قدم مؤخرا الباحث في علم الاجتماع "نور الدين زمام" دراسة في علم الاجتماع السياسي تحت عنوان "القوى السياسية والتنمية" صدرت عن ديوان المطبوعات الجامعية في ما يقارب 270 صفحة، حاول فيها معالجة مسألة التنمية والتخلف التي تعد ميدانا لكثير من البحوث والدراسات الجامعية على اختلاف فروعها، فهي تمثل ملتقى العديد من الشُّعب والتخصصات العلمية مثل الاقتصاد وعلم الاجتماع والقانون والسياسة. بشكل عام، تضمن الكتاب ثمانية فصول تمت من خلالها معالجة جملة من القضايا، إذ خصص الفصل الأول منه والمعنون ب"مفهوم التحديث ومضامينه الاجتماعية" لاستعراض مراحل تطور مد التحديث، وتبيان مفهومه، واستعراض مضامينه الفكرية والإيديولوجية منذ بداية ظهوره في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي مع الرجوع بالطبع إلى أصوله الأولى في أدبيات الرواد الأوائل لعلم الإجماع، التي كشفت عن درجة التباين والتناقض بين المجتمعات الغربية السائرة نحو طريق النمو والتقدم والمجتمعات الأخرى المتعثرة؛ أما الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان "اتجاهات التحديث وطريق النمو الرأسمالي" فتطرق لتحليل وتشخيص الاتجاهات لأسباب تأخر العالم الثالث وتعداد السمات الاقتصادية والديموغرافية والسياسية والاجتماعية التي تميز هده المجتمعات، وتناول الفصل الثالث "الاتجاه الراديكالي وإشكالية التنمية ببلدان العالم الثالث"، حيث استعرض الكيفية التي من خلالها شخّص هذا الاتجاه أسباب التخلف، وطرح كيف برزت إشكالاته في الخمسينيات والستينات بعد فشل التنمية الرأسمالية في البلدان الناشئة. وأثناء هذه الظروف حاول الباحثون طرح بدائل أخرى تؤكد البعد الشامل والحضاري للتنمية، وظهر هذا جليا من خلال مؤسسة الأوقاف وغيرها من المؤسسات الأخرى، ولذلك حاول تلمّس هذه الاجتهادات ولو من بعيد في الفصل الرابع الذي كان عنوانه "الأطروحات الجديدة لاتجاهات التحديث والتنمية" أما الفصل الخامس، والذي عنوانه "العولمة، الإرهاصات والآليات" فاستعرض فيه مختلف الإرهاصات التي مهدت لظهور تيار العولمة، والآليات التي ساعدت على بروزه وبغية فهم أفضل لعملية التنمية، فيما تم تخصيص الفصل السادس وعنوانه "التجليات الاقتصادية والسياسية والثقافية للعولمة" للكشف بدقة عن مظاهرها وتتبع آلياتها المختلفة، التي تفرض من خلالها منطقها في صياغة الاقتصاديات والسياسات والقيم الثقافية. وفي الفصل السابع استعرض الباحث موضوع قوى التحديث والتنمية بالبلدان النامية نحو رؤية نظرية متكاملة حيث حاول من خلاله رصد المواقف النظرية المختلفة، التي تطرقت لذلك. وفي الفصل الثامن والأخير تكفل فيه باستعراض"دور النُّخب في المجتمعات التنموية"، حيث تم التطرق إلى أبرز هذه النخب التي حصرها في خمس، بوصفها النُّخب الأساسية، التي أثرت على مسار التنمية والتحديث في هذه البلدان، وأثرت بالتالي على مجرى ومصير مجتمعاتها الاقتصادي والثقافي الزعماء السياسيون ، التكنوقراطيون، المثقفون، الأحزاب السياسية، العسكريون. ويأتي هذا الكتاب دعما نظريا للطلبة والباحثين في مجال علم الاجتماع والاقتصاد والعلوم السياسية.