انتقد الخبير والمستشار الدولي في مجال النقل والتسيير المينائي كمال خليفة، الدور السلبي للدولة في تعاطيها مع ملف إستراتيجي ومحوري في مجال النشاط التجاري الداخلي والخارجي ويتعلق الأمر بالمؤسسات المينائية التي ما يزال مردودها ضعيف ولاتساير الحركية التي تشهدها البلاد على صعيد التجارة الخارجية، مما يفقدها سنويا خسائر بملايير الدولارات كان الأجدر تحصيلها بتجاوز المناهج الكلاسيكية لتسيير هذه المؤسسات وعصرنة خدماتها، وفقا لما هو معمول به في موانئ الدول الجارة. وكشف الخبير والمستشار الدولي في مجال النقل كمال خليفة، أمس، خلال تنشيطه لملتقى حول البدائل الناجعة للنقل البحري للبضائع، بمقر الوكالة الجزائرية لترقية التجارة الخارجية "ألجاكس" أن قطاع النقل ما يزال يمثل 30 بالمائة من الحجم الإجمالي لنشاطات التجارة الخارجية، لا يحوز فيها المتعامل التاريخي للنقل البحري للمسافرين وشحن البضائع "كنان جروب" سوى على 10 بالمائة، بينما تسيطر المجموعات الدولية على 20 بالمائة المتبقية. بمعنى أن الجزائر تفقد سنويا ما بين 7 و8 ملايير دولار كان من الأجدر تحصيلها بمراجعة السياسات المطبقة حاليا على مستوى الموانئ والمرافئ واستحداث آليات جديدة لتسيير نهائيات الحاويات، الذي ما يزال يسجل حجم معالجة مستقر في حدود 10 حاويات في الساعة وهو معدل أقل من 5 إلى6 مرات ما هو معمول به في الموانئ التونسية والمغربية وأقل 10 مرات مقارنة بمناهج التسيير ومعالجة البضائع والسلع في الموانئ الأوروبية. وأضاف خليفة أن الموانئ الجزائرية تبقى الوحيدة على مستوى شبكة الموانئ والمرافئ التجارية على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط التي تفتقر إلى أنظمة التسيير الرقمية، التي من شأنها اختزال فواتير الأتعاب والوقت. مؤكدا أن مسودة المقترح الذي رفع إلى وزارة النقل قبل حوالي سنتين، ما تزال حبيسة أدراج الوصاية ، وفي هذا الصدد أعاب محدثنا على المتعاملين تقصيرهم ولا مبالاتهم في تنظيم أنفسهم في جمعيات مهنية ومنظمات مينائية، كقوة اقتراح لرفع انشغالاتهم للجهات المختصة حتى ولو اقتضى الأمر التكتل كجماعات ضغط من أجل مستقبل القطاع. من جهته أعترف محمد بنيني، المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية التجارة الخارجية بوجود مشاكل عويصة على مستوى المؤسسات المينائية وهي من طبيعة تنظيمية وليس تشريعية، لأن القوانين كما قال موجودة ولكن سوء تطبيقها في الميدان أو التهاون في تنفيذها كانت له تداعيات على أداء القطاع. أما المتدخلون من مدراء المؤسسات المينائية وشركات متابعة الأسواق الخارجية وحتى ممثلي قطاع الجمارك، فقد شددوا على ضرورة توسيع خارطة الموانئ الجافة التي ما تزال قليلة خصوصا في المدن الكبرى التي تعاني موانئها إكتظاظا شديدا، أثر على آجال معالجة الحاويات والمتضرر الأول والأخير هو المواطن المستهلك. وقد أورد المتدخلون أمثلة حية من الواقع، حيث أكد مدير ميناء الجزائر أن المعدل العام لبقاء الحاويات في الميناء في تونس مثلا لا يتعدى 4 أيام والمغرب 5 أيام، أما في الجزائر فيتجاوز الأجل 21 يوما وهي خسارة للاقتصاد الوطني. ومن أمثلة ذلك، بقاء عتاد قامت شركة سونلغاز باستيراده في الميناء 6 أشهر مما أجل مشاريعها لربط أزيد من 600 عائلة بالغاز الطبيعي مدة تزيد عن 8 أشهر.