صراع تكتيكي بين مدرب أجنبي (بولت) وآخر محلي (كيشي) تأهل منتخب بوركينافاسو إلى أول نهائي في تاريخه ببطولة كأس الأمم الإفريقية بعد رحلة غير متوقعة بالبطولة المقامة بجنوب إفريقيا حاليا تحت قيادة المدرب البلجيكي بول بوت، وولد بوت،56 عاما، في مدينة ميركسيم البلجيكية وتولى تدريب عدة أندية محلية مثل جيل ولوكرن ولييرس قبل انتقاله لتدريب المنتخبات الوطنية، حيث تولى تدريب منتخب غامبيا فيما بين عامي 2007 و2011 قبل أن يتولى تدريب بوركينافاسو في 2012، وقبل هذا التحول الكبير في حياته المهنية، أوقف بوت عن التدريب في عام 2005 ببلجيكا لتورطه في فضيحة للتلاعب في نتائج المباريات، حيث اعترف المدرب البلجيكي بالتلاعب في نتيجة مباراتين، ورغم ما تردد وقتها عن تورط العديد من الأندية ولاعبيها في هذه الفضيحة، فإن عقوبات الإيقاف التي وقعت بسببها لم تطل سوى نادي لييرس وبوت واللاعب حسن كاسيتش. وخلال رحلته لتحسين سمعته، أكد بوت خلال البطولة الإفريقية أن التلاعب في نتائج المباريات لطالما كان موجودا ولا يوجد ما يمكن أن نفعله للقضاء عليه، وقال "لطالما كان التلاعب في نتائج المباريات ظاهرة موجودة في كرة القدم، عندما كنت لاعبا رأيت الكثير من هذه الأشياء، ولا أعتقد أنه من الممكن تغيير هذا الأمر"، وأضاف بوت "إنه أمر مؤسف، ولكن أعتقد أنك في كل رياضة عليك أن تواجه هذه الأمور". بوت يعكس كل التوقعات ويقود بوركينا للنهائي وفي جنوب إفريقيا، يضع بوت كل تركيزه في الملعب، حيث نجح في قيادة منتخب بوركينافاسوالذي لم يحقق أي فوز خارج أرضه طوال تاريخه ببطولة الأمم الإفريقية ووصل به إلى نهائي البطولة مفجرا مفاجأة كبيرة، ومع سعي المدرب البلجيكي لاستعادة مكانته المفقودة في كرة القدم، فقد نجح فريقه أيضا وبعكس جميع التوقعات أن يصل إلى النهائي الإفريقي رغم أن جميع الترشيحات كانت ضدهم،وكان على المنتخب البوركينابي في البداية أن يجتاز مجموعة صعبة تضم نيجيريا، الطرف الثاني في نهائي اليوم، وحاملة اللقب زامبيا وإثيوبيا، ولتحقيق هذا الهدف، خسرت بوركينا أفضل لاعبيها آلان تراوري الذي أصيب قبل أن يتمكن من تحقيق أي تأثير مع بلاده في أدوار خروج المغلوب، كما أن بوركينافاسوخاضت جميع مبارياتها بكأس إفريقيا على أسوأ ملاعب البطولة وهوملعب "مبومبيلا" بمدينة نيلسبروت، ثم تغلب المنتخب البوركينابي على الطوغوفي دور الثمانية بهدف نظيف بعد تمديد المباراة إلى وقت إضافي، أما في الدور نصف النهائي، فقد نجحت بوركينا في تعويض تخلفها بهدف من ضربة جزاء غير مستحقة أمام غانا لتتعادل ثم تفوز 3/1 بضربات الترجيح. الإصرار ...سر نجاح منتخب الخيول وكان الإصرار هو الصفة الملازمة لبوت ولاعبيه أيضا طوال رحلتهم إلى النهائي، ويدرك اللاعبون جيدا كم يثق فيهم بوت، وقال تشارلز كابور، قائد منتخب بوركينا عقب مباراة غانا "عندما بدأنا رحلتنا في هذه المسابقة، كان الشخص الوحيد المؤمن بنا هوالمدرب، وبالنسبة لنا كلاعبين، كنا مصرين على بذل قصارى جهدنا وأن نقاتل بكل قوة في الملعب، أود أن أشكر المدرب على الإيمان والثقة اللذين وضعهما فينا". ونشر بوت روح عدم الاستسلام بين لاعبيه، وكان خير مثال على ذلك مباراة الفريق الافتتاحية بالبطولة التي تعادل فيها 1/1 مع نيجيريا، ورغم أن المنتخب النيجيري كان الفريق الأفضل في تلك المباراة، فقد نجح تراوري في تسجيل هدف التعادل لبوركينا في الوقت المحتسب بدلا من الضائع ليمنحها نقطة ثبت لاحقا أنها بالغة الأهمية. لقد أثبت بوت خلال محطاته السابقة بحياته أنه من الممكن أن تنتفض من وسط الركام وتمضي قدما، لقد أصبحت الفرصة سانحة أمام بوت وفريقه لتحقيق إنجاز تاريخي، حيث وقبل سنوات معدودة، كان مجرد الحديث عن موقف كالذي تمر به بوركينا حاليا يبدوضربا من الخيال على أفضل تقدير. كيشي.. مدرب وطني أبهر الجميع