"البعض يسخر من ضيوف ما وراء الجدران.. لكنهم ضحايا لمجتمع لا يرحم" "زوجي يدعمني ويساعدني لكي أوازن بين عملي والاهتمام بأولادي" تواصل عملها رغم التهديدات اليومية التي تتلقاها من قبل مواطنين وحتى مسؤولين في الدولة، استطاعت في ظرف قياسي أن تدخل بيوت الجزائريين بأول حصة اجتماعية جريئة في الجزائر، عنوانها "ما وراء الجدران"، والتي تحصد في كل عدد أكبر نسبة مشاهدة، هي الإعلامية المتخصصة في الشأن الأمني، الزميلة "عائشة بوزمارن" مقدّمة الحصة في تلفزيون "النهار". بداية.. كيف كانت بدايتك في مجال الصحافة؟ أنا خرّيجة معهد الإعلام والإتصال سنة 2007، وكانت أول تجربة إعلامية لي في الجزائر هي التحاقي بجريدة "النهار"، التي فتحت لي أبوابها، وأنا لا أزال طالبة جامعية. كيف كان ذلك؟ في الحقيقة، لقد تلقيت كل الدّعم المعنوي من قبل المدير العام لمجمّع "النهار"، السيد "أنيس رحماني" ومديرة التحرير آنذاك، مسؤولة النشر في جريدة "النهار" اليوم، السيدة "سعاد عزوز"، وأتذكر جيدا أنني كنت لا أزال أزاول دراستي الجامعية، عندما التحقت بجريدة "النهار"، واخترت قسم المحاكم، وبالضبط محكمة الشراڤة، أين فجّرت العديد من الفضائح، خاصة وأن الجريدة كانت في بداياتها، حيث كان لزاما علينا نحن الصحافيين رفع "ريتم" المقالات المنشورة، والإنفراد دائما بحصرية الحدث فور وقوعه. ما هي نوعية القضايا التي كنت تتطرقين إليها؟ تناولت العديد من القضايا وفضائح المسؤولين، وكانت أول فضيحة لي، هي فضيحة العقار الفلاحي في بلدية "بوشاوي"، والتي تورط فيها مسؤولون سامون في الدولة، وقد نشر المقال في صفحتين، وأنا كنت لا أزال طالبة جامعية. الأكيد أن قسم المحاكم فيه الكثير من المخاطرة والتهديدات، خاصة ما تعلق بصحة المعلومة، كيف كنت تتعاملين مع التهديدات من جهة، وصعوبة التحصل على المعلومة من جهة أخرى؟ هذا صحيح، لقد تعرضت إلى كثير من الضغوطات، سواء في محكمة الشراڤة أو محكمة بئر مراد رايس أو محاكم أخرى عملت فيها، حيث تابعني "جنرالات" متقاعدون ومسؤولون لنشري العديد من الفضائح، وأصارحك بشيء؟. تفضلي؟ كنت محبوبة من قبل العديد من القضاة ووكلاء الجمهورية، حتى أنهم كانوا يمدونني بكل المعلومات التي أحتاجها، في حدود تخصصهم طبعا، وذلك لأنني شخص محل ثقة، أتناول القضية بكل موضوعية ولا أحرّف الوقائع، وأكتب بناءً على أدلة وقرائن، حتى أنني كنت أتحصل على تقديمات وكيل الجمهورية حتى في الليل، وكنت مطلّعة على كل ما يحصل داخل المحكمة من أمور صغيرة أو كبيرة. بعد قسم المحاكم، ماذا كانت وجهتك؟ بعد تخرّجي مباشرة، توجهت إلى القسم الوطني، لكنني واصلت في كتابة مواضيع أمنية تخص الفضائح وتفاصيل جرائم القتل البشعة، وكذا استهلاك المخدرات الصلبة بكل أنواعها. لقد كنت أول صحافية أثارت فضيحة تحصل إبن والي ولاية الجزائر عبد القادر زوخ على شقة بصيغة "عدل" في بلدية أولاد فايت، كيف كان ذلك؟ تضحك مطولا... أجل، لقد كانت جريدة "النهار" أول من فجّر الفضيحة، وأتذكر جيدا أنني انتقلت إلى مكتب المدير العام السابق لمؤسسة تطوير السكن وتحسينه "عدل"، من أجل التحصل على تفاصيل القضية. لقد تعرضت إلى كثير من المضايقات في مشوارك المهني، وكان من بينها تعرضك للمراقبة من قبل المخابرات المغربية عند توجهك إلى المغرب لإجراء تحقيق حول قضية "رهبان تيبحيرين"، هل يمكن أن تكشفي لنا بعض تفاصيل القضية؟ أريد أن أشير هنا إلى مسؤولة النشر السيدة "سعاد عزوز" التي ساعدتني كثيرا لإنجاز التحقيق، بعد أن عرضت عليها التوجه إلى المغرب من أجل إتمام التحقيق، حيث قمت في البداية بربط اتصالاتي بأحد الرهبان الناجين من المجزرة في ولاية المدية، وهو الذي ساعدني في التحصل على عناوين رهبان آخر في المغرب، وبالفعل، تحصلت على الموافقة من رئاسة التحرير، وتوجهت في اليوم الموالي إلى المغرب، وما إن وصلنا إلى المطار، حتى أصبحنا أنا والمصور الذي رافقني تحت أعين مصالح الأمن والمخابرات المغربية، التي هددتني ومنعتني من إجراء التحقيق، بل قامت بتهديد مصادري بتصفيتهم لو تحدثوا إلي!. بعد الصحافة المكتوبة، وجهتك الموالية كانت السمعي البصري، وأول حصة قدّمتها ولا تزالين تشرفين على تقديمها، هي حصة "ما وراء الجدران"، فكيف أتت الفكرة، خاصة وأن الحصة أحدثت ضجة كبيرة وحققت نسبة مشاهدة عالية؟ هذا أمر يشرفني، أنت محقة، فبعد الصحافة المكتوبة التي علّمتني كثيرا، ولولاها لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، استقلت من الجريدة، لأنني كنت أرغب في خوض تجربة جديدة، وبالفعل التحقت بالقناة كصحافية عادية، لكن السيدة "سعاد عزوز" عيّنتي مسؤولة على قسم إنتاج "الريبورتاجات" والحصص في تلفزيون "النهار"، واقترحت عليَّ حصة "ما وراء الجدران" كحصة اجتماعية جديدة في الشبكة البرامجية، وفي أول حصة تصوير، قمنا باختيار صحافية لتقديم الحصة، لكنها لم تستطع أن تحقق ما كنا نطمح إليه، لذلك تشجعت وقمت بتقديمها، والحمد لله هي حصة ناجحة بشهادة المتابعين. تعالج الحصة قضايا اجتماعية كثيرة، هل تتأثر عائشة بوزمارن بذلك، وكيف تتعاملين مع الضيوف؟ في الحقيقة أصارحك أن كل القضايا تؤثر فيّ، خاصة تلك المتعلقة بالطفولة، وربما بسبب الأمومة، وأرى أطفالا صغارا بعمر أولادي وهم ضحايا لمجتمع لا يرحم، وهنا أريد أن أشير إلى أن هناك حالات تدمي القلب وتدمع لها العين لأشخاص مرّوا معنا في الحصة، لكنهم كانوا محل سخرية من قبل الجميع، وبالفعل هم ضحايا لمجتمع لا يرحم. أنت أم لطفلين، فكيف توازن عائشة بين حياتها الخاصة وعملها؟
أجل، لديَّ طفلين هما "فارس وكوثر"، لكنني أتلقى كل الدّعم من قبل زوجي الذي يشجعني يوميا، وسيساعدني في الموازنة بين عملي وبيتي.