استطاع آلاف الطلبة، أمس، كسر الطوق الأمني المشدد بالعاصمة، بالرغم من تواجد عدة حواجز أمنية، عجزت عن رد الجماهير الكبيرة التي توافدت إلى العاصمة من كل حدب وصوب، لاسيما بعد تجنب قوات الأمن حدوث أي تشنجات والدخول في معترك مع المحتجين. ودون سابق انذار، وصلت جموع الطلبة إلى قصر المرادية، أمام محطة الحافلة في نية من قبلهم للوصول إلى رئاسة الجمهورية لرفع مطالبهم مباشرة في خطوة جريئة لم تكن منتظرة، لاسيما وأن الجزائر العاصمة ما تزال تحت تأهب أمني غير مسبوق، وذلك منذ أسابيع، حيث خرج ما يقارب 5 آلاف طالب جامعي إلى شوارع العاصمة، قدموا من عدة جامعات كبرى من ولايات الوطن "21 جامعة"، حيث انطلقت المسيرة على الساعة الثامنة والنصف على غير العادة، حيث كانت المسيرات الأخيرة تنطلق على الحادية عشر، حيث لم يتعد عددهم بعض العشرات استطاعت تطويقهم قوات مكافحة الشغب في البريد المركزي إلى غاية العاشرة أين تحول الاعتصام الذي كان أبطاله بعض العشرات من الشباب إلى أمواج من الطلبة الذين التحقوا من عدة ولايات بزملائهم، ليخترقوا أول طوق أمني في البريد المركزي ويتمكنوا من الانتقال إلى شارع "أودان" أين تمكن المحتجون مرة أخرى من اختراق الطوق الثاني مع توافد المزيد من الطلبة الذين استطاعوا ان يسجلوا ما يمكن أن نسميه نجاحا في مسيرتهم، رافعين عدة مطالب وتوجهوا على إثر ذلك إلى قصر الشعب، حيث تمكنوا من اختراق حاجزين أمنيين ولم تستطع قوات الأمن التي وجدت نفسها في مواجهة آلاف الطلبة الغاضبين على وزارة حراوبية. ورغم التعزيزات الأمنية والإنزال لعشرات من العربات الأمنية المساندة بقوات مكافحة الشغب، إلا أن الطلبة استطاعوا أن يخترقوا الحواجز مصممين على الوصول إلى رئاسة الجمهورية، وكادوا يصلوا في اللحظات الأخيرة لولا تصميم قوات الأمن على منع المسيرة بأي طريقة كانت، لتتوقف المسيرة بعد صدامات بين قوات مكافحة الشغب والطلبة، خاصة حينما اختلط محتجو الصحة والتربية مع الطلبة ووجدت قوات الأمن نفسها في مواجهة الآلاف، حيث سجلت عدة إصابات في صفوف المحتجين والشرطة على حد السواء، لتتوقف المسيرة قرب محطة الحافلات بالمرادية بعدما استنفذوا كل قواهم وجهدهم أمام تصميم قوات الأمن التي كانت في استقبال المحتجين بآليات مكافحة الشغب، حيث قطعت كل الطرق المؤدية إلى قصر الرئاسة، وتعد هذه المسيرة الأولى من نوعها التي استطاع الطلبة من خلالها اختراق الحواجز الأمنية وتنظيم أنفسهم في يوم لم تكن قوات الأمن مستعدة له رغم الحشود وآلاف من أفرادها الذين يرابطون في العاصمة منذ أسابيع، حيث كانت كل الأنظار موجهة للمعتصمين "الباتريوت"، إلا أن خرجة الطلبة هذه المرة أخلطت أوراق قوات الأمن. وأعطت إنذارا للسلطات بأن الأمور ليست على ما يرام على مستوى الجامعات والمعاهد ولابد من حلول عاجلة. ويذكر أن الطلبة رفضوا التصريح لوسائل الإعلام متهمين إياها بعدم الاهتمام الجدي بانشغالاتهم والانحياز وعدم المصداقية، ولم تخلوا شعارات الطلبة من بعض الشعارات السياسية، بالإضافة إلى مطالبهم التي تخص مشاكلهم في الجامعة، حيث اعتبروا أن الوزارة تلاعب بهم وتؤجل حل المشاكل إلى أن تهدأ العاصفة، مطالبين بإدراج المطالب في الجريدة الرسمية، وأكدت أطراف أن مسيرة الطلبة أمس تعد انذارا حقيقيا لخطورة الوضع وعدم استعمال الوعود لامتصاص الغضب الذي ما يزداد يتوسع يوما بعد يوم. وخلال جولة قامت بها "الأمة العربية" بعيد انتهاء المسيرة مباشرة وقفنا على بقع من الدم وضمادات وقفازات جراحية في عدة أماكن التي سارت فيها المسيرة، مع تأهب أمني غير مسبوق.