يحظى رائد التصوير الفوتوغرافي بالجزائر محمد كواسي بتكريم من مدينة وهران من خلال إقامة معرض له بعنوان "شهادات فوتوغرافية 1958-1963" يحتوي على زهاء ستين من أعماله. ويسمح المعرض الذي تنظمه ولاية وهران بقاعة العرض للمركز الثقافي "الأمير عبد القادر" بوسط المدينة بتقاسم لبضعة أيام نظرة هذا المصور الشاهد الاستثنائي لحرب التحرير الوطني. وتضم هذه التظاهرة بورتريهات رائعة لقادة بارزين للثورة التحريرية مثل جناح "الجزائر في حرب" حيث صور محمد بوضياف وأحمد بن بلة وحسين أيت أحمد وكذا مجاهدين مجهولين ولاجئين بالحدود. وقد أثرت السنوات العديدة التي قضاها محمد كواسي بتونس بعد أن انضم إلى قيادة جبهة التحرير الوطني على عمل هذا المصور. وتجلب بروتريهات "أيتام الحرب" التي التقطها في الحدود وصور "أقسام الدراسة" للأطفال اللاجئين انتباه الزائر. ويسجل "أطفال الحرب" حضورهم الدائم في أعمال محمد كواسي. وقد كان الفنان في كل مرة يلتقط في نظاراتهم تعابير متناقضة تجمع بين الهلع من الحرب والأمل في مستقبل أفضل. كما خصص حيز هام لأفراد جيش التحرير الوطني حيث يظهرون هدوءا كبيرا وإيمانا لا يتزعزع بعدالة كفاحهم من أجل إسترجاع الاستقلال الوطني. وتعتبر أعمال محمد كواسي بغض النظر عن جانبها الفني والجمالي في بعض الأحيان وثائق تاريخية قيمة مثل الصور التي التقطت خلال مختلف إجتماعات الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية برئاسة فرحات عباس ثم بن يوسف بن خدة قبل الاستقلال…كما تعرض أيضا الاجتماعات الأولى المنعقدة بعد الاستقلال مع شخصيات تاريخية أخرى على غرار محمد بوضياف وأحمد بن بلة ومحمد خيضر وحسين أيت أحمد. وخصص جانب كبير من المعرض لفترة ما بعد الاستقلال من خلال البروتريهات الرسمية للرئيسين الأولين للجزائر المستقلة أحمد بن بلة وهواري بومدين. كما تبرز صور الزيارات واللقاءات بالجزائر العاصمة مع قادة دول العالم الثالث آنذاك منهم جوزيب بروز تيتو وجمال عبد الناصر وباتريس لومومبا وفيدال كاسترو وارنيستو شي غيفارا.وقد ولد محمد كواسي الذي يعتبر رائد التصوير الفوتوغرافي بالجزائر في البليدة في 1920، وقد ناضل في صفوف حزب الشعب الجزائري والحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية قبل أن يلتحق بجبهة التحرير الوطني في تونس. وبعد الاستقلال تقلد منصب مسؤولية في وزارة الإعلام ثم أصبح مرة أخرى مصورا حرا منذ سنة 1969، وكان محمد كواسي المصور الأول والوحيد لجريدة "المجاهد" التي أنشأت في 1956 بتونس.