ضحايا آخرون على يدها، كونها لا تتمتع بالكفاءات التي تخوّل لها ممارسة مهنة الطبّ، مكتفيا بطلب دينار الرمزي كتعويض. كما أكد المحامي بوسعدية أن أكابرة الطب في العالم، لم تكن لهم الفرصة ليكونوا أطباء لجميع الأمراض، ليضيف الأستاذ كلبوز أن المتهمة مارست تجارة الأمل على هؤلاء المرضى، بالإضافة إلى أنها لم تقم تقارير عن حالة المرضى قبل وبعد أخذ الخلطة.