العرب بارعون جدا في اختراع المسميات، وتوظيفها سياسيا، من أجل كسب المزيد من الوقت لتحمية الكراسي وما بقي من عمر قد يمتد إلى ما لا أحد من البشر يعلم. كان ضياع فلسطين كارثة بكل المقاييس، وكانت مصيبة، وكانت ما كانت، ولنسميها بما شئنا من مسميات التي تعد أكبر وقعا من الضياع والفقدان، ولكن القوم عندنا سموها " النكبة " وصاروا يحتفلون بها كل عام، رغم أن العرب منكوبون في كل عام، وكان الأجدى أن يعزوا أنفسهم كونهم منكوبين على أن يتحدثوا في شأن فلسطين، لأن فلسطين تلقينا فيها التعازي في العام 48، وبعدها جاءت بسنوات " النكسة " هكذا ببساطة سمي تحطيم جيش بكامله وتهديم كل مطاراته و بتر سيناء من مصر والجولان من سوريا، وضياع بيت المقدس إلى اليوم، سمي " نكسة " يعني " نكسة " وتمر، وستعود للقوم بعدها قائمة، أو كأن المنظرين للمصطلحات كانوا يريدون أن يقولوا للعالم أن ما حدث لا يعدو أن يكون كبوة جواد، ولو سمينا الأشياء بمسمياتها، لما كان للنكبة أو النكسة وأخواتها شأن يذكر أمام الذي حدث، لأن الذي حدث كان مصيبة أكبر من مصائب الدنيا مجتمعة، لو وقعت في دول تحترم التاريخ والجغرافيا، وتحترم الإنسانية لعلقت المشانق للمتسببين والمتخاذلين وسقطت تيجان عن رؤوس ورؤوس عن رقاب، ولكن لأنهم عرب صار ضياع فلسطين عندهم نكسة ، ونكبة وبعض الشؤون العادية التي لا تثير الإهتمام الكبير .