* * مع آخر قطرة ارتشفتها من "مواسم لا علاقة لها بالفصول" حملت جوالي بين ثنايا أناملي وطبعت عليه أرقام هاتفها. * رقم..رقمان ..ثلاث..وصولا إلى الرقم العاشر.. * هاتف يدق ورجل على الطرف الآخر من السماعة يجيب * ألو..؟؟ * ألوو وو وو؟؟ * حدث لي لحظتها انفصاما في قلبي، فما كان مني إلا أن أغلقت الخط، وحمدت الله أنني لم أظهر رقم جوالي وإلا لعاود الإتصال بي. * أول ما تبادر إلى ذهني هو أنه زوجها، فابتلعت غصتي وعدت لدوامة الشعر * الشعر؟؟ يقول صديقي الذي يجلس بجانبي. * آآآه منه * قبل أن يصرخ في وجهي * كمال ..ما الشعر؟؟ * أخذتني تنهيدة كبيرة قبل أن أجيبه يا عادل، إن الشعر مرآة اللغةحاله غياب ثنائي ..صورتنا المائية على وجه الحلم والمسافات ..الشعر ماهو إلا توحد خرافي بورده، الكلمة وعتمتها الهلامية !!تلك المدينة المسكونة بظلها، عندما يكون الظل عاريا من حزنه، إنه دمعتنا البلورية لنحيب غامض لايدركه إلا أولئك الفائضين بحنين المكان وشرود المعنى.هو حالة العشق الآني لشجره اللغة، والإكتفاء فقط بهذا الهباء المورق دفئا ونزيفا على قدر الورق.الشعر ليس إلا المكان المثالي لعيون الحبر،تغريبة إغريقية الأساطير !!أرضا تغور بتحديات الجدب، لكنها تعزف أنشودة البقاء والتهيؤ المرتقب لقادم ٍ آخر !!!الشعر هو تذكرة السفر المجانية للغيمة !!إنهما يتشابهان في الإحتمال وفى الغموض الآني،في تراتيل بوحهما، بينهما قليل من تداعيات الرقص المنثور بجنون ٍ على حائط الأزهار وهتافات المطر من ينقذنا من أسئله الحرف؟؟من يخرجنا من عُشبك؟ ومن جُنونك؟؟كلما سقطنا فى بؤرة الرغبات نقترب أكثر من اشتعالات الروح وتوهج الشهاده إلى ذكراك، الشعر إعادة الحياه .!!وإعادة عقرب الوقت إلى ديمومة البدايات وعواصف النهايات..إنه تشكيل مزدوج لشرعية الأشياء والهذيان على عتبة الشجن .هنا عند أول هذيانك، الخفي نحاول أن ننجو من البكاء أو الطواف فى محراب التأمل أيها المتسكع فى دهاليز الحالم ودمه وعتمته ..لا تحاول أن تُلقي قنابل الرؤيا..لاتحاول أن تستشهد بمذابح الغزاة أو حروب المغول أنت بوابتنا إلى مدن المجهول ..مدن النسيان والخروج من تعب التوغل والتيه !!!طريقتنا فى البحث دوما عن شكل ٍآخر للجرح وتعريف مغاير للحقيقة والإنسان .محاولة الخروج من الآني ..ودفنه فى عبوة ٍ ناسفة للنسيان..شكل ٌآخر لفاكهة اللغة وإمضاءات النرجس..هو طريقتنا إلى متحف الحبيبة أو ربما إلى جثتها ..يالك من جغرافيا وأرض ٍ وزلازل "أرخبيل"، يحثنا على الركض فى جمالية التشرد بمفردات الطبيعة..والبقاء على ضفة الدهشة..حصارٌ بخفق الأبجديه واكتمال المعنى!! * * الأديب : حسين سرتاح