كشف مسؤول رفيع في الحكومة التونسية لرويترز، ان الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الاسلامية اتفق على اجراء انتخابات عامة في 20 مارس من العام المقبل على الارجح في اطار خارطة طريق سياسية، تهدف الى طمأنة الشعب والمستثمرين في الداخل والخارج. وأطاحت ثورة 2011 في تونس بالرئيس المخضرم زين العابدين بن علي، بعد 23 عاما قضاها في السلطة، وأثارت انتفاضات "الربيع العربي" التي انتشرت في جميع أنحاء المنطقة. وفازت حركة النهضة الاسلامية المعتدلة في انتخابات أكتوبر الماضي وسيطرت على مقاعد الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة دستور جديد لمرحلة ما بعد ثورة تونس. وقال لطفي زيتون المستشار السياسي لرئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي لرويترز: "هناك اتفاق بين احزاب الترويكا على تحديد خارطة طريق سياسية لطمأنة الرأي العام والمسثمرين في الداخل والخارج.. تم اقتراح تاريخ 20 مارس العام المقبل، ولكن ليس تاريخا نهائيا مئة بالمئة. قد يكون قبل ذلك ربما اذا انتهينا من صياغة الدستور". ويكافح الاقتصاد التونسي للتعافي من الركود وعدم الاستقرار السياسي المستمر الذي يؤجل تدفق المستثمرين من الخارج. وتصاعدت الازمة بين الاسلاميين الذين يطالبون بدور أكبر للدين في الحكومة والنقاد العلمانيين واليساريين الحريصين على الحفاظ على سمعة البلاد باعتبارها واحدة من أكثر الدول علمانية في المنطقة. وكشف زيتون ان هناك نية للابقاء على المناضل الحقوقي كمال الجندوبي رئيسا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهي التي اشرفت على اول انتخابات حرة في البلاد العام الماضي. وقال "هناك توجه للابقاء على رئيس الهيئة ولكن المجلس التأسيسي هو من سيقرر هوية بقية الاعضاء". وتقود حركة النهضة الاسلامية المعتدلة الائتلاف الحاكم مع حزبين علمانيين، هما المؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل من أجل العمل والحريات. كما اجتمع اكثر من خمسين حزبا سياسيا تونسيا، السبت، في المنستير وسط شرق تونس لرص صفوف المعارضة ومواجهة الثلاثي الحاكم بزعامة حزب النهضة الاسلامي. وشارك في هذا التجمع الذي نظمته "الجمعية الوطنية للفكر البورقيبي" والذي يضم ايضا حوالى 525 جمعية تونسية، رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي الذي تولى عشرة اشهر رئاسة الحكومة الانتقالية الثانية بعد رحيل زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011. وفي خطاب أمام آلاف الاشخاص، دعا قائد السبسي الى تنظيم استفتاء "في حال الضرورة لحسم مسألة تطبيق الشريعة كمصدر رئيسي للتشريع في الدستور المقبل"، المسألة التي تثير خلافا بين الاسلاميين والليبراليين. واضاف "اتفقنا عند نقل السلطة على ان صياغة الدستور وتنظيم الانتخابات المقبلة يجب ان يجريا خلال مهلة سنة، لكننا نلاحظ مع الاسف ان الحكومة ليست في عجلة للوفاء بوعودها بعد اربعة اشهر من توليها السلطة". من جهته، قال احمد نجيب الشابي الرئيس التاريخي للحزب الديموقراطي التقدمي إن "الشرعية وحدها لا تكفي، يجب ان نبرهن على الكفاءة والقدرة على ادارة البلاد". وقال الناطق باسم الجمعية الوطنية للفكر البورڤيبي قاسم مخلوف لوكالة فرانس برس، إن هذا اللقاء الذي يعقد تحت شعار "بدعوة من الأمة" هو "مناسبة لجمع الاحزاب السياسية وممثلي المجتمع المدني الذين يدعمون الفكر الاصلاحي البورقيبي والمتمسكين بقيم الاعتدال والتسامح". وكان بورڤيبة اول رئيس لتونس بعد انتهاء الحماية الفرنسية (1881 1956). وقد توفي في السادس من افريل 2000 عن 96 عاما بعدما ازاحه رئيس وزرائه في حينها بن علي في 1987. وتشهد الساحة السياسية التونسية جدلا حادا بين الاحزاب السياسية، وخصوصا النهضة وشريكيه اليساريين في الحكم، والمؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل والتقدميين والعلمانيين. وفي مواجهة صعود الاسلاميين الذين يطالبون بتطبيق الشريعة واعتبارها مصدرا رئيسيا للتشريع في الدستور المقبل، تحاول المعارضة التي تريد بناء دولة مدنية وحديثة، توحيد صفوفها في تحالف واسع. وشهد اليسار والوسط عدة عمليات دمج او تقارب وهناك اخرى متوقعة. من جهة اخرى، يحاول رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي الذي تولى الحكم اثر الثورة وحتى انتخابات اكتوبر العودة الى الساحة السياسية من خلال تنظيم تجمع كبير السبت في المنستير مسقط راس اب الاستقلال الحبيب بورڤيبة. وكان قائد السبسي وجه في اواخر جانفي نداء الى "كل القوى السياسية والفكرية الوطنية التي ترفض التطرف والعنف (...) الى تجميع طاقاتها المادية والمعنوية حول بديل يعزز التوازن السياسي". واعلنت تشكيلات سياسية ليبرالية ومن اليسار مشروعا للدمج في ما بينها منها حزب التجديد وحزب العمل التونسي والمستقلين. ودخلت غيرها من الحركات التقدمية والوسطية المراحل الاخيرة مثل الحزب الديموقراطي التقدمي والحزب الجمهوري، ودعا ايضا الحزب القومي التونسي الذي يضم 11 تشكيلا سياسيا تالفت بعد ثورة 14 جانفي ايضا الى تحالف الاحزاب "الدستورية" التي تقول انها تسير على خط بورڤيبة، لكنها كانت ايضا اعضاء في حزب التجمع الدستوري الديموقراطي برئاسة بن علي، والذي تم حله.