تزخر منطقة المنيعة بثروة مائية تقدر بملايين الأمتار المكعبة، وتمتاز بجودتها العالية والعالمية كونها مياها طبيعية خالية من الإضافات كعنصر الحديد وغيره مما يجعلها علاجا مناسبا لمرضى الكبد وغيرهم، وقد تم تصنيفها في المرتبة الأولى وطنيا من قبل وزارة الري لأنها لا تحتوى سوى على 0.9 غرام في اللتر من الأملاح المعدنية في حين أن السقف العالمي محدد بغرامين في اللتر، وقد دفعت جودة مياه المنيعة إلى العمل على استثمارها من لدن أحد المصانع الخاصة منذ 13 سنة، والذي ينتج نحو24 ألف قارورة في الساعة ويوجه المنتوج للاستهلاك محليا، ووطنيا بل وحتى لبعض دول الجوار ليساهم هذا النوع من الاستثمار في امتصاص نسبة معتبرة من البطالة، كما قدم إشهارا غير مباشر للمنيعة التي بإمكانها أن تشكل مستقبلا قطبا سياحيا، وفلاحيا بامتياز لكن وراء كل هذه الصورة المشرقة تكمن عدة مخاطر تهدد، وتعمل على تبديد هذه الثروة المائية غير القابلة للتجديد فحفر الآبار الفوضوية في المحيطات الفلاحية وداخل النسيج العمراني ارتفع بشكل مذهل ليصل في إحصاء غير رسمي إلى 500 بئر فوضوي، مما يساهم في ارتفاع مستوى المياه البئرية من منطلق أن المنيعة أرض غنية بخمسة جيوب مائية تغذي المياه البئرية السطحية منها جيبان مائيان متصاعدان، وقد أدت النظرة الضيقة لعدد من السكان والفلاحين والمستثمرين إلى استفحال ظاهرة صعود المياه التي تعاني منها بشكل لافت بلدية حاسي القارة، رغم أن بحيرة حاسي القارة تعمل طبيعيا على تنظيم توزع هذه المياه، والخطر الآخر أن السكان يستهلكون مياها غير معالجة دون دراية منهم، وهو نتيجة عدم ربط بيوتهم بشبكة المياه الصالحة للشرب بطريقة قانونية، والذي لا يشفع له مختلف التبريرات فمثلا فرع شركة الجزائرية للمياه ببلدية المنيعة يحصي قرابة ال 7000 زبون أغلبهم يتهربون من دفع فاتورة المياه المعالجة مما رفع سقف ديون الشركة إلى 24 مليار سنتيم، في وقت يكتفي سكان بلدية حاسي القارة بدفع مبالغ جزافية لدى المصالح البلدية لاستهلاكهم مياها أضحت بحاجة ماسة إلى المعالجة أكثر خصوصا بعنصر الكلور، وهي إشكالية تتطلب ضمهم إلى زبائن شركة الجزائرية للمياه . ويبقى القول أن الكل بات يتفق أن مستقبل الأمم مرهون بثرواتها الطبيعية غير المتجددة، وعلى رأسها ثروة الماء الذي جعل الله عز وجل منه كل شيء حي .