كثيرة هي الإعلانات والإشهارات التي غدت تطالعنا عنها الجرائد والمواقع الإلكترونية الجزائرية من أجل البحث عن عاملة نظافة أو مساعدة بيت، هؤلاء اللائي أصبح لعابهن يسيل لا سيما بالنسبة للقادمات من المناطق المعزولة والقروية وحتى من المدن الكبرى بحثا عن العمل ولقمة العيش، لكن تتحول الخادمة من الطالبة للقمة العيش إلى لصة محترفة. الخادمة المنزلية أضحت من أهم الوظائف المطلوبة عند ربات البيوت وباتت من الضروريات داخل العائلات الجزائرية التي لا يمكن الاستغناء عنها، لا سيما مع دخول المرأة سوق الشغل جنبا إلى جنب مع الرجل وعدم قدرتها على التوفيق بين متطلبات الزوج والأبناء من جهة، وارتباطاتها المهنية من جهة أخرى، لكن في ظل اندماج هذه الشريحة داخل الأسرة الجزائرية إن لم نقل غدت فردا من أفراد الأسرة المشغلة لها والعالمة بأسرارها وأدق تفاصيلها صارت تثير أكثر من نقطة استفهام، فالصورة التي يحملها الكثيرون عن شخصية الخادمة أو المعينة المنزلية هي تلك الفتاة الريفية البسيطة والساذجة المقهورة والمغلوب على أمرها من رب وربة البيت، لكنّ وجها آخر بدأ يطفو على السطح في ظل تطور أحوال الحياة، حيث تغيرت تماما تلك الصورة البريئة والمسكينة لتتحول الخادمة إلى شخصية استغلالية وسارقة وخائنة للأمانة، وكثيرة هي القصص والأحداث التي طالعناها عن خادمات لهفن أموال ومصوغات مؤجراتهن في غفلت منهن. "أمال"، شابة تقطن بالرغاية وتعرضت للسرقة من طرف خادمة كانت تعينها في أعمال البيت نتيجة المرض الذي كانت تعانيه، حيث لم كانت تحضر لمساعدتها بانتظام حتى غدت محل ثقتها إلا أن هذه النظرة سرعان ما خارت عندما لاحظت الخادمة أن زوج "أمال" تاجر في تحويل العملات والمتاجرة بالملابس المستوردة، حيث تركتها في البيت مع أولادها وما وضعه زوجها من سلع وملابس باهظة الثمن، بالإضافة إلى العملات الأجنبية التي جاء بها زوجها ولحسن الحظ فلما سرقت الخادمة هذه الألبسة لم تعثر على مكان الأموال، ولم تتفطن السيدة لما قامت به، إلا بعدما أخبرها جيرانها بخادمتها قد خرجت مسرعة وهي تحمل شيئا بيدها، لتتفطن على وقع عدم عثورها على الملابس التي يتاجر بها زوجها. قد يكون لهذه السيدة حظا كبيرا مقارنة بأحد الأسر والتي استعانت بشابة لم تتجاوز الثامنة عشر، حيث في فترة العطلة الصيفية تركت لها مفتاح البيت وهذا من أجل العناية بنظافته أثناء فترة غيابها مع زوجها وأسرتها لخارج البلاد، لتجد فور دخولها للبيت وتفقدها له أن هناك ساعة يدوية باهظة الثمن قد فقدت بالإضافة لعدد من الأمور الخاصة بالبيت، فأودعت محضرا لدى الشرطة الذين ألقوا القبض على الفتاة الشابة وتمكنوا من استرجاع ما تمت سرقته والتي تعرضت لعقوبة سنة سجنا غير نافذ بسبب ظروف التخفيف. قد لا تكون هذه هي حالات السرقة الوحيدة التي تتعرض لها الأسر وربات البيوت، ففي حالات عديدة تتعرض ربات البيوت لسرقة الأزواج، كما حدث لإحدى السيدات والتي جلبت خادمة في ريعان شبابها، هذه التي لم تتوان، بحسب ما قالته السيدة "ح"، في إغواء زوجها في فترات غيابها عن البيت والالتقاء به في البيت عندما لا تكون هي أو ابنيها هناك، أو في مواعيد غرامية خارج البيت حالما انتبهت للأمر "ولكنني تفاجأت بأن زوجي قد عقد قرانه معها بعد أقل من سنة على الرغم من كونها في سن ابنته. لا يوجد قانون يجرم هذه الظاهرة أما من الناحية القانونية، فقد أكدت المحامية "بوقطاية فريدة" بأن هذه الأنواع من السرقات تكيف بحسب نوعها إما كسرقة بالثقة، أو خيانة أمانة، أو تحرش جنسي، مؤكدة أنه لا يوجد قانون يجرم هذه الظاهرة كما أنها لا ضرورة قانونية من وضع قانوني، كما عاتبت الأستاذة "بوقطاية" ربات البيوت بشدة وأرجعت المشكل في تفاقم هذه الظاهرة إليهن بالخصوص النساء اللائي غدون يتكاسلن عن الأعمال المنزلية ويعالجن كسلهن بإدخال نساء وفتيات للبيت لا يعرفن عنهن شيئا البتة، ولا يجرين تحريات عن سلوكهن وشخصهن، وفي بعض الأحيان تتجاوز هؤلاء النساء المسؤولات عن أسر وعوائل الحدود بجلب كل أسبوع فتاة لمساعدتها، ما يضع أسرارها وأسرار بيتها عند الجميع ويرفع من احتمالات تعرضها للسرقة والانتهاكات لأسرارهن المنزلية، حيث تجدها متداولة عند الغادي والرائح. نفسانية.. أغلب الحالات تعتبر سرقة مرضية ومن جهتها، قالت المختصة الفسانية "نوال عباسي" إن السرقة التي تقوم بها هؤلاء الخادمات هي سرقة مرضية في الغالب، ففي علم النفس الاجتماعي وحتى علم النفس العيادي تؤخذ هذه الحالات في الغالب على أنها حالات مرضية لأن أغلب هؤلاء الخادمات لا نجدهن بحاجة ملحة وقاهرة لما سرقنه أو للمال بل إن سبب ما قمن به هو الغيرة أو الحسد للأسرة التي يعملون عندها أو يرونها، وهذه الظاهرة منتشرة في كل بقاع العالم "السرقة المرضية". وأكدت لنا المختصة "عباسي" أن هذه الحالات المرضية تؤخذ بعين الاعتبار عند المشرع الأمريكي، ففي قانون الولاياتالمتحدة يقوم المختصون هناك بتوجيه استمارات للسارقين الذين ألقي عليهم القبض لمعرفة ما إذا كانت السرقة مرضية أم اعتيادية وهذا يدخل في شدة الحكم ومدته.