في إفريقيا وقاد النسور للنهائي عندما فاز المنتخب النيجيري بآخر لقبيه السابقين في بطولة كأس الأمم الإفريقية بالفوز على زامبيا في المباراة النهائية لبطولة 1994 بتونس، رفع ستيفن كيشي كأس البطولة بصفته قائدا للنسور الخضراء، والآن يقود كيشي الفريق من مقعد المدير الفني، حيث وصل به إلى المباراة النهائية للبطولة، ويأمل كيشي أن يصبح ثاني شخص في تاريخ البطولة الإفريقية يتوج بلقبها لاعبا ومدربا، حيث سبقه إلى هذا شخص واحد فقط هوالمدرب المصري الراحل محمود الجوهري والذي توج بالبطولة لاعبا في عام 1959 ثم مديرا فنيا لمنتخب بلاده في 1998 . وقال كيشي، الذي سيكون فريقه اليوم هوالمرشح الأقوى لإحراز اللقب،" الأرقام القياسية توجد لتحطم، سيكون إنجازا عظيما"، ويشارك المنتخب النيجيري في المباراة النهائية للمرة السابعة في تاريخه وكانت آخر مرة عندما استضافت بلاده البطولة بالتنظيم المشترك مع جارتها غانا في عام 2000 ولكنه خسر في النهائي أمام نظيره الكاميروني. وولد كيشي،51 عاما، في لاغوس بنيجيريا في جانفي 1962 وكان مدافعا بارزا في صفوف المنتخب النيجيري من 1981 إلى 1995، كما كانت له مسيرة رائعة على مستوى الأندية في نيجيريا وبلجيكا وفرنسا واستمر احترافه في الأندية الأوروبية من 1986 إلى 1993، وكانت أولى مهامه في مجال التدريب هي قيادة المنتخب الطوغولي في الفترة من 2004 إلى 2006 وفجر مفاجأة من العيار الثقيل عندما قاد صقور الطوغو إلى التأهل لكأس العالم 2006 لتكون المشاركة الأولى للصقور في المونديال، وأقيل كيشي من تدريب الفريق قبل المونديال بسبب الأداء الهزيل والنتائج السيئة للفريق في كأس الأمم الإفريقية التي أقيمت في مطلع عام 2006 بمصر، وعاد لتدريب نفس المنتخب لفترة قصيرة في 2007 قبل أن يتجه لتدريب منتخب مالي من 2008 إلى 2010 . الروح الجماعية ... العامل الأهم في عودة نيجيريا القوية للواجهة وتولى كيشي تدريب المنتخب النيجيري في نوفمبر 2011 وقاد الفريق في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس الأمم الإفريقية الحالية بعدما أخفق الفريق في التأهل للبطولة الماضية عام 2012 قبل توليه المسؤولية، ويحرص كيشي بشدة على الأداء الجماعي للفريق وإن أثار الدهشة قبل بداية البطولة الحالية بإعلان قائمة الفريق خالية من بعض النجوم البارزين مثل بيتر أوديمونجي وأوبافيمي مارتينز، وقال كيشي "معظم النيجيريين لا يتفهمون هذا، إنهم ليسوا فقط لاعبين مهرة يمكنهم أداء المهمة في البطولة، إنك بحاجة أيضا إلى العقلية القوية واللاعبين الذين يجيدون الأداء الجماعي والذين يمكنهم بالفعل أن يلعبوا للفريق". وملأ كيشي المؤتمرات الصحفية، التي ظهر فيها على مدار البطولة الحالية، بروح الدعابة التي يتميز بها والتي يتهرب بها من مناقشة الأساليب الخططية لفريقه في المباريات التالية حيث يفضل الاحتفاظ بها"، وتطور مستوى المنتخب النيجيري تصاعديا مع سير البطولة حتى سحق منتخب مالي 4/1 في الدور قبل النهائي، وربما كان الفوز الثمين للفريق على كوت ديفوار 2/1 في دور الثمانية هوالأبرز للفريق في البطولة الحالية والدفعة المعنوية الهائلة له قبل لقاء مالي. وقال كيشي إن لاعبيه يسعون لبذل قصارى جهدهم من أجل تحقيق الفوز على أفيال كوت ديفوار، وقدم الفريق بالفعل أداء رائعا في المباراة، وكان المنتخب النيجيري هوالأفضل أداء في هذه المباراة وتميز بالنشاط والحركة المستمرة وأظهر رغبته الشديدة في تحقيق الفوز من كل فرصة تسنح له، وتمثل الإدارة الفنية لمنتخب دولة كبيرة بحجم نيجيريا، صاحبة أعلى تعداد سكاني في إفريقيا (160 مليون نسمة)، مهمة في غاية الصعوبة،ولكن مع وصول الفريق، للمرة الأولى منذ 13 عاما، إلى النهائي بعد الفوز على كوت ديفوار لم يعد أمام النسور وكيشي سوى العودة إلى بلادهم باللقب الأفريقي الثالث.