الزهوانية، ملكة الراي الجزائري، التقيناها بكبريائها وتواضعها المعهودة بهما، فبدخولها القاعة القاعة البيضوية والمعجبين حولها لأخذ الصور التذكارية ممّا صعب علينا مهمة الحديث معها حتى بعد أن أدت الحفل بنجاح... ألقينا عليها القبض وهي في باب الخروج وأجرينا معها هذا الحوار الشيق الذي كشفت فيه لأول مرة قرار عودتها للغناء وعن "الحراڤة" وجديدها... تابعوا * نبدأ أولا من القرار الذي اتخذته بعودتك إلى جمهورك والغناء له، كيف حدث هذا؟ ** "يا ولدي إن الله يعلم ما في القلوب"، وحين ذهبت لتأدية مناسك الحج سألني المطوف: "هل تنوين العودة للغناء؟" صارحته وقلت له نعم، فجمهوري والغناء شيء لا يمكنني أن أستغني عنه، فأنا منذ أن زاولت الفن لم أشتم أو أؤذي أحدا ولم أغتب شخصا والذين يقولون الزهوانية إن قالت وفعلت "نوكل ربي عليهم". * كيف ترين الآن الشباب وهم الآن فاقدين الأمل ولا يعرفون إلا "الحرڤة"؟ ** أحيانا ألتقي شبابا يقولون لي "يا الحاجة ما بقى والو سلاكها الحرڤة" لكنهم غير واعين بأن 10 ملايين أو 12 مليون سنتيم التي يدفعونها للهروب إلى الضفة الأخرى يمكنهم فعل أشياء كثيرة بها. * ألا ترين أن الوضع الحالي للجزائر والذي لم تتضح ملامحه للشباب كالبطالة الخانقة والبيروقراطية التي تمارسها الإدارة هو السبب؟ ** الشباب الجزائري بطبعه يحب أن يستمتع بملذات الحياة وهذه فطرة في بني البشر، فهم يحبون ارتداء أبهى الملابس وأشيكها، وامتلاك سيارة آخر طراز... إلى غير ذلك. * لكن في كل هذا من المتضرر في رأيك؟ ** الوالدان هما المتضرران، فالشاب "يحرڤ" سواء نجا من أمواج البحر أو لم ينجو، والأم هي التي تتحسر عليه، وعندما يمسه سوء تجدها تفعل ما بوسعها كي تساعده، تخيلوا أن يذهب شاب هكذا بدون سابق إنذار، دون أن يودع أمه، ماذا سيحصل لها؟ أطلب من الله الهداية لهؤلاء الشباب. * ما هو شعورك عندما تقرئين عنهم في الجرائد أو تشاهدين جثثهم على شاشات التلفزيون وهم ينتشلون فيها؟ ** صدّقوني عندما ينتشلون جثثهم من البحر أبكي بحرقة شديدة، أبكي عندما لا يعرفونهم ويصنفونهم ضمن مجهولي الهوية فيدفنون هكذا بدون أهاليهم، أظن أن هذا الشيء يبكي حتى الحجر ويهزك حتى وإن كان قلبك من حديد. * بحكم أنك تسافرين كثيرا، كيف يعيش الشباب الجزائري في الخارج؟ ** والله، إلا القليل القلة الذين يعملون هناك ولديهم منازل تأويهم، فمعظم الذين ذهبوا سواء بطريقة قانونية أو "حراڤين" يبيتون في العراء ويتخذون من الكرتون فراشا لهم، والسرقة وبيع المخدرات عملهم، أظن أنه لو كانوا في الجزائر لما كان هذا مصيرهم، فعلى شبابنا أن يصبروا لأن الصبر مفتاح الجنة، فأبي رحمه الله يقول "طول وجيب الكامل". * إذا طلب من الزهوانية أن تغني أغان تشجع على "الحرڤة" مثل بعض المغنيين، هل تؤدينها؟ ** أبدا ومن المستحيلات السبع ولو وضعوا السكين في رقبتي، فالشباب الجزائري أعتبرهم كلهم أولادي وكما أحب لنفسي أحب لغيري، وأعتبر هؤلاء المغنيين مجرمين. * بما أنك تعتبرينهم مجرمين، ماذا تقترحين للحد من مثل هذه الأغاني التي تحرّض الشباب بطريقة غير مباشرة على "الحرڤة"؟ ** نعم، يجب أن تكون رقابة شديدة وعلى الدولة أن تسن قوانين ردعية لهؤلاء الدخلاء على الفن عامة وعلى أغنية الراي خاصة، وأن تعطي أوامر صارمة لشركات الإنتاج الموسيقية بألا تسجل أو تنتج مثل تلك الأغاني كونك أمّ قبل أن تكوني فنانة، فما نصيحتك لهؤلاء الشباب؟ ** بذراعك تستطيع أن تذهب أينما شئت، فالعمل وحده هو الذي يجلب لك "الفيزا" وراسك مرفوع، وإن فكروا في "الحرڤة" فإنهم سيحرمون أنفسهم من الزواج والأولاد، ويجب عليهم أن يطيعوا أولياءهم، "الخبز والماء" خير لهم من الغربة و"الحرڤة". * كيف تريد الزهوانية أن تصبح الجزائر؟ ** دائما "فرحانة" هي وشعبها وزاهية كل العمر، فالجزائر تحتاج إلى أبنائها ليرفعوها، ويجب أن تكون لنا طموحات على بلدنا الحبيب، أنا أستطيع أن أقول إنني جلت وصلت في معظم بلدان العالم لكن لم أجد كالجزائر وتحيا الجزائر، إنها "ساكنة في الدم". * ما هو جديد الزهوانية؟ ** أحضر لألبوم سيصدر -إن شاء الله- هذا الصيف، لكن لا أستبق الأمور وأتحفظ على إعطاء التفاصيل "كي زيد نسموه بوزيد"... تضحك. * كلمة أخيرة.. ** أطلب الله العافية والمغفرة وأن يراجع شبابنا الجزائري أنفسهم وأن يتخلوا عن فكرة "الحرڤة" وأن ينظروا إلى الجزائر بنظرة أخرى، نظرة الأمل والثقة في بلدهم ورئيسهم، كما أشكر "الأمة العربية" التي استطاعت أن تستنطقني، مع العلم أنني لا أحب أن أدلي بالتصريحات... تضحك.