إياب الدور الثالث والأخير لتصفيات كأس أمم إفريقيا 2013 يعود الحماس، سهرة اليوم، إلى مدرجات ملعب مصطفى تشاكر بالبليدة والذي سيحتضن مباراة مصيرية وحاسمة بين المنتخب الوطني ونظيره الليبي لحساب الدور الثالث والأخير لتصفيات كأس إفريقي للأمم 2013، حيث من المنتظر أن تكون ال 90 دقيقة التي تفصل "الخضر" عن تأشيرة السفر إلى جنوب إفريقيا مطلع السنة المقبلة، طويلة على أشبال المدرب البوسني وحيد حليلوزيتش المطالبين بصناعة اللعب والمبادرة إلى الهجوم من أجل حسم الأمور سريعا لتسيير بقية أطوار المباراة جيدا، وذلك قبل اكتساب عناصر المنتخب الليبي للثقة، التي من شأنها أن تصعب من المأمورية أكثر، خاصة مع الضغط الشديد الذي يمارس عليهم، سواء من الطرف الليبي الذي استعمل سلاح التأثير النفسي خلال الفترة التي سبقت موعد اليوم، وذلك سعيا منه للنيل من معنويات رفقاء فيغولي، أو من طرف أنصار "الخضر" الذين ستغص بهم مدرجات ملعب تشاكر قياسا بالإقبال الكبير على التذاكر التي تم طرحها للبيع، وهو ما دفع بالناخب الوطني إلى التركيز أكثر على الجانب النفسي خلال التدريبات، حيث يدرك جيدا بأن هذا الجانب يكتسي أهمية بالغة في مثل هذه المباريات. ومن جهة أخرى، فإن الناخب الوطني يتواجد أمام مسؤولية كبيرة وهو في مهمة ترسيخ اسمه في ذاكرة الجزائريين، حيث سيكون مطالبا بتأكيد كل الإنجازات التي حققها منذ ترسيمه على رأس العارضة الفنية ل "الخضر"، وهو يدرك جيدا بأن الإخفاق في بلوغ نهائيات كأس إفريقيا المقبلة من شأنه أن يمحو كل تلك النتائج الجيدة التي سجلها لحد الآن. كما يدرك بأن كل أنصار المنتخب الوطني ينتظرون بشغف رؤية "الخضر" مجددا في أكبر محفل كروي إفريقي، وبريق الإنجاز العظيم الذي حققه الشيخ سعدان في نهائيات أنغولا 2010 لا يزال راسخا في أذهانهم، فضلا عن أسفهم الكبير على تضييع تأشيرة المشاركة في نهائيات الغابون وغينيا الإستوائية والتي جرت مطلع السنة الجارية. وعلى صعيد آخر، فإن اقتطاع تأشيرة السفر إلى جنوب إفريقيا سترفع أكثر من معنويات رفقاء المايسترو الجديد سفيان فيغولي إلى السحاب وهم مقبلون على تحديات أكثر صعوبة، لكن بحلاوة خاصة؛ وهي تصفيات كأس العالم 2014 والتي تسيل لعاب كل اللاعبين. عاملا الأرض والجمهور ونتيجة الذهاب.. لا يعني التأهل المؤكد ولعل الأمر الذي يبعث على الإرتياح والتفاؤل، هو اقتناع المدرب الوطني بأن العوامل التي تلعب في صالح "الخضر"، والمتمثلة في الأرض والجمهور وأفضلية نتيجة مقابلة الذهاب، لا تعني جزما بأن التأهل سيكون من نصيب الجزائر، حيث أن ذلك سيضع أشباله على المحك وأمام الأمر الواقع، ويدفعهم إلى التركيز أكثر وبذل مجهودات إضافية وعدم التكاسل واعتبار أن الحصول على التأشيرة سهل المنال، فالمنتخب الليبي سيحاول استغلال كل الفرص التي تتاح له، لأنه ليس لديه ما يخسره. وفي حال تمكنه من تسجيل هدف، سيتحرر لاعبوه ويجعلهم أكثر قوة وربما قد يدخل الشك في نفوس أشبال حليلوزيتش، ما سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. وفي هذا الإطار، أكد الناخب الوطني قائلا "الجزائر لم تضمن بعد تأهلها للمرحلة النهائية لكأس إفريقيا للأمم 2013، رغم الفوز المسجل في مباراة الذهاب.. لقد استفدنا كثيرا من ذلك، لكن علينا أن ننسى هذه النتيجة ونركز على المباراة الثانية.. لا شيء تحقق حتى الآن ولا ينبغي اعتبار أنفسنا فائزين. تأهلنا لكأس أمم إفريقيا 2013 لم يتحقق بعد". ضرورة التسجيل في اللحظات الأولى لتسيير المباراة بارتياح وبالنظر إلى المعطيات المتوفرة وتلك التي أفرزتها نتيجة مباراة الذهاب، فإن حليلوزيتش سيدخل بنسبة كبيرة بخطة هجومية بحتة منذ البداية، وذلك بحثا عن مباغتة الخصم مبكرا لإجباره على العودة إلى الوراء وتحمّل عبء المباراة، وسيعتمد في ذلك على خبرة مهاجميه سليماني وسوداني اللذان يبدو أنهما تحررا كليا من الضغط بالنظر إلى الأهداف الكثيرة التي تم تسجيلها في المباريات السابقة. ويأمل المدرب الوطني تسجيل هدف خلال الربع ساعة الأول ليتمكن بعدها من تسيير المواجهة بإحكام، إذ أن المنتخب الليبي سيحاول على إثرها الصعود لتدارك النتيجة، وبالتالي فسيترك وراءه فراغات كثيرة يمكن استغلالها لتعميق جراحه. خط الدفاع مطالب باليقظة والرقابة الشديدة على مهاجمي المنافس ومن الجهة المقابلة، فإن الهاجس الأكبر لدى التقني البوسني هو خط الدفاع الذي يؤرقه، رغم أن الثنائي مجاني وبلكالام أظهر تفاهما كبيرا في مواجهة الذهاب التي جرت بمدينة الدارالبيضاء المغربية، حيث يخشى تكرار الهفوات السابقة، لا سيما مع تغير المعطيات، فالمواجهة مصيرية وحاسمة والأنصار يشكّلون ضغطا رهيبا ولا يتسامحون مع الأخطاء. كما أن لاعبي المنتخب الليبي سيدخلون دون مركب نقص ولا أية ضغوط، لأن ليس لديهم ما يخسرونه، ولذلك فقد وجه حليلوزيتش تعليمات صارمة للثنائي المذكور بضرورة التركيز وتشديد الرقابة على المهاجمين الليبيين وعدم ترك هامش حرية كبير لهم، خاصة في منطقة العمليات. المباراة ستحاط بحماية أمنية مكثفة والمنظمون يسعون لتوفير كل شروط الراحة للأنصار وبالنظر إلى أهمية المباراة، فإنها ستحاط بحماية أمنية مكثفة تفاديا لحدوث أي انزلاق، خاصة وأنها ستجرى أمام شبابيك مغلقة نظرا للتوافد منقطع النظير للأنصار على شباك التذاكر المخصصة لها، وتدرك السلطات الأمنية جيدا بأن هناك بعض المتعصبين من الجماهير ممن يحاولون إثارة الشغب محاولة منهم للثأر من الأحداث التي عرفتها مواجهة الذهاب، غير مبالين في ذلك بالعقوبات الصارمة والقاسية التي ستنجر عنها، والتي قد تصل إلى حد إقصاء المنتخب الوطني من المشاركة في كأس إفريقيا. ومن المنتظر أن ينتشر رجال الأمن بأعداد كثيرة، سواء داخل الملعب أو في محيطه من الخارج من أجل تنظيم السيول البشرية التي ستتوافد على الملعب، مع سعي الجهات المنظمة إلى توفير كل شروط الراحة، مثل المياه المعدنية والمأكولات ودورات المياه وغيرها، لتفدي نرفزة الأنصار. كما سيشتد الحزام الأمني في نهاية المباراة خوفا من غزو أرضية الميدان أمام أنظار ممثلي الكاف.