استشهاد 11600 طفل فلسطيني في سن التعليم خلال سنة من العدوان الصهيوني على قطاع غزة    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    ملفّات ثقيلة على طاولة الحكومة    افتتاح صالون التجارة والخدمات الالكترونية    ديدوش يعطي إشارة انطلاق رحلة مسار الهضاب    أدوية السرطان المنتجة محليا ستغطي 60 بالمائة من الاحتياجات الوطنية نهاية سنة 2024    هذا جديد سكنات عدل 3    تندوف: نحو وضع إستراتيجية شاملة لمرافقة الحركية الإقتصادية التي تشهدها الولاية    تبّون يُنصّب لجنة مراجعة قانوني البلدية والولاية    دي ميستورا يعقد جلسة عمل مع أعضاء من القيادة الصحراوية في مخيمات اللاجئين بالشهيد الحافظ    ليلة الرعب تقلب موازين الحرب    لماذا يخشى المغرب تنظيم الاستفتاء؟    حزب الله: قتلنا عددا كبيرا من الجنود الصهاينة    عدد كبير من السكنات سيُوزّع في نوفمبر    يوم إعلامي حول تحسيس المرأة الماكثة في البيت بأهمية التكوين لإنشاء مؤسسات مصغرة    السيد حماد يؤكد أهمية إجراء تقييم لنشاطات مراكز العطل والترفيه للشباب لسنة 2024    افتتاح مهرجان الجزائر الدولي للشريط المرسوم    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    وهران: انطلاق الأشغال الاستعجالية لترميم "قصر الباي" في أقرب الآجال    تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2025 / الجزائر: "تأكيد التحسن المسجل في سبتمبر"    مجلس الأمة يشارك بنجامينا في اجتماعات الدورة 82 للجنة التنفيذية والمؤتمر 46 للاتحاد البرلماني الافريقي    الألعاب البارالمبية-2024 : مجمع سوناطراك يكرم الرياضيين الجزائريين الحائزين على ميداليات    السيد طبي يؤكد على أهمية التكوين في تطوير قطاع العدالة    حوادث المرور: وفاة 14 شخصا وإصابة 455 آخرين بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    كأس افريقيا 2025: بيتكوفيتش يكشف عن قائمة ال26 لاعبا تحسبا للمواجهة المزدوجة مع الطوغو    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 41 ألفا و788 شهيدا    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: الطبعة ال12 تكرم أربعة نجوم سينمائية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: سينمائيون عرب وأوروبيون في لجان التحكيم    شرفة يبرز دور المعارض الترويجية في تصدير المنتجات الفلاحية للخارج    الوزير الأول الباكستاني يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المشروع التمهيدي لقانون المالية 2025- تعويض متضرري التقلبات الجوية    المقاول الذاتي لا يلزمه الحصول على (NIS)    مدى إمكانية إجراء عزل الرئيس الفرنسي من منصبه    عبر الحدود مع المغرب.. إحباط محاولات إدخال أزيد من 5 قناطير من الكيف المعالج    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب:الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    الجزائر تعلنها من جنيف.."عودة الأمن في الشرق الأوسط مرهونة بإنهاء الاحتلال الصهيوني"    نعكف على مراجعة قانون حماية المسنّين    قافلة طبية لفائدة المناطق النائية بالبليدة    تدشين المعهد العالي للسينما بالقليعة    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    إعادة التشغيل الجزئي لمحطة تحلية مياه البحر بالحامة بعد تعرضها لحادث    قوجيل: السرد المسؤول لتاريخ الجزائر يشكل "مرجعية للأجيال الحالية والمقبلة"    بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين اليوم    كوثر كريكو : نحو مراجعة القانون المتعلق بحماية الأشخاص المسنين وإثراء نصوصه    الدورة التاسعة : الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة محمد ديب للأدب    إجراءات وقائية ميدانية مكثفة للحفاظ على