يحق لمصر اليوم وبعد اليوم، أن ترفع هامتها نحو السماء وتقول إنها فعلا أم الدنيا، كيف لا وهي التي يدخلها "الناس آمنين" ويخرجون منها مصابين، ولست أعرف كيف كان رد فعل أبو تريكة الذي كرّمته الجزائر عرفانا لأخلاقه وتواضعه، ولأنها تحبه كابن عربي بار وهو يرى زملاءه وضيوفه من الفريق الجزائري "معورين" وعلى رؤوسهم الضمادات، وسلم لي "عالشاكوش" يا "بوشاكوش"، هذا "الشاكوش" الذي اتهم به الضحية بأنه استعمله "لتعوير نفسه"؟ وهل توجد إهانة أكثر من هذه حين يهين المضيف ضيفه في داره، ثم يتهمه بتهمة باطلة؟ ولكن مستقبل الولد في اللعب "إنت يا لعيب إنت، ويا رئيس قادم إنت يا جمال". ولزاما على مبارك الذي حرّض وزير خارجيته ليكسّر رِجل أي فلسطيني يتخطى معبر رفح هربا من الموت والمحرقة، أن يحرض مجهولين ليرموا ضيوف مصر الذي دخلوا مصر "زعمة آمنين"، بحجارة وزن الواحدة منها كيلوغرام بالتمام والكمال، فلابد للدم الجزائري أن يسيل على أرض مصر المحروسة حتى يتأهل جمال مبارك إلى التصفيات الرئاسية، ولن يدخر نظام مبارك جهدا في فعل المستحيل من أجل فوز مصر، ليس إيمانا بمصر وتأهلها لكأس العالم، ف "طز" في مصر و"طز" في النظام المصري في العرف المباركي الذي حرم فيه المواطن البسيط في مصر حتى من الرغيف، ولكن فقط ليعلن ترشيح ابنه لخلافته في جو عامر بفرحة المصريين بتأهل منتخبهم، وبالتالي يمتص حسني مبارك صدمات الغضب والاحتقان الذي يعيشه الشعب المصري بهذه الفرحة، ويرشح ولي عهده "فرعونا" جديدا. وإنه لعيب أن تتسلق يا جمال يا ابن مبارك الحكم على دم الجزائريين، إنه العيب الكبير الذي لن يغفره لك الشعب الجزائري اليوم،وسيتذكره لك الشعب المصري غدا حين يستيقظ على واقعه المر بعدما تذهب "لسكرة" وتأتي الفكرة، نظام بكامله نزل برئيسه وابن رئيسه والعائلة "المالكة" إلى "ستاد" القاهرة، وإلى اللاعبين لحثهم على الانتصار وتركوا كل الفقر الذي خلّفهم والأربعين بالمائة من الشعب الذي يعيش تحت عتبة الفقر، لماذا لم ينزل هذا "الجمال" الذي سيباركه والده قريبا حاكما جديدا إلى جرحى غزة يواسيهم ويمسح على اليتامى ولو مجاملة؟ وينزل إلى لعب "ماتش كورة" وينط فرحا حين يرى شباك الجزائر تهتز، وكرسي الرئاسة "يزغلل" بين عينيه الغائرتين في مقلتيه. كنت دوما أحث على الأخوة بين الشعبين في مقالاتي، سواء في جرائد الجزائر أو في وسائل إعلامية أخرى، أو حتى تدخلي في إذاعة "البي بي سي" حين اتصلوا بي طالبين رأيي في ما يحدث.. أقول سعيت للتهدئة والتذكير بالتاريخ المشترك والأخوة والمحبة التي تجمع شعب مصر بشعب الجزائر، وهي محبة فعلية وليست مزيفة، لكن إعلام الفتن والغربان الناعقة في قنوات الحقد خلقت كراهية بين الشعبين لا يمكن أن تمحوها السنون. وإن كان على التاريخ والمساعدات التي ما فتئ الإعلام المصري يتحدث عنها ويمن بها علينا، وعلى العربان من حوله، فإننا نقول لا يوجد من قدم للجزائر خلال كفاحها المرير من شعب ليبيا الشقيق، وأبدا لم يمن الإخوة في ليبيا على الجزائر، ووحده الله يعلم مدى المساعدة التي تلقتها الثورة من العراق الشقيق، وأبدا لم يمن العراق بمساعداته، لأنها كانت مساعدات خالصة.. بينما المساعدات المصرية كانت لمصلحة معينة ومحاولة لاحتواء الثورة الجزائرية وجعلها صنيعة مصرية، ولا نريد أن نغوص في التاريخ، لأن الحقائق ستفتح يوما ويأخذ كل صاحب حق حقه. وأمام كل الذي حدث، لا أعتقد أن الشعب الجزائري سينسى ما لحقه من مبارك الذي يريد فرض ابنه، ولو على أشلاء ودماء ضيوفه من الجزائر، لذا تمنيت دوما أن يهز الفريق الجزائري شباك "جمال مبارك " و"يخرمها" ولا أقول شباك الفريق المصري وينقذ شعب مصر من رئيس قادم لا يطيقه يجثم على صدره أربع عقود أخرى قابلة للتجديد مع حسني مبارك الحفي، فالفاعلون في مصر رهنوا مستقبلهم بأرجل اللاعبين الجزائريين. وأقولها من هنا وعلى هذا المنبر، إن فوز الجزائريين على مصر، ستلفق لأكثر من لاعب أكثر من تهمة، ولتحول "الشاكوش" الذي اتهم به سائق "الباص" الذي "ما شفش حاجة"، المنتخب الجزائري باستعماله لتكسير زجاج الحافلة إلى رشاش بعد المقابلة، ولزج ببعض المسيرين الذين رافقوا الوفد الجزائري في السجون المصرية ولحاكمتهم محكمة أمن الدولة المصرية "نتاع الهف". أما الجماهير الجزائرية التي دخلت مصر "زعمة آمنة"، فالأكيد أن بعضها خرج في نعوش وبعضهم يتهم بالتخطيط لعمليات إرهابية. إنه نظام مستعد أن يفعل أي شيء كي تستمر سلالته، لذا فلنحمد الله على خسارتنا وسلامتنا، وهي مصر كما يقولون "أم الدنيا"، ولكن نحن في الجزائر نردد دائما "الدنيا بنت كلب".