يعتبر تعلق الزوجة بأمها في العديد من نواحي حياتها إلى حد كبير مشكلة أسرية كثيرا ما تسببت في النزاع بين الزوج وزوجته تكرارا ومرارا، بحيث تصبح أمها مستشارة ومدبرة وموجهة الزوجة، مما قد يثير غضب الزوج. لكل شيء حدود، فكثير من الأزواج لا يفهمون أنه من الطبيعي والبديهي أن تتعلق الزوجة وفي بداية حياتها الزوجية بأمها وأسرتها بالكامل تعلقا كبيرا، باعتبارها نشأت وترعرعت بينهم وبالخصوص بين أحضان الأم، كما أن بعض الزوجات يسرفن في هذا التعلق، كما أنه قد يدفعهن دفعا إلى استشارة الأم في كل صغيرة وكبيرة وفي كل أمر مهما كان نوعه ولا يتصرفن في أحوال بيوتهن وعلاقاتهن الزوجية إلا على ضوء ما تمليه عليه أمهاتهن من نصائح، باعتبار أن الأم مثال يقتدى به ويهتدى على دربه في مسايرة الحياة الزوجية الناجحة والمثلى. وعديدة هي الخلافات التي قد تترتب على هذا السلوك غير الواعي في كثير من الأحيان بالتحديد عند إحساس الزوج أنه غير مستقل في بيته ما يجعله يحس بالضيق والإحباط، إذا شعر بأنه لا يملك زمام بيته ولا مشورة خالصة أو رأيا سديدا من زوجته، ناهيك إذا كان منزله يسير بما لا يوافق ميوله وتدبيره وتفكيره، وإذا تأزمت الأمور في كثير من الأحيان قد يصل الأمر إلى ما لا تحمد عقباه. "ساعد" والذي بلغ به الأمر حد لا يطاق -بحسب تعبيره- لم يجد من حل سوى أبغض الحلال "الطلاق" لمشكله نغصت حياته الزوجية، حيث أكد بأنه لم يستطع التحكم في تصرفات زوجته التي كانت تمليها عليها حماته باعتبارها كثيرة التردد عليهما بدعوى ملاحظة ظروف معيشة ابنتها، حيث كثرت الشجارات العائلية بينه وبين أسرته ما دفعه للاستقلال بمنزل خاص والخروج من البيت العائلي، غير أنه وجد أن الأمر لا زال على حاله مع استمرار زيارة الحماة واستمرار انقياد ابنتها لأوامرها ما جعل من الجو الأسري صعب العيش فيه فاضطر للطلاق. قد يكون هذا أقصى وأقسى ما قد تنجر عنه مثل هذه السلوكات بالخصوص ما قد يولد من صراع محتدم بين الزوج وزوجته بسبب هذا التدخل السافر من جانب أم الزوجة. وهو ما يجعل الزوج أو أمه في بعض الحالات يشعران بأن تلك الزوجة لا زالت أسرتها تحتل في نفسها منزلة لا تعادلها منزلة أخرى، وقد يؤزم هذا الوضع ما قد تقوم به بعض أمهات من ظلمهن الظلم الصريح لزوجات أبنائهن، ولكن عندما لا يكون هناك رد فعل مماثل من الطرف الزوجة تكون على الأقل قد ضيقت هوة النزاع والتباغض والتنافر، حل يتطلب الكثير من الصبر والحكمة ما يجعل العلاج متوقف أساسا عليها. وقد روي أن أحد الأزواج سمع زوجته ذات يوم تتحدث مع أمها فقالت لها "اطلعي عليه كيما الدروج، درجة.. درجة.."، فدخل وكأنه لم يسمع شيئا وعندما ذهبت الحماة أمر زوجته بتحضير فنجان قهوة فقالت له: "دعني فأنا متعبة.." فنزل عليها بوابل من الضرب، وفي الغد جاءت والدتها فقالت لها: "مابك يا ابنتي فحالتك سيئة للغاية". فأجابها الزوج قائلا لها: "كانت تصعد السلم فوقعت من الدرجة الأولى..". إن مثل هذا التعلق الزائد سواء من الزوجة أو الزوج يدل في الحقيقة إلى نقص في النضج الشخصي، مما يجعل الفرد غير قادر على الاستقلال بتفكيره وسلوكه عن والديه.