الصحة العمومية.. حالات الملاريا المسجلة بتمنراست وافدة من المناطق الحدودية    حرب باردة بين برشلونة وأراوخو    منتخب الكيك بوكسينغ يتألق    توقيع اتفاقية شراكة في مجال التكفل الطبي    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    مونديال الكيك بوكسينغ : منتخب الجزائر يحرز 17 ميدالية    الحياء من رفع اليدين بالدعاء أمام الناس    عقوبة انتشار المعاصي    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل اغتالت "المبحوح"في دبي لضرب الاستقرار العربي ورد حماس سيكون مزلزلا
المحامي الفلسطيني "لؤي المدهون" ل"الأمة العربية" :
نشر في الأمة العربية يوم 28 - 02 - 2010

أكد المحامي الفلسطيني والعضوفي حركة "فدا"، لؤي المدهون، بشأن اغتيال القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" محمود المبحوح في إمارة دبي من قبل الموساد الإسرائيلي، في حوار خص به "الأمة العربية"، أن الإمارات العربية ستتعاطى مع القضية على أساس أنها جريمة ارتكبت على أراضيها ومست أحد زوارها مما تطلب منها اتخاذ كافة الإجراءات القانونية واتخاذ العقوبات الرادعة ضد مرتكبي الجريمة، نافيا في نفس الوقت تورط عناصر فلسطينية في عملية الاغتيال، مؤكدا أن رد حماس على مقتل أحد قادتها، سيكون مزلزلا يتناسب وحجم جريمة الموساد الإسرائيلي، داخل الأراضي الفلسطينية، وسيكون في الوقت المناسب.
إن إثارة الضجة حول عملية اغتيال المبحوح تكمن بتنفيذ عملية الاغتيال داخل دولة الإمارات العربية التي تعيش حياة أمنية مستقرة كنوع من أنواع الحفاظ على الإنجازات الاقتصادية المعتمدة على جلب الاستثمار الدولي، حيث كانت العملية بعد أسابيع قليلة من افتتاح برج خليفة الذي يعتبر أعلى ناطحة سحاب في العالم، كما نفذت العملية بعد انتهاء الأزمة المالية التي عانت منها دبي في الأشهر الماضية، وإبداء دبي استضافتها لمقر الأمم المتحدة القائم في نيويورك على أراضيها، الأمر الذي من شأنه أن يغير خريطة الاستثمار والوضع الاقتصادي في المنطقة برمتها، وبالتأكيد هذا الوضع لا يروق لدولة الاحتلال مما حذا بها إلى تنفيذ العملية في دبي لإجهاض الطموح والاستقرار العربي المهدد لسيطرتها على ثروات المنطقة، وإثارة الفوضى الأمنية لمنع الأمم المتحدة من نقل مقرها من نيويورك إلى دبي ومنعها لأن تكون دبي مسرحا لفعاليات الأمم المتحدة الذي من شأنه أن يحد من أنشطة إسرائيل الأمنية والعسكرية في المنطقة.
إضافة إلى كون العملية نفذت باستخدام منفذيها لجوازات السفر الأوروبية في عملية الاغتيال، مما حذا بالأجهزة الشرطية والمحللين السياسين والإعلاميين ربط ذلك بتواطؤ الدول الأوروبية باغتيال المبحوح، مما أخرج القضية من قضية أمنية إماراتية إلى قضية أمنية تمس الدول الأوروبية.
لا شك بأن حركة حماس ستثأر من إسرائيل، لكون حماس ومنذ تأسيسها لم تكترث لتهديدات دولة الاحتلال ولم تتهاون في الرد على اغتيال أيا من قادتها السياسيين والعسكريين، خاصة وأن حركة حماس وجهازها العسكري حمل العدو الصهيوني مسؤولية جريمة اغتيال المبحوح، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه في سياق هذه الإجابة، أين سيكون الرد الحمساوي على جريمة الاغتيال ؟ والذي نرى فيه شيئا معقدا لحركة حماس في ظل استهداف إسرائيل للمبحوح في دولة عربية، كونه مؤشرا خطيرا نحو استدراج حركة حماس للرد على جريمة الاحتلال في الخارج بهدف توريطها مع الدول العربية والغربية التي باتت علاقتها مع حركة حماس على خير ما يرام، وبهدف تعزيز الرؤية الإسرائيلية بكون حركة حماس حركة إرهابية يجب معاقبتها وملاحقة قيادتها السياسية، وبهدف الإساءة لكل فلسطيني مقيم في الخارج من خلال تعقيد اجراءات الإقامة، العمل والحركة في هذه البلدان، والنظر إليه نظرة دونية.
لذلك أرى أن الرد الحمساوي قائم، ولكنني أستبعد أن تعمل حماس على تغيير نهجها في الرد لتنساق وفق المخطط الإسرائيلي بالرد على جريمة اغتيال المبحوح خارج الأراضي الفلسطينية، نظرا لما ستلقاه الحركة من إجراءات وخيمة ومؤلمة، ستضر بكافة الإنجازات السياسية والدبلوماسية التي أرستها الحركة في السنوات الأخيرة، لذا أرى بأن الرد الحمساوي سيكون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م ولكنه لن يكون في الوقت الآني نظرا لكونه سيكون ردا مزلزلا يتناسب مع حجم جريمة الاحتلال، رادعا لدولة الاحتلال ومانعا إياها من انتهاج هذه السياسة مع الحركة، وإلزامها الصراع مع الحركة في الداخل، ولكون الرد السريع قد لا يكون ذي قوة رادعة لأن الهدف لا يكون ذا قيمة أو لوجود احتمالية فشل أي عملية داخل أراضي فلسطين المحتلة عام 1948م نظراً لحالة التأهب الأمني الحالي في إسرائيل .
التحقيقات في دبي ما زالت قائمة، ولم يجزم بتورط أيا من الفلسطينيين باغتيال المبحوح، وفي حالة ما تم إثبات حالة التورط فهذا لا يعني تورط حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في عملية الاغتيال، وإن كان المتهمون أحد المنتمين لهذه الحركة، لكون حركة فتح حركة ثورية تحررية تضم في صفوفها مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، وكونها حزبا سياسيا لمن لا حزب له من أبناء الشعب الفلسطيني، وبالتالي لا يجوز لنا أن نزج حركة فتح في متاهات لا علاقة لها بها لكون المتهمين أحد المنتمين لها وتحميلها تبعات الحادث المؤلم لكل فصائل العمل الوطني والإسلامي .
كما علينا أن لاننسى بأن الأجهزة الأمنية لأي دولة بالعالم ترتكز في تنفيذ عملياتها إلى العديد من العملاء المتجنسين بجنسيات مختلفة لتسهيل تنفيذ عملياتها وكضمانة لنجاحها، وفي حالة اغتيال القيادي المبحوح واشتباه تورط إثنيين من الفلسطينيين لايعني تورط السلطة الوطنية أو أيا من أجهزتها الأمنية أو أيا من فصائل العمل الوطني والإسلامي في عملية الاغتيال، حيث المتهم الوحيد وفقا لنتائج التحقيق حتى الآن هو الموساد الإسرائيلي فقط، ولم توجه أصابع الاتهام لأحد سواه، حيث بات الاحتلال الطرف الوحيد في اغتيال القيادي المبحوح وهذا ما أعرب عنه رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السيد خالد مشعل، ونتائج التحقيقات السارية حتى الآن .
بداية علينا ألا ننسى بأن المملكة الأردنية الهاشمية دولة قانون، وذات سيادة ونفوذ سياسي قوي في منطقة الشرق الأوسط، وتستطيع أن تحمي نظامها السياسي والاجتماعي ومكانتها القومية، ومن جانب آخر هنالك احتمالية أن تكون قد أبرمت الصفقات ما بين دبي والأردن بتسليم الفلسطينيين المشتبه في ضلوعهما في حادثة اغتيال محمود المبحوح، والهاربين إلى الأردن وفقا لتصريحات شرطة دبي مقابل تكتم إماراتي عن الأردني المشتبه به، حيث أبدت المملكة الأردنية استجابة سريعة لطلب شرطة دبي باعتقال قوات الأمن الأردنية لهذين الشخصيين الحاملين الجنسية الفلسطينية وتسليمهم لشرطة دبي، رافضة المطلب الفلسطيني بعدم تسلميهم رغما عن الروابط السياسية والأمنية التي تربط السلطة الفلسطينية مع المملكة الهاشمية.
نحن بداية نشكك بصحة التصريحات التي صرح بها قائد شرطة دبي حول ضلوع حركة حماس في عملية الاغتيال من خلال تسريب معلومات عن موعد تنقلات ووصول المبحوح إلى دبي، ووصولها إلى منفذي عملية الاغتيال من قبل شخص في الدائرة الضيقة المغلقة جدا للقيادي المبحوح، ولا نرى بهذه التصريحات إلا تخمينات صادرة عن قيادة شرطة دبي، في ظل عدم إجراء أيا من التحقيقات مع أطراف الحلقة الضيقة المحيطة بالقيادي المبحوح، وككون قيادة شرطة دبي لحتى الآن لم تشرك أيا من الأطراف المعنية في حيثيات التحقيق بما فيها حركة حماس، أوالتعاون في جمع المعلومات، وارتكازها فقط إلى معلوماتها الأمنية المبنية على التسجيلات والصور التي التقطتها كاميرات المراقبة في الفندق وفي شوارع دبي.
وعلينا كعرب أن نكون موضوعيين في تقييم جهاز الاستخبارات الإسرائيلي " موساد " وألا نشكك بقدرته الاستخباراتية كونه اخفق في بعض الجوانب الأمنية بعدم اتخاذه احتياطات الحذر الشديد، وخاصة وأن جهاز الموساد الإسرائيلي وعملائه تناط بهم مهمة التجسس والعمليات السرية خارج إسرائيل ولم يتوانوا ولو للحظة عن مراقبة ومتابعة ومطاردة الشهيد المبحوح والقيادات الفلسطينية بشكل عام، وإن وجد بعض العملاء لا يعني أن هنالك اختراق لحركات التحرر الفلسطينية أوإشراكها في عمليات اغتيال القادة .
إن مطاردة المبحوح من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي لقرابة عشرين عاما كونه أحد ابرز مؤسسي كتائب الشهيد عز الدين القسام "الذراع العسكرية لحماس" والمسؤول عن أسر الجنديين آفي سبورتس وإيلان سعدون في بداية الانتفاضة الأولى وقتلهم بعد خطفهم، وتخطيطه للعديد من العمليات البطولية الموجهة للاحتلال، وبقائه عنصرا أساسيا بحفاظه على دوره الوطني والمتواصل في دعم المقاومة الفلسطينية داخل الوطن، لهو مؤشر قوي على اهتمام حركة حماس على سلامة وأمن القيادي المبحوح، حيث ليس من المعقول أن من قام بحماية المبحوح على مدار عشرين عاما أن يفرط به بهذه البساطة، وخاصة وأن وجهته قبيل اغتياله هي جمهورية إيران بهدف جلب السلاح للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، والذي من شأنه في حالة إتمام الصفقة أن يعزز ثقل وموقف حركة حماس في المنطقة.
إن للتنديد العربي الرسمي استحقاقا سياسيا وأمنيا اتجاه دولة الاحتلال، في حال إثبات التهمة على دولة الاحتلال، وتورط قادتها وعلى رأسهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي سيكون مطلوبا للعدالة لكون جريمة اغتيال محمود المبحوح ما كانت للتتم دون موافقة منه، ولكون السياسة التي تتبعها الدول العربية اتجاه إسرائيل هي سياسة مسك العصا من النصف، ولم ترتق يوما عن مجرد التنديد والمطالبة عبر وسائل الإعلام وكأن العلاقات العربية الإسرائيلية على خير ما يرام، ولعدم زج الأنظمة العربية الحاكمة لنفسها في متاهات الملاحقة القضائية لأركان الحكومة الإسرائيلية كنتيجة عن التنديد والإدانة في حالة خروج الموقف العربي من دائرة الصمت، وخاصة وأن دولة الإمارات العربية لن تتوانى عن ملاحقة منفذي العملية قضائيا وتقديمهم للعدالة، لذا كان الصمت العربي خير حل ومنقذ لهذه الأنظمة من ملاحقة رئيس الحكومة الإسرائيلية والمتورطين معه وخاصة وأن كافة المؤشرات ونتائج التحقيقات لحتى الآن تدين دولة الاحتلال بنسبة 99% .
مضيفا إلى ما سبق المنافسة العربية الشديدة في التقرب لدولة الاحتلال وتعزيزها بالتطبيع الاقتصادي والسياسي، والذي نرى فيها عنصراً أساسيا للحفاظ على رؤية الدول العربية المبنية على تحسين علاقتها مع دولة الاحتلال، واتخاذها من السلام مع دولة الاحتلال خيارا استراتيجيا رغماً عن رفض دولة الاحتلال للمبادرة العربية، حتى أصبحت الدول العربية التي لا تربطها اتفاقية سلام مع دولة الاحتلال وسيطا بين دولة الاحتلال ومنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وحركات المقاومة الفلسطينية الإسلامية والوطنية، هل يتوقع التنديد من قبل ممن يلعب هذا الدور .. بل بالعكس عليه أن يكون وسيطا نزيها غير معادي للسامية حتى ترضى عنه دولة الاحتلال بالتعاطي مع وساطاته .
لا أعتقد بأن للسيد محمد دحلان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح يدا في عملية اغتيال القيادي في حركة حماس الشهيد محمود المبحوح، وخاصة وأن الأخ محمد دحلان أحد أبرز رموز السلطة الوطنية الفلسطينية وأحد أبرز مناضلي الشعب الفلسطيني وكان واحدا ممن عانى من ويلات الاحتلال والأسر والتعذيب في أروقة سجونه، كما كان لدحلان العديد من المواقف الإيجابية بحمايته للمقاومة الفلسطينية فترة إدارته لجهاز الأمن الوقائي وحمايته للقيادي في حركة حماس محمد الضيف رئيس الجهاز العسكري لحركة حماس "كتائب الشهيد عزالدين القسام" والمطلوب الأول للموساد الإسرائيلي، متخطيا في ذلك كافة الاتفاقيات الموقعة مع دولة الاحتلال .
كما أن السيد دحلان لا علاقة له من قريب أو بعيد بمؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية الإدارية والأمنية والعسكرية، حيث بات نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني باكتساحه أعلى الأصوات في محافظة خانيونس، ومفوضا إعلاميا لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) .
إن تصريح خالد مشعل قطع الشك باليقين بتأكيده أن حماس اتهمت طرفا واحدا في الاغتيال هوجهاز الاستخبارات الإسرائيلي موساد، وما الاتصالات التي أجريت من قبل العاهل الأردني مع حاكم دبي بعدم الإشارة إلى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الأخ محمد دحلان، ما هو إلا تأكيد على سريان التحقيق في وجهته السليمة وعدم الدخول في متاهات من شأنها أن تضر وتبعد اصابع الاتهام عن الفاعل الحقيقي، وخاصة وأن نتائج التحقيق لم تتهم سوى جهاز الاستخبارات الإسرائيلي موساد .
بداية يجب التوضيح بأن دولة الامارات العربية في تعاطيها مع قضية اغتيال المبحوح لم تنظر إليها وكأنها قضية ذات منحى سياسي، وانما كان تعاطيها معها على أساس أنها جريمة أرتكبت على أراضي إحدى إماراتها، مست أحد زوارها مما يستوجب عليها اتخاذ كافة الاجراءات القانونية من تحري وتحقيق وملاحقة ومساءلة واتخاذ العقوبات الرادعة بمقتضى أحكام القانون الإماراتي بدون هوادة نظرا لمساس مرتكبي الجريمة سلامة وأمن الوطن وأفراده وضيوفه، وهذا ما أكده الفريق خلفان قائد شرطة دبي بأن الشرطة قامت بالواجب المنوط بها كجهة مخولة بحفظ وإقرار الأمن، وكجهاز مسؤول عن ملاحقة مخالفي القانون، بإيلاء شرطة دبي اهتماماً كبيراً لهذه الجريمة، وعكوفها على اكتشاف الفاعلين في وقت قياسي شأن كافة الجرائم الأخرى، بغض النظر عن أي انتماءات سياسية أوعرقية للمجني عليه أوللجناة، حيث يبقى مرتكبو هذه الجريمة عناصر مطلوبة أمنياً للمثول أمام القضاء لمحاكمتهم وفقاً لأحكام القانون، وبالتالي نرى بأن الإمارات ستتعاطي بحزم اتجاه منفذي عملية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح، ولن تتوانى كما سبق أن ذكرنا باتخاذ كافة الإجراءات القضائية اتجاه القتلة والمتورطين معهم، حيث أن إسرائيل لن تفلت من العقاب على انتهاكها لسيادة دولة الإمارات، بل سيكون الرد الإماراتي رادع لدولة الاحتلال حادا من توسع نطاق جرائم جهازها الاستخباراتي في منطقة الخليج .
كما أن ارتكاب جريمة اغتيال المبحوح على أرض دبي، سيحث حكام الإمارات اتخاذ اجراءات الحيطة والحذر من خلال اتخاذهم العبر من هذه الجريمة، وبالتالي لن يكون مستغربا من اتخاذ دولة الإمارات بعضا من الإجراءات الإدارية الاحترازية بالحد من الامتيازات التي تمنحها الدولة حاليا لحملة جوازات سفر بعض الدول الأجنبية الصديقة للدولة، والتي تسمح لمواطني تلك الدول بحق الدخول إلى أراضيها دون تأِشيرات .
لكون تعاطي الإمارات مع جريمة اغتيال المبحوح وكأنها جريمة عادية ارتكبت على أراضيها، فلن يكون رد الإمارة اكثر من كونه ردا قانونيا دون المساس بالنشاطات السياسية والاقصادية وغيرها القائمة بين دولة الاحتلال ودولة الإمارات العربية المتحدة .
أرى ما رآه العديد من الكتاب والمحللين السياسين بعلم بريطانيا بتنفيذ عملاء للموساد عملية خارجية مستخدمين جوازات سفر بريطانية، وأن الحكومة الإسرائيلية أِشعرت بريطانيا بنواياها بتنفيذ هذه العملية، قبيل ساعات من تنفيذها وإن كانت المعلومات التي تلقتها الحكومة البريطانية لم تكشف عن حيثيات العملية ومكانها وشخصية الشخصي المراد اغتياله حيث كانت هذه المعلومات حكرا على جهاز الموساد الاسرائيلي، ولكن علم الحكومة البريطانية المسبق باستخدام جوازات سفر بريطانية مزورة لهو دلالة على تواطئها مع الحكومة الإسرائيلية في عملية الاغتيال، نظرا لكون الهدف من وراء علم الحكومة الإسرائيلية هواحتمالية فشل العملية وتأزم الموقف .
إن نفي المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية البريطانية صحة ما تم ترويجه من أحاديث عن علم بريطانيا المسبق بقضية جوازات السفر المزورة لأمر متوقع من دولة متواطئة، تربطها اتفاقية تبادل معلوماتي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي في مجال المعلومات الاستخباراتية، وما الحديث عن التوتر الدبلوماسي الناتج عن عملية التزوير ما هو الا فبركة دبلوماسية لحفظ مياه الوجه من قبل بريطانيا، نظرا لكونها لم تصدر بيانا رسميا يدين إسرائيل استخدام جوازات السفر المزورة، وما البيان الذي سيصدره الاتحاد الأوروبي مجتمعا ما هو إلا كنتيجة لإلحاح وزير الخارجية الإمارتي لسفراء الاتحاد الأوروبي في دولته ومطالبتهم الضغط على حكوماتهم لإصدار بيان خاص في اجتماعاتهم فيما يتعلق بقضية استخدام جوازات سفر أوروبية في العملية، حيث من المتوقع وفقا لتصريحات مسؤول أوروبي أن الإعلان الذي سيصدر عن الاتحاد الأوروبي حول العملية لن يتطرق إلى عملية الاغتيال مباشرة ولن ينسبها إلى إسرائيل، وكذلك في قضية الجوازات المزورة. وهذه دلالة على تواطؤ بريطانيا في عملية الاغتيال، ومناقضة واضحة لما روج له من وجود تعثر في العلاقات الأوربية الإسرائيلية وفقا لما تناقلته وسائل الاعلام المختلفة